الشارع العربي في منتصف الخمسينيات
ونحن اطفال لا نعرف كيفية الجلوس على المقاعد بصورة جيدة.
كان اسم الوطن العربي من احب الأسماء الى قلوبنا الصغيرة التي لا تعرف آنذاك غير الحب والرغبة بان يكون العالم ساحة لعب وشواطىء للفرح وشوارع مفتوحة على شوارع اخرى.
واذكر أنني في الصف الثاني ابتدائي (تحضيري) كنت احفظ الأناشيد المدرسية عن ظهر قلب وارددها مع اصدقائي في الطرق منها على سبيل المثال:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان فمن نجد الى يمن الى مصر فتطوان فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان |
هكذا كنا في منتصف الخمسينيات.
حيث لا تصل الصحف اليومية الصادرة في دول المركز مثل مصر وسوريا وبيروت الا متأخرة بأسبوع او اكثر من وقت صدورها، وحيث لم نكن نعرف التلفزيون بقدر ما نتابع نشرات الأخبار في اكثر من اذاعة.
في الخمسينيات وقفنا ومعنا الشارع العربي وقفة رجل واحد ضد العدوان الثلاثي على مصر، وفي الخمسينيات طالبنا العالم بايقاف مهزلة محاكمة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد.
وفي الخمسينيات اذا صدر اي تصريح ضد احدى بلداننا العربية نخرج غاضبين في مظاهرات صاخبة منددين ومستنكرين ومطالبين هيئة الأمم بالوقوف الجاد ضد هذه المهازل، وتحقيق العدالة للشعوب العربية كبقية دول العالم المحبة للسلام.
اين الشارع العربي الآن مما يحدث من انتهاكات ضد دولة عربية مستقلة هي لبنان؟
أين الشارع العربي الآن من المطالبة بالوحدة الاقتصادية أو التكامل الاقتصادي العربي عن طريق التبادل التجاري والذي يعني ان يكون المال العربي للعرب يستثمره العرب أولاً قبل ان يتحول كنزاً مفتوحاً كمغارة علي بابا في يد الأجانب؟.
لا اعرف شخصياً الى متى سوف يظل الوطن العربي لعبة تلهو بها الدول الكبرى
الذي اعرفه جيداً ان الانهار لا تتوقف عن الجريان والا تحولت الى مستنقع.
وان من عادة العالم ان يتقدم للأمام.
ولكنني اشعر ونحن نتهيأ للدخول في الالفية الثالثة ان الشارع مصاب بما يمكن ان اطلق عليه مرض التراجع اليومي لمرحلة ما قبل النهضة, وما زلت ابحث في تشخيص هذه الحالة المرضية النادرة في العالم منذ عدة سنوات هل هناك من يساعدني في هذا التشخيص؟.