يجلس معك فلان,, وقد حصل على شهادة عليا من جامعة (,,,,) في تخصص (,,,,) ويظل يزعجك بطريقة استعراضه لمعلوماته وكأنه الوحيد الفذ الذي استطاع ان يصعد سلم التعليم وحده دون شريك او شبيه فهو ينتظر ان يبادله الآخرون نظرات الانبهار والاعجاب وقد تكون هذه ردة فعل حقيقية للافراد الذين لا يفقهون في العلم شيئا ولكنها لن تكون كذلك لمن يتحلى بالثقة في النفس والوعي الفكري وليس العلمي فقط وفي الواقع فإن ما يجب ان ندركه جميعنا هو ان امتلاك معلومات معينة او غيرها ليس مكسبا بحد ذاته وانما المكسب الحقيقي هو ان نعرف ونعي كيف نوظف ما نملك توظيفا يثري مجتمعنا اكثر من ان يثير حولنا نظرات الاعجاب التي لن تشبع سوى بعض النقص ليس اكثر والحديث هنا يطرق موضوعا هاما وهو ما يخص الترجمة سواء اللفظية التي قد يستخدمها الفرد من باب الالقاء او الكتابية وهي التي تحويها الكتب او المجلات فكثير من الافراد الذين حصلوا على شهادات علمية او لنقل درجات علمية في اي تخصص من التخصصات نجدهم يتشدقون بما قرؤه في مراجع اجنبية دون اخذ الاعتبار لاي شيء اخر غير عملية الاستعراض بتلك المعلومات فقط لذلك نجد ان كثيرا من الكتب التي تترجم الى العربية للأسف تنقل لنا حتى الصيغة الاجنبية كما هي دون دقة صياغتها او تعريبها لفظيا كنوع من الحفاظ على اللغة العربية هذا جانب, اما من جانب اخر ومن حيث موضوع المعلومة نفسها فان الباحث نفسه او هذا الشخص المتعلم لابد ان يطوع المعلومات العلمية لواقع المجتمع الذي يعيش فيه بمعنى ان يأخذ ما يتناسب مع المجتمع ومع واقع الموضوع الذي يتحدث عنه فمثلا تعرض احيانا في بعض المراجع خطوات معينة ليكون التدريس ناجحا وتكون هذه المراجع اجنبية فيأتي الباحث ويقتبس تماما هذه الخطوات لينقلها بحذافيرها الى اي مجتمع عربي متناسيا ان لكل مجتمع اجنبي او عربي متغيراته وعناصره وطبيعته الاجتماعية بشكل عام خاصة ما يتعلق بالعلوم الاجتماعية او النفسية فمثلا قد تعرض لنا بعض الدراسات الاجنبية خطوات معينة لتعليم الطفل اي عادة سلوكية ايجابية مشيرة الى ان الاسرة الاجنبية في البلد (,,,) كذا مثلا تعاني من التفكك او بعض العادات السيئة خلقيا او اجتماعيا ثم يأتي هذا الباحث العربي الذي ينقل لنا هذه الخطوات الدراسية خطوة تلو خطوة متجاهلا تماما ان ما قد تشعر به المجتمعات الاخرى كنقطة ضعف قد يكون لدينا فيه نقطة قوة مثلا من خلال كون وضعية الاسرة لدينا في المجتمعات العربية اكثر ترابطا الامر الذي يذبذب الدراسة ويجعلها لا تطبق على مجتمعاتنا وما ارغب الاشارة اليه هنا هو اننا لم لا نحاول ان نبتكر ما نراه يصلح لتعديل مجتمعنا؟ لم نعتمد دائما على عمليات النقل العقيم فقط ولماذا لا نوظف اذهاننا بما يحسن ويطور ما نحتاج الى تطويره في اي جانب في حياتنا؟ فاذا كان بعضنا قد حصل على افضل الدرجات العلمية فالاولى ان يضيف ما يراه يتناسب مع الواقع في مجال علمه لا ان يترجم كتابا حتى لا يستطيع ان يحسن فيه الصياغة العربية بما يعطي مفهوم المعلومة!!
اما الشخص الذي فعلا لا يستطيع ان يضيف اي شيء جديد ايجابي ويكتفي فقط بترديد مادرسه فهو ليس الا آلة حفظت فيها المعلومات وهذه الآلة لاتدرك ولا تعي سوى وظيفة الترديد فقط فخورة بمسمى الشهادة ليس اكثر, اما على الواقع فقد فشلت في تحقيق ما قد يحققه الانسان بعقله من توظيف للمعلومات وتطوير للذات قبل اي شيء, فهل نستطيع جميعنا ان نطور انفسنا وننهض بمجتمعاتنا؟
والله ولي التوفيق,
نجلاء أحمد السويل