Saturday 9th October, 1999 G No. 9872جريدة الجزيرة السبت 29 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9872


قلوبهم غير مأمونة على الثبات
جحود الرجال,, طبيعة متأصلة,, أم حالات فردية واردة؟!

عزيزتي الجزيرة
كثيراً ما تتساءل المرأة: ما الذي يغير الرجل؟! لماذا يتحول فجأة بدون مقدمات وبدون ان تكون هناك اسباب واضحة؟!.
- الحقيقة ان مسألة التغير تحدث للمرأة كما تحدث للرجل ولكن بنسبة لا تقبل المقارنة، ذلك ان عنصر الثبات عند الرجل اضعف بكثير منه عند المرأة,, لذلك تعاني المرأة من شدة وطأة تقلبات مزاج زوجها وسرعة سأمه وملله,, وتبعاً لذلك تقع على عاتقها مسئولية كبيرة تدور حول محور ضرورة استقطاب اهتمام زوجها ودفع عادية الملل عن نفسه طيلة حياتها معه ما أمكنها ذلك,.
إلا اني لست بصدد الحديث عن طرائف مواجهة الزوجة لتلك المشكلة التي غالباً ما تعترض مسيرة حياتها الزوجية، لأني تعرضت للكتابة عن ذلك في مقالات سابقة,, لكنني احاول من خلال هذه المقالة ان انقل الى القراء الكرام صوراً من الجحود الذي يمارسه (بعض) الرجال تجاه زوجاتهم المخلصات اللواتي لايدخرن جهداً في سبيل اسعادهم ضاربات اروع الامثلة في التضحية العظيمة والتفاني غير المحدود,.
* الصورة الاولى:
زوجة وفية مخلصة منحت زوجها مهجتها راضية مغتبطة,, رفضت ذوي الميزات ممن تقدموا لخطبتها وقبلت به,, عاشت معه قنوعة صابرة على فقره وقلة ذات يده,, لم تشك يوماً من جفاف حياتها معه، ولم تترفع عن مستوى معيشته,, شاطرته حياته بحلوها ومرها وعلقمها دائبة على خدمته وخدمة اهله دون ان تنبس مطلقاً بكلمة تضجر تشعر بالملل او السأم,, بل احتملت كل ذلك بقلب صبور وجنان وقور,, وما ان لاح ضياء الفرج في افق حياة زوجها معلناً عن استهلال حياة مترفة جديدة مغايرة لما كان عليه واقعه البائس، ما ان تغير نمط عمله وزاد مقدار دخله حتى نكبها نكبة لم تخطر لها على بال ولم تحسب لها في يوم حساباً!! وبين يوم وليلة ركل زوجته الصابرة بعيداً عن حيز اهتمامه وجعلها معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، ثم تزوج فتاة غراً صغيرة بنت اربع عشرة سنة وقصر عليها كل نعيمه وجناته التي فتح الله عليه بها,, فعل كل ذلك بعدما شاب ابناؤه وشب عن الطوق احفاده!! فأي جحود بعد هذا الجحود؟!.
* الصورة الثانية:
طلق احدهم زوجته وقد انجبت له من الابناء اربعة: بنتين وولدين,, ولما سئل عن سبب ذلك قال بكل سطحية فكر وتفاهة عقل: انا أريد زوجة عشرة توسع الصدر! وليست سمراء!!.
ولا ادري حقيقة لماذا لم يكتشف هذا الرجل تلك العيوب في زوجته الا بعد انجاب اربعة اطفال وقعوا ضحية تفكير والدهم القاصر!!.
* الصورة الثالية:
طلق ثان زوجته ولها من الابناء ستة ليبدأ رحلة البحث عن موظفة تشاركه مسئويات الانفاق ومواجهة تكاليف الحياة المرهقة بعد ما رأى رفاقه يتسابقون الى الاقتران بزوجات موظفات!! (لا تعليق)!.
* الصورة الرابعة:
احدى الزوجات العاملات كانت تقتصد ما استطاعت في نفقاتها وتضع الريال على الريال لتساعد زوجها على جمع مبلغ من المال لبناء مسكن لاسرتهما الصغيرة,, مرت سنوات حتى اشتريا ارضاً، واصبحا كلما جمعا مبلغاً من المال يضعانه في بناء جزء من بيتهما (بيت الاحلام),, ولما استوى ذلك البناء قائماً وعلت شرفاته شرعا يؤثثانه بكل ما كانا يتمنيانه,, وما ان اكتمل حلم الزوجة فوضعت قدمها على عتبة الدار حتى فوجئت بوجود ضرة لها قد استقلت بالدور العلوي من البيت الذي بنته من عرقها وفرطت من اجله بأحلى رغباتها واشهى امنياتها,, وكانت الطامة الكبرى حين خيّرها ذلك الزوج بين قبول ذلك الوضع على ما هو عليه او الرحيل بصمت بدون اية استحقاقات او تعويضات دونما مراعاة لما يمليه الشرع من عدل وانصاف!!.
* الصور الخامسة:
زوجة ألح عليها زوجها لتخطب له اخرى، ولأجل ذلك امطرها بالوعود الخلابة بأن يكون طوع بنانها، يحفظ لها ودها ويغمرها بما تشتهيه نفسها,, وفي لحظة غير مدروسة وافقته على طلبه وذهبت منتشية بدلاله ومغترة بوعوده ومعسول كلامه لتخطب له!!.
وكان له ما اراد,, الا انها ادركت بعد فوات الاوان بالطبع ان وعوده تلك ما كانت الا بروقاً خلبا,, ادركت انه لن يجود بما وعد الا ان جادت الصخرة الصماء بالماء الزلال!! حيث تركها وترك اطفاله منها دونما ادنى اهتمام او تفقد لاحوالها، مع تقتير عظيم في الانفاق عليهم بما يخص ضروريات الحياة فكيف بكمالياتها؟!.
هكذا وبكل بساطة نسي تفانيها في خدمته,, نسي طاعتها العمياء له,, نسي صبرها الطويل على سهراته مع اصدقائة وليالي سُكره وشرابه! لما من الله عليه بسلوك الطريق المستقيم، لما آن لها ان تقطف ثمار صبرها وتحملها وتهنأ بعيشها مع زوجها,, نسي كل افضالها بمجرد ما وجد امرأة اخرى تفضلها ببعض الصفات والمميزات!!.
لم يكتف صاحبنا بحرمانها من حقوقها المادية المتعقلة بشئون الانفاق بل تعدى الامر الى التضييق عليها في كل سبل الحياة فلا خروج ولا زيارة ولا استقبال ضيوف من معارفها الا بعد اذن مسبق نتيجتها الرفض سلفاً على الغالب الأعم!! وفضلاً عن كل ما سبق لم يتورع ذلك الزوج الهمام! عن قتل احساس زوجته بالانوثة، وهو قتل اهون منه قتلها وانهاء حياتها,, اذ حرمها من ابسط حقوقها الشرعية (حق المبيت) فكانت تقول لي شاكية باكية بصوت متهدج والدموع تسيل بحرقة على وجنتيها: لماذا بربك يتركني هكذا ببساطة؟! ألست امرأة يا ليلى؟! ألست امرأة؟!!.
* اشارات حمراء:
- قال تعالي: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والارض فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا),.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظلم ظلمات يوم القيامة ,.
- وقال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف),.
عزيزتي الجزيرة:
هذا غيض من فيض,, وقليل من كثير,, يعيدني مرة ثانية الى ما استفتحت به مقالتي عن حقيقة تغير الرجل وتحوله المفاجئ,, علماً بأني لا اصادر هنا حرية الزواج ولا اناقش مشروعية التعدد بقدر ما احاول ان اصور الانعكاسات السيئة التي ترتسم في حياة الطرف الأضعف المرأة جراء جحود بعض الرجال!.
تلك الانعكاسات التي رسمت ظلالها الداكنة بدورها في نفوس غير المجربات مما جعل كثيراً من الفتيات يتحرجن من الموافقة على الزواج من الرجال المتزوجين رغم استقامة دينهم وكمال صفاتهم واخلاقهم خوفاً من ان يكن سبباً في ظلم زوجاتهم السابقات!!.
وكأني ببعض القراء يتساءلون بقولهم: كيف يكون ذلك ما دام الرجل متديناً وخلوقاً؟!.
- وللاجابة اقول: إن قلب الرجل غير مأمون على الثبات، وحيث انه كذلك فالميل وارد الى زوجة بذاتها دون الاخرى, وقد تعرف الفتاة في نفسها واهل مكة ادرى بشعابها ! قد تعرف ما يخولها للحكم على نتيجة زواجها من مثل ذلك الرجل، كأن تدرك انها تملك جملة من الصفات التي تؤهلها لتكون اثيرة دون غيرها عند زوجها!! فتحجم عن الموافقة وقبول الاقتران خوفاً من ان تكون سبباً في ظلم الغير كما اسلفت!.
فضلاً عن احاطة الفتاة بالاسباب الباعثة على الزواج الثاني و الثالث والرابع لدى اكثر الرجال حالياً!! ولعل (الواقع) المر الذي تراه الفتاة ممثلاً في حياة (المعددين)، اقول لعل ذلك الواقع قد حول مخاوفها المتخيلة الى يقين يؤكد الاستنتاجات التي نخرج بها اذا ما تأملنا في احوال الراغبين في التعدد، وهي على التوالي:
1 - الملل والسأم والرغبة في التغيير! (الدعوى عندهم سيارات وموديلات)!!
2 - تغير نمط العمل وزيادة الدخل المادي! (يعني يتزوجون بطراً)!!
3 - مبدأ التقليد او المحاكاة ومحاولة تجربة ما يتحدث عنه الآخرون!! (يعني مع الخيل يا شقراء)!
4 - محاولة اصلاح حال واخلاق الزوجة الاولى! (اي تكون الثانية مجرد عصا لتأديب الاولى)!
ولأن الفتاة المتيقظة تدرك ان تلك البواعث غير مقنعة بقبول الاقتران بالمتزوج لأنها ببساطة تجعلها عرضة لأن تكون قديمة بعد ان كانت جديدة ! فلا امان ولا ثبات ولا بقاء، ودوام الحال من المحال كما يقولون!! اقول بالرغم من ان فتاة اليوم غير مقتنعة بتلك البواعث فإنها قد تقتنع بسبب لا ينبغي ان نتجاهله من باب الانصاف وهو الحاجة الفعلية القائمة على ضرورة حقيقية كمرض الزوجة او عجزها عن القيام بحقوق زوجها، او الرغبة في اتباع السنة وتكثير سواد الامة، ومع ذلك نرى الفتاة تقتنع بالسبب ولكنها ترفض الاقتران من مبدأ الخوف من ان تكون سبباً في ظلم الغير كما اكدت سابقاً!.
إذاً,, فكل هذه التشعبات توصلنا الى جملة من الاستفهامات المحيرة,, فيا عزيزتي الجزيرة: أيهما اكبر يا ترى,, نسبة الجحود والنكران أم نسبة الهيموجلوبين في دماء الرجال؟! وما مغزى وابعاد مقولة توفيق الحكيم عندما قال متحدثاً عن نفسه وربما مترجماً شعور غيره: انني لا يمكن ان احب امرأة موجودة امامي طوال الوقت !.
وعلام يدل قول الشاعر الذي ينبئنا في معرض تجربة واحدة عن عدة تجارب سابقة! في قوله:
محا حُبها حُب الاولي كُن قبلها
وحلت مكاناً لم يكن حُل من قبل!!
وبم نفسر قول اوسكار وايلد حينما قال: عندما يحب الرجل امرأة فإنه يفعل اي شيء من اجلها اللهم الا شيئاً واحداً هو ان يستمر على حبها !.
وما مدى واقعية تلك القصة الشعبية التي تحكي عن قصة زوج توفيت زوجته اثر لسعة عقرب، فصار يُضحي لزوجته كل عام تعبيراً عن حبه ووفائه لها، ولما اشار عليه اصدقاؤه بالزواج مرة ثانية استجاب لهم بعد عدة سنوات من وفاة زوجته، وما ان فعل حتى اصبح يُضحي للعقرب التي لسعتها فكانت سبباً في زواجه من غيرها!!!.
عزيزتي الجزيرة: (وشهد شاهد من اهلها)! اظن ان اجابة تلك الاسئلة مضمنة في قول الدكتور زكريا ابراهيم (حقيقة الرجل انما هي حقيقة ديناميكية او ارادة متقلبة لا تعرف الوفاء، فليس بدعاً ان نراه يعشق بسرعة ويهجر بسرعة، في حين ان المرأة لا تحب الا بعد لأي، ولا تتخلى عن حبها الا بصعوبة كبرى !!.
أخيراً,, أختم مقالتي هذه يا عزيزتي باستفهام مختلف غرضه التقرير والاثبات لا البحث عن اجابة! فهل ثمة مسئول يا عزيزتي عن تشوية صورة التعدد غير الرجال انفسهم؟!!.
* ابتسامة:
طلق احدهم زوجته فقالت له: أبعد صحبة خمسين سنة؟! فقال: مالكِ عندنا ذنب غيره!!.
ليلى بنت محمد المقبل
بريدة
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
ملحق المجمعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved