شرهتنا كبيرة يا وزارة الشؤون الإسلامية د, عبدالله ناصر الفوزان |
عندما تحتاج إحدى الجهات الحكومية عندنا إلى إجراء دراسة تنظيمية أو مشورة أو أي مساعدة إدارية أو فنية ويكون هناك مصدر حكومي يقدم الخدمة المطلوبة مجاناً وعلى أعلى مستوى من الجودة بحكم ما يتوفر له من الخبرة الطويلة الجيدة والكفاءات الوطنية المقتدرة، ثم لا تقوم تلك الجهة الحكومية المحتاجة لإجراء الدراسة أو للخدمة بالاستعانة بهذا المصدر الحكومي القدير المجاني الخدمة، بل تسند المهمة إلى مصدر آخر في القطاع الخاص أقل خبرة وربما كفاءة وإمكانات وبمقابل مادي كبير يصرف من خزينة الدولة فماذا يمكن أن نقول عن ذلك خاصة في هذا الظرف الذي تعاني فيه الدولة من تراجع في الإيرادات,,؟؟؟
لو أن وزارة فعلت ذلك غير وزارة الشؤون الإسلامية لربما قال البعض إن ذلك كان جهلا فادحا، أو مجاملة على حساب المال العام، ولكن طبعاً لايمكن أن يقال ذلك عن وزارة الشؤون الإسلامية التي ينظر لها الجميع- بحكم طبيعة مسؤوليتها على الأقل- على أنها القدوة في الوعي والمعرفة والنزاهة والحفاظ على المال العام، والركون إلى مبررات مقبولة في مختلف قراراتها,,,, وإذن فما هي يا ترى تلك المبررات الوجيهة التي جعلت وزارة الشؤون الإسلامية لا تستعين بمعهد الإدارة العامة وهو الجهة التي أوجدتها الدولة وصرفت عليه مئات الملايين ولا تزال تصرف عليه الكثير سنوياً ليكون مصدراً متخصصاً عالي الكفاءة يقدم التدريب والمشورة للأجهزة الحكومية بالمجان، وتوقع عقداً مع إحدى مؤسسات القطاع الخاص لتنفيذ مشروعها التنظيمي إعداد وتطوير النظم؟؟ الإدارية والتدريب وأنظمة الجودة بمبلغ كبير يقارب مليون ريال، كما نشر في الصحف المحلية يوم الثلاثاء الماضي,,,؟؟
إن غرض المشروع كما ورد في الخبر وبالنص الذي ورد في الصحف تقديم دراسات استشارية وتدريبية عالية المستوى وفق المناهج العلمية الحديثة تهدف لتطوير الأنظمة ؟؟ الإدارية وتدريب العاملين وتحسين وتطوير أساليب العمل في جميع قطاعات الوزارة وتحديد العدد الأمثل للموظفين في كل وحدة وتطوير المعايير الزمنية القياسية للانتهاء من تقديم خدماتها وتجهيز منتجاتها وورد في الخبر أن الوزارة تسعى عن طريق هذه الخطوة التطويرية الهامة إلى وضع الأسس للارتقاء بالموظف والخدمات المقدمة للمسلمين، وخفض التكلفة بالإقلال من الهدر في الوقت والمصادر والأموال، وزيادة وعي منسوبيها تجاه الجودة الإدارية,,,, إلخ وقد أوردت تلك الأهداف الإيضاحية للمشروع كما أوردتها الوزارة ليتضح أن المشروع عبارة عن دراسة تنظيمية وتدريبية هي من صميم اختصاص معهد الإدارة العامة، ولقد ظننت عندما قرأت الخبر وقرأت أهداف المشروع كما أوردتها أعلاه أن هناك لبساً، فسألت، ولكن تأكد لي أن الخبر صحيح، وحينئذٍ اعتقدت أن معهد الإدارة قد اعتذر لأي سبب من الأسباب، لكني علمت بعد ذلك أن المعهد لم يعتذر، بل ولم يطلب منه القيام بالدراسة، وحينئذٍ وقعت في الحيرة الشديدة، فوزارة الشؤون الإسلامية- في اعتقادي- لايمكن أن تقدم على مثل هذا ما لم يكن لديها المبرر المقنع، وقد حاولت التوصل إلى مبرر مقنع ولكني لم أستطع على الرغم من تتابع محاولاتي.
إنني أعتقد أنه لايجوز لأي جهة حكومية صرف أي مبلغ على قضايا التدريب والدراسات التنظيمية والمشورات الإدارية التي يمكن أن يقوم بها معهد الإدارة العامة لأن أي صرف لمبالغ حينئذٍ في هذا المجال يكون هدراً للمال العام، وتزداد فداحة المخالفة إذا ما كانت الجهة التي أسندت لها المهمة أقل من المعهد خبرة وإمكانات، وهذا لا يعني حكماً مني على الجهة التي أسندت لها وزارة الشؤون الإسلامية المهمة، فأنا والله لا أعرفها ولا أعرف شيئاً عنها البتة ولكني مقتنع أن معهد الإدارة العامة بحكم خبرته الجيدة الطويلة وبحكم ما يتوفر له من إمكانات مادية وبشرية ومالية جيدة وراقية هو الأفضل على مستوى العالم العربي وليس المحلي فحسب، وأعتقد أن وزارة الشؤون الإسلامية خير من يقدر هذا، كما أعتقد أن المواطنين يعتبرونها قدوة في النزاهة والوعي ومؤازرة الدولة في هذا الظرف الصعب تماماً كما أنه ينبغي أن تكون كذلك، ولهذا لابد أن يتشره المواطن عليها أكثر من شرهته على غيرها عندما يبدر منها ما يوحي بأنها لا تتمسك بالنظام في مسألة مالية,,,,, ولأنه لابد أنها تملك المبرر المقنع كما يبدو لي، فإنه من المناسب أن تقوم بإيضاح هذا المبرر للكثيرين الذين اطلعوا على الخبر في الصحف حتى تبقى صورتها نقية في أذهانهم دون شوائب
|
|
|