د,محمد حنين أستاذ القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط القواسم المشتركة أسهمت في تمتين العلاقات السعودية المغربية |
* الرباط - لطيفة سبأ
أكد الدكتور محمد حنين أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط ان العلاقات السعودية المغربية تتسم بمتانة اواصرها وقوة مرتكزاتها.
وأرجع نجاح العلاقات الثنائية الى القواسم المشتركة بين البلدين بما يتسمان به من سياسة هادئة ومعتدلة وايمان قوي بالمصير العربي المشترك.
وحول مدى فاعلية الاتحاد المغاربي في تحقيق تطلعاته وأهدافه أكد الدكتور حنين ان الاتحاد تمكن من اجتياز مرحلة التأسيس واستكمال اقامة هياكله، لكنه على مستوى الانجازات الملموسة عجزت هياكله عن ممارسة وظائفها بكيفية عادية، حيث اصطدم بمجموعة من العقبات اعاقت تحقيق الانجازات المنتظرة.
جاء ذلك ضمن لقاء أجرته الجزيرة مع الدكتور محمد حنين بمناسبة زيارة سمو ولي العهد الى المغرب، حيث كانت تفاصيل الحوار كما يلي:
* ما تقييمكم للعلاقات السعودية المغربية؟
- تتسم العلاقات السعودية المغربية بمتانة أواصرها وقوة مرتكزاتها، فهي تقوم على أسس ثابتة ترتكز على روابط الدين والدم واللغة والتاريخ والمصير المشترك, فمنذ استقلال المغرب ابرم مع المملكة العربية السعودية معاهدة الأخوة والصداقة والتعاون سنة 1958, ولابد من التأكيد على ان العلاقات العريقة بين البلدين الشقيقين لا تمليها مصالح أو أهداف مؤقتة أو مرحلية وانما تنطوي على تحقيق أهداف سامية تتجاوز ما هو قطري الى ما هو عربي واسلامي شامل كما أنها تنطلق من ثوابت تضفي عليها طابع الأخوة والتضامن.
والواقع ان نجاح هذه العلاقات وتطورها يرجع الى القواسم المشتركة بين الدولتين، فنهجهما لسياسة هادئة ومعتدلة وايمانهما القوي بالمصير العربي المشترك فضلا عن قدرتهما على سيادة الأمن والاستقرار وتطور وتيرة النمو بكل منهما، كلها عوامل أدت الى جعل هاتين الدولتين المنطلق الرئيسي للاستقرار والتوازن في الوطن العربي.
وبالاضافة الى ذلك أدى عمق الروابط التاريخية بين البلدين الى التنسيق المستمر في المواقف من أجل خدمة التضامن العربي والاسلامي ونصرة القضايا العربية العادلة والمساعدة على حل المنازعات والخلافات بين الأشقاء في الأقطار العربية.
والى جانب جودة العلاقات على المستوى السياسي وتطورها الديناميكي فإن الدولتين تطمحان في تطوير علاقاتهما على المستوى الاقتصادي، وبالفعل فإنه بالرغم من ان العلاقات الاقتصادية والثنائية يؤطرها الاتفاق المبرم بين البلدين منذ 1966 فان حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بحاجة الى نمو يرقى الى طموحات الشعبين الشقيقين.
وعلى المستوى الثقافي فإن العلاقات الثنائية بين البلدين تحتاج بدورها الى جهد أكبر لتجسيد الطموحات والتطلعات السياسية، باستثناء تبادل تنظيم بعض الأسابيع الثقافية وتبادل زيارات بعض المثقفين والباحثين فإن المجالات الثقافية الأخرى مازالت بحاجة الى الاهتمام اللازم حتى يتحقق اشعاع ثقافي يعكس متانة الروابط الثقافية والحضارية بين البلدين.
ولاشك ان تطور العلاقات السياسية بين البلدين يسمح بتعبئة الجهود من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية الثنائية وفتح مجالات جديدة للتعاون في مختلف القطاعات بكيفية متجددة حتى تستكمل العلاقات السعودية المغربية جميع الشروط لتشكل نموذجا ناجحا للعلاقات الثنائية.
عقبات أمام الاتحاد المغاربي
* ماهي آفاق اتحاد المغرب العربي؟
- كان قيام اتحاد المغرب العربي سنة 1989 حدثا اقليميا ودوليا بارز المعالم باعتباره مشروعا سياسيا حضاريا علقت عليه الآمال وأماني الشعوب المغاربية في تحقيق انجازات ملموسة ووضع قواعد مشتركة تجسد التضامن الفعلي بين أقطاره وتؤمن تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، وبالفعل أكدت ديباجة معاهدة مراكش المحدثة لهذا الاتحاد انه نتاج لما يجمع شعوب المغرب العربي من أواصر متينة قوامها الاشتراك في التاريخ والدين واللغة وهو استجابة لتطلعات الشعوب والقادة الى تعزيز ما يربطها من علاقات واعتماد السبل الملائمة لتسير تدريجيا نحو تحقيق اندماج أشمل فيما بينها.
* والآن بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ميلاد هذا الاتحاد هل فعلا حققت هذه الأهداف المعلنة اثناء التأسيس؟
- ان وضعية الجمود الحالية للاتحاد تسهل الاجابة على هذا السؤال، صحيح ان الاتحاد تمكن من اجتياز مرحلة التأسيس واستكمال اقامة هياكله، كما أنه أبرم مجموعة من الاتفاقيات تتعلق بالميادين الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية، لكنه على مستوى الانجازات الملموسة توقف عند استكمال الهياكل لتعجز هذه الهياكل عن ممارسة وظائفها بكيفية عادية, وبالفعل فلقد اصطدم الاتحاد بمجموعة من العقبات.
وبسبب العقبات مازال الاتحاد عاجزا عن القيام بمهامه بالرغم من الادارة السياسية لجميع قادة المغرب العربي الذين يصرون باستمرار في خطاباتهم وتصريحاتهم على الالتزام بتفعيل الاتحاد.
وبالفعل فإن اتحاد المغرب العربي اصبح ضرورة ملحة لمواجهة التحديات التي اصبحت تفرضها التكتلات الاقتصادية على المستوى الاقليمي والدولي، خاصة بعد تشكيل الاتحاد الأوروبي والتهيئة طبقا لمؤتمر برشلونة المنعقد سنة 1995 لاقامة منطقة للتبادل الحر في أفق 2010 بالاضافة الى اتفاقيات الشراكة بين الاقطار المغاربية والاتحاد الأوروبي, فلا يمكن لدول المغرب العربي اثبات قدرتها على التفاوض وبالتالي الدفاع عن مصالحها إلا في اطار تكتل قوي له استراتيجية سياسية واقتصادية وتنموية موحدة، حيث ان التحديات الراهنة والمقبلة لا تسمح باستمرار المغرب العربي المتعدد الأطراف، لذلك فإنه اصبح من اللازم اكثر من أي وقت مضى تذويب الخلافات الثنائية والتعبئة الجماعية من أجل اقامة اتحاد قادر على مواجهة التحديات وبالتالي تحقيق آمال الشعوب المغاربية.
تأرجح تاريخي
في العلاقات المغربية الجزائرية
* ما تقييمكم لعلاقات المغرب والجزائر؟
- تتأرجح العلاقات المغربية الجزائرية تاريخيا بين فترة التأزم وفترة التفاهم والتعاون، وهو ما يبرز ان هذه العلاقات ظلت تتسم بعدم الثقة الأمر الذي يطرح التساؤل حول هذه الظاهرة التي طبعت علاقات البلدين الجارين.
* هل هي نتيجة للإرث الذي خلفه الاستعمار الفرنسي والذي استعصى على الدولتين التخلص من رواسبه منذ حصولهما على الاستقلال؟ أم انها مسألة طبيعية باعتبار العامل الجغرافي وما يفرضه من تعاون مشترك لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة؟
على العموم ترجع أهم أسباب التوتر الى مخلفات الاستعمار سواء فيما يتعلق بالنزاع على الحدود سنة 1963 أو فيما يتعلق بقضية الصحراء منذ 1975, واذا كان النزاع على الحدود قد تحول الى مواجهة مسلحة مباشرة بين المغرب والجزائر في خريف 1963، فإن قضية الصحراء أدت الى توتر علاقات البلدين بكيفية مستمرة منذ ان استرجع المغرب أقاليمه الجنوبية من السيطرة الأسبانية، ولقد تخللت مرحلة التوتر فترات للتقارب بفضل وساطة بعض الاشقاء، ولا ينبغي هنا ان ننسى الدور الرائد الذي لعبته المملكة العربية السعودية للوساطة بين البلدين حيث توجت هذه الوساطة بعقد لقاءين تاريخيين.
- اللقاء الأول عقد سنة 1988 بين العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على الحدود المغربية الجزائرية وكان من نتائج هذا اللقاء التقارب الجزائري المغربي واستئناف علاقاتهما الدبلوماسية.
- اللقاء الثاني عقد بزرالدة الجزائرية في يونيو 1988 وذلك على هامش القمة العربية التي عقدت بالجزائر حيث شارك خادم الحرمين الشريفين في لقاء قمة مغاربية جمعت قادة كل من ليبيا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وهو اللقاء الذي مهد لقيام اتحاد المغرب العربي.
غير انه منذ 1994 عاد التوتر الى العلاقات المغربية الجزائرية حيث اغلقت الحدود بين البلدين وتم تطبيق نظام التأشيرة من الجانبين المغربي والجزائري, واستمر هذا التوتر الى 1999.
* لماذا الربط المستمر بين العلاقات الثنائية للبلدين وقضية الصحراء؟.
- في اعتقادي ترتبط قضية الصحراء بالدرجة الأولى بموازين القوى داخل المغرب العربي حيث في اطاره نشأت وفي كنفه تعقدت وفي ظله يمكن التوصل الى تسويتها.
ومن المؤكد ان تسوية قضية الصحراء ستعطي دفعة جديدة لآفاق التعاون المثمر بين المغرب والجزائر وستزول عندئذ العقبات التي تقف أمام تفعيل اتحاد المغرب العربي.
سيرة ذاتية
* الدكتور محمد حنين,, تاريخ الميلاد 1962.
* أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية جامعة محمد الخامس بالرباط.
* له عدد من المؤلفات في مجال العلاقات الدولية والقانون الدولي.
* له بحوث متخصصة في العلاقات الدولية من بينها:
- منع استعمال القوة في العلاقات الدولية.
- المهمات الجديدة لقوات حفظ السلام الدولية.
* له اهتمامات بالقضايا الاقتصادية والمالية على الصعيد الوطني والدولي.
* له مؤلف حول موضوع المالية العامة.
|
|
|