Sunday 10th October, 1999 G No. 9873جريدة الجزيرة الأحد 1 ,رجب 1420 العدد 9873


أرسى أسس النقد الكلاسيكي
صموئيل جونسون,, موسوعية الثقافة وعلاقة الأدب بالتجربة الإنسانية
رضا الظاهر

تهدف سيرة حياة الكاتب الإنجليزي الشهير صموئيل جونسون (الذي يلقب عادة بالدكتور جونسون)، كما يرويها لورانس ليبكنغ، مؤلف كتاب (صموئيل جونسون: حياة مؤلف)، الصادر مؤخراً، تهدف إلى البرهنة على أن الكاتب يمكن أن يكون مأجوراً كما يمكن أن يكون بطلاً.
بل إن هذه السيرة تجادل بأن النماذج الأكاديمية قد تكون عجولة إلى حد ما في إعلان موت المؤلف الذي أعلنه رولان بارث.
وصموئيل جونسون واحد من أهم الكتاب في التاريخ الأدبي الإنجليزي، فهو جامع ومصنف أول قاموس كبير للغة الإنجليزية، وهو محرر شكسبير، وكاتب سيرة وناقد للشعراء الإنجليز، وواحد من أكثر المحدثين جاذبية في الثقافة الأدبية، ناهيكم عن وجهات نظره المميزة حول تجربة نساء القرن الثامن عشر في القضايا السياسية، وحول الامبريالية، والدين، والسفر, هذا إضافة إلى قصائده، ومقالاته النقدية، ورسائله، وكتاباته الصحفية.
ومن المعروف أن المعتقدات التقليدية ظلت تهيمن على موضوع تحليل حياة وفكر جونسون لفترة تزيد على ثلاثين سنة, غير أن عددا من النقاد تناولوا هذا الموضوع بمنهجية غير تقليدية، وبينهم المؤرخ جوناثان كلارك الذي كتب دراسات وأبحاثا عديدة عن الدين والايديولوجيا والسياسة في القرن الثامن عشر, وفي كتابه (صموئيل جونسون: الأدب، الدين، والقضايا الثقافية الإنجليزية منذ عودة الملكية إلى الرومانتيكية) الصادر عام 1994م، يقدم جونسون مختلفا تماما عن الشخصية البراغماتية الغريبة التي تظهر في صفحات كثير من دارسي الأدب الإنجليزي, إن التزامات جونسون وصراعاته في الدين والسياسة، التي ظلت غامضة منذ توماس ماكولي، السياسي والكاتب والمؤرخ البريطاني في القرن التاسع عشر، تجري إعادة بنائها في كتاب كلارك, ويجري الكشف عن دوره في الآليات الأدبية في عصره على خلفية سياق جديد للقضايا السياسية الثقافية الإنجليزية بين فترة عودة الملكية وحلول عصر الرومانتيكية.
أما كتاب لورانس ليبكنغ، الذي أشرنا إليه في البداية، فيدرس جونسون ليس من وجهة نظر لكونه شخصية شهيرة، وإنما من وجهة نظر تاريخ كتابته وتطور سيرته كمؤلف, وموضوعة ليبكنغ هي أن التحولات التي مر بها جونسون في سيرته لعبت دوراً كبيراً في صياغة ما نعتقده حول الكتاب، وفي هذه الناحية يبذل ليبكنغ جهداً كبيرا في دراسة كلمات جونسون المكتوبة, وبينما قد يفكر المرء، أولياً، أن طريقة المعالجة هذه تحاكي، في جانب منها، طريقة معالجة كيرنان، الذي ألف كتاب (صموئيل جونسون وتأثير الطباعة)، فإن ليبكنغ أقل اهتماماً، في الواقع بصناعة النشر, إن مقارنة أكثر مباشرة يمكن أن تكون مع كتاب دي ماريا الموسوم (صموئيل جونسون)، مع أنها مقارنة تبدو ضعيفة, وشأن كتاب ليبكنغ يحلل كتاب دي ماريا كتابات جونسون، غير أن ليبكنغ أقل اهتماما بالنص، وأكثر تركيزاً على الكتابة.
ولد صموئيل جونسون عام 1709م لأب يعمل بائع كتب، فكانت نشأته هذه عاملا مؤثرا في ارتباطه بقضايا النشر والطباعة, وكان يعاني من الفقر الذي لازمه خلال سنوات دراسته في الكلية، وخلال الفترة بين مغادرته الدراسة في أوسكفورد ووفاة والده عام 1731م كان يعاني من إجهاد ذهني حاد, وتركز عمل جونسون في سنواته الأولى على الكتابة إلى الصحافة، والترجمة عن الفرنسية، وتحرير، وكتابة مقدمات، ومقالات، وسير حياة، فضلا عن قصائده، وبعض الأشعار التي كتبها باللاتينية,
وفي عام 1738 نشر قصيدته (لندن)، وفي عام 1749 نشر (غرور الرغبات الإنسانية)، وكانت أول عمل شعري يحمل اسمه, وكان هذان العملان الشعريان مساهمة بارزة في الشعر الإنجليزي, وفي عام 1750 بدأ إصدار مجلة دورية تحت اسم (رامبلر) كانت معظم مساهماتها بقلمه, ونشر القاموس الذي جمعه وصنفه عام 1755 بعد تسعة أعوام من العمل, وقد عزز هذا من سمعته وحقق له درجة التخرج من أوكسفورد, وأرسى جونسون قواعد نصوص حديثة لشكسبير عام 1765، مركزا على الإلهام الشعري والتذوق الجمالي, وخلال سنوات 1779 - 1781 كتب (حياة الشعراء الإنجليز),وتناول جونسون بالنقد أولئك الذين يحكمون على القضايا الأدبية بالعقيدة، وليس بالادراك العقلي, وأصر على أن الرأي الأدبي يجب أن يرتبط بالخبرة، وأكد على أهمية التجربة الإنسانية بالنسبة للعمل الأدبي, وتكمن عظمة جونسون كناقد في ثقافته الموسوعية، ووضوح أسسه النقدية، وأخلاقية مفاهيمها العامة, وتكشف المقدمة التي كتبها جونسون للطبعة التي أصدرها لأعمال شكسبير عن مكانته البارزة كناقد أدبي.
إن سمعة جونسون لا تعتمد فقط على إنجازاته الإبداعية، وإنما أيضا على ما كتبه جيمس بوزويل عنه وعن إنجازاته الأدبية، ونزعته الإنسانية، وجوانب أخرى مضيئة كثيرة في شخصيته, وكان جونسون قد التقى عام 1763 بكاتب سيرته بوزويل الذي يعتبر كتابه (حياة جونسون) من أهم المصادر الكلاسيكية عن الكاتب الإنجليزي الكبير.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved