عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد
تعتمد التربية - بالدرجة الاولى - على ايصال المعلومات الى الطالب بطريقة سهلة ميسرة دون ان يصيبه اذى او ضرر جسدي او نفسي، فهي كاسمها: التربية والتعليم، وقد يعمد بعض القائمين على التعليم الى العقاب البدني للطالب ، من الضرب او الايقاف في الفصل، او امام الزملاء، في ساحة المدرسة، او الوعيد والتخويف وتغليظ الكلام للطالب، وذلك عقابا على ادنى تقصير من الطالب ، او ادنى حد يرى انه موجب لهذه العقوبة، ونحن مع المدرسة مديرا وموجها وغيرهما في لزوم الاصلاح والتقويم للطالب، والاخذ بيده الى شاطىء الاصلاح والصلاح والنجاح، ولكننا ايضا مع التدرج في سبيل الاصلاح ، فنبدأ بالطرق الهادئة الوادعة من النصيحة والتوجيه، ولنا في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الاسوة الحسنة، قال تعالى: ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظ الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن سوة النحل 125 فبدأ بالحكمة وهي الدعوة بالعلم وبالاقرب الى الذهن، وبالرفق، ثم بالموعظة الحسنة، وهي الامر والنهي المعروف بالترغب والترهيب، وغير خاف على اي مسؤول في المدرسة، او في وزارة المعارف اختلاف درجات الطلاب ومستوياتهم عقليا، وفكريا، وذهنيا، ونفسيا، فربما ادى العقاب البدني - لاقدر الله - الى صدمات نفسية لا تحمد عقباها، وقد تتطور هذه الصدمات فتودي بحياة الطالب العلمية وتؤدي به الى ترك الدراسة، والانضمام الى قافلة الضائعين والسائبين والتائهين، فيتحول هذا الطالب من لبنة في بناء مجتمعه ، وقطعة غيار صالحة في ماكينة امته الى قوة ضاربة ضد الامة والمجتمع وحجر عثرة في مسيرتنا الراشدة المباركة الآمنة، ويصبح سلاحا موجها ضد امته ومجتمعه ووطنه، من حيث لايشعر، بل من حيث لا يشعر المسؤول في المدرسة الذي اوصله الى هذا المستوى المتدني فكريا وعقليا.
ولعلي لا اكون مبالغا او نائيا عن الصواب اذا قلت ان بقاء بعض مديري المدارس قائما على ادارة المدرسة مدة طويلة قد تتجاوز عشر سنوات من ابرز الاسباب فيما وصل اليه مستوى طلابنا من تدنٍّ ظاهر، وتسيب يرى بالعيان.
فاذا طالت مدة المدير في المدرسة نسي العمل الاساس - التربية والتعليم - ولم يبق في فكره وذهنه الا الاوامر والنواهي التي يصدرها والتسلط على طلابه، فتكون هذه هي الاصل، وهي المبرر عنده لبقائه على كرسي المدرسة، دون شعور بوظيفته الاصلية التي يأخذ راتبه اجرا عليها - التربية والتعليم - فهو مع طول الوقت اصبح آلة روتينية، ذات أداء متكرر لا يتجدد ولا يتغير، ولعل عدم التجديد في الادارة لبعض مديري المدارس يحسن الوضع القائم، ويرجع البقية الباقية منهم الى الرشاد والصواب، خوفا من فقد المنصب، وانما قلنا المنصب، لان سعادة المدير يراه كذلك، والا فهو موقع تربوي، تعليمي ، ارشادي ، اصلاحي دعوي، ولئن تكلمنا عن سعادة المدير، فلاننسى المرشد الطلابي في المدرسة ، فهو يتعامل مع الطالب، ومع ولي الامر تعاملا مقرونا بالتحدي، وبالارسال دون الاستقبال فهو كاسمه مرشد، ولكنه لايسترشد, وعمله مقرون بالتحدي، وكأنه لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما دام الامر كذلك فليس هناك اخذ وعطاء، ومفاهمة بالتي هي احسن، وليس هناك تقدير لولي الامر لان هذا المعروف ب ولي الامر دائما جاهل، يحتاج الى ان يُقوّم ويُفهّم بل يحتاج الى ان يؤدَّب وان يُخبر بأخطاء ابنه، واخطائه تجاه ابنه، وتجاه المدرسة، اما ان يكون لبنة في بناء، يستفاد منه، ومن علمه اذا كان متعلما ومن خبرته اذا كان مسنا عاقلا، فهذا امر مستبعد عند الكثير من المرشدين - هداهم الله واذا كان الوضع كذلك فهذا يتطلب اعادة النظر في وضع المرشدين الطلابيين، وارشادهم وتعريفهم بمسئوليتهم واستبعاد غير الصالح منهم الى عمل غير قيادي، وهذا الاجراء ليس عيبا عليهم ولا عيبا على الامة، بل هو حكمة، والحكمة كما يقول العلماء هي وضع الشيء في موضعه فنحن اذا استبعدنا بعض المرشدين، ووضعناه في عمل يليق به، غير قيادي، فقد وضعنا الشيء في موضعه، واخذنا بمبدأ الحكمة، وبذلك نسير بمدارسنا وبأجيالنا القادمة وشبابنا الى شاطىء الامان ، ونجنبهم - باذن الله - الهاوية التي قد يقودهم اليها بعض مديري المدارس والمرشدين الطلابيين، الذين لايعون من مسؤوليتهم الا انها قيادة وعلو على الناس، ولا ننسى، ولاننكر في ختام هذه الكلمة وجود مديري مدارس، ووجود مرشدين، على مستوى المسؤولية وعلى قدر عال من العلم والفهم والوعي لمسؤولياتهم، والقيام بأعباء اعمالهم على احسن وجه، واداء وظيفتهم التعليمية والتربوية على اكمل صورة.
بل ان بعضهم يعتبرون نماذج للوعي والادراك والتعاون مع ولي الامر، وهذا مصداق لما جاء في السنة ان الخير باق في هذه الامة الى قيام الساعة ولاتزال طائفة من امة محمد على الحق منصورة الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حمود النجدي