الكل منا يمر عليه في هذا الكون لحظات سعيدة وكذلك بالمقابل تمر عليه لحظات تعيسه لايستطيع التعايش معها إلا اذا صبر عليها حتى يستطيع تجاوز فترتها ومن هذه اللحظات لحظة الوداع التي يودعك فيها شخص عاش معك فترة طويلة من العمر وفجأة وبدون سابق انذار تجبره الظروف على الرحيل ويوادعك وتعيش من بعده فراغا كبير لان ذلك الشخص يعني لك الشيء الكثير، فهو بمثابة الأخ الصديق الذي تصارحه بما يدور في داخلك وما تواجه من مواقف مؤلمة قد يخفف عنك شيئا من تأثيرها ووطأتها وفي هذه الحالة يعتبر هذا الوداع وداعا مؤثرا فيك الى ان تتعايش مع الوضع من بعد فراق هذا الشخص العزيز ولو انك لاتستطيع نسيانه.
ولكن الوداع الأليم الذي تنزف جراحه معك طول العمر وخاصة انه وداع لارجعة فيه ابدا وداع أعز من خلق الله في هذه الدنيا بالنسبة لك ألا وهم والداك عندما تشاهدهما امامك يصارعان الموت وانت لاتستطيع ان تفعل أي شيء تجاههما لأن ذلك أمر الله عز وجل، تشاهدهما وهما يودعانك وداعا أخيرا,, وداعا لن يفارق ذاكرتك ومخيلتك ابدا، فكيف يفارقك وهو الذي رسم علامات الحزن على محياك طول العمر.
هذا ما تحكيه ملامح ذاك الشاب الذي اوشك على الانتهاء من دراسته الثانوية التي لم استطع مع مرور الايام ان اقف امامه موقف المتفرج، بل قدمت إليه وحاولت ان اجتاز حاجز الصمت والحزن الذي يخيّم عليه لانني الشخص العاطفي الذي تؤلمني آلام الآخرين وخاصة المنظر الحزين لانه ليس امامي الا ان تدمع عيناي أو انسحب بهدوء او اتظاهر بمظهر القوة والتحمل ولكنني ما انظر الى هذا الشاب الا وكأن السهام تتوغل بداخلي بسببه وتحرك الاشجان الحزينة التي لا استطيع مقاومتها حتى ولو بالكتمان,,,,, حكا لي مايعايشه من انواع الهموم والعذاب بنبرة حزينة, بسبب فقد والديه وهو في سن السادسة حيث تركاه يصارع انواع الهموم والعذاب ويخوض معركة الحياة منذ الصغر التي لايستطيع كل شخص شجاع الوقوف امامها ولكنه صمد بكل قوة وتحد,, صمد والتفاول يملؤه,, صمد رغم الاشواك التي غرست في طريقه انتصر على كل ما واجه من معوقات وصعاب رغم آثار حرمان الطفولة وعطفها الذي مازال يرافقه بسبب تلك الذئاب المفترسة التي يعيش بينها وهو مسالم يا لها من حياة قاسية,, اين العاطفة اين الود اين الرحمة اين القلوب الرحيمة اين السامع واين المجيب؟!,, هل ستؤثر علي هذه المعاملة القاسية التي صدرت من الشخص الذي اعتبره اقرب شخص لي بعد فقد والدي؟ هل ستعيق مشواري الدراسي، لا، بل سأقاوم رغم ذلك حتى يأتي اليوم الذي انتظره وانا على أحر من الجمر,, بسبب واقعي المؤلم الذي جعلني أتمنى لو أخذاني معهما في ذلك الوداع الطويل ولم يتركاني أعيش حزينا تركاني وأنا اتذكرهما في سن الطفولة كل ما أشاهد طفلاً بجوار والديه,.
أتخيلهما كل ما أرى شابا بجوار والده يوجهه ويترقب اليوم الذي يصبح فيه رجلا.
الا ليتني ودعت اخا اواختا او قريبا ولم اودع ابي وامي وأرجو الله ان يجمعني بهم في جنات النعيم.
خالد عبد العزيز السعد