Saturday 9th October, 1999 G No. 9872جريدة الجزيرة السبت 29 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9872


إبراهيم الوزان: ليس هناك ما يسمى تجربة شعرية,, هناك شعر أو لا
ابتلى المشهد الثقافي بنقاد لا يعرفون معنى كلمة نقد

الشاعر ابراهيم الوزان صدر له مؤخرا ديوان وانك اصل الجهات وقد تصدرته مقدمات نقدية لكل من: الدكتور حسن الهويمل والدكتور محمد بن مريس الحارثي والاستاذ علي بن حسن العبادي.
ولقد اثارت هذه المقدمات لديوان أول مثل هذا ردود فعل متباينة في الصحف,, في هذا الحوار نتوقف مع الوزان عند تجربته ليكشف لنا مدى فهمه واستيعابه للعملية الشعرية وما يتداخل معها من مسائل ثقافية اخرى:
* بداية هل بالإمكان ارشاد القارىء الى ما يمثل لحظة اشتجارك الاولى بالقصيدة ثم كيف تنامت بعد ذلك القصيدة بين يديك؟
- هناك من هو بحاجة الى الاشتجار مع القصيدة طالما هو يمتلك ادواتها بالطبيعة دون تكلفها واذا وجدت الموهبة وتم صقلها بالقراءة والثقافة والتعمق باللغة وسلامة الذوق اثمرت ثمراً يحين قطافه وقت ينعه,, ولعل وقت ينعه هو الالتحام العاطفي والثقافي والإنساني بالكلمة والموقف وما يبثانه من إحساس صادق وشعور نبيل,,والقصيدة لا تتنامى بين الاصابع انما نموها يأتي من العقل والعاطفة والمعرفة وما الاصابع إلا وسيلة لتسجيلها.
* صدر لك مؤخراً ديوان شعر عن نادي الطائف الادبي,, ترى ما هي ابرز القضايا التي انشغلت بها في اصدارك هذا,,؟
- لعل من حسن الطالع بالنسبة لي على الاقل ان يصدر لي هذه الايام اضمامة شعرية تبلورت من خلال الماضي بحلوه ومره لانه لو لم يصدر بهذه الصفة فإنني اشك بإمكانية صدوره لاحقا,, ولعل الوقت بظروفه قد ساعد على ذلك فالحمدلله وكان مرضياً لي وعبر عما اردته بتفاصيله,, ومن مميزاته ايضا ما تصدره من مقدمات نقدية واغراضه المتعددة ببحوره المتسقة مع هذه الاغراض فهي عاطفية بمجموعها سواء كانت وصفاً او اجتماعية او مدحاً او سواها.
* هناك من كتب عن ديوانك هذا ويبدو ان كتابته لم تكن منطلقة من رؤية واضحة بما عليه النصوص الشعرية التي احتواها الديوان مثلما طرحت في ردك,, كيف ترى العلاقة بين الناقد والنص هنا من خلال تجربتك الشعرية,,؟
- اشكرك فلقد اجبت عن معظم ما اجده في نفسي وقد كنت منصفاً حينما وصفت الذي كتب بانه لم ينطلق من رؤية واضحة بما هي عليه نصوصه الشعرية وهذا لعمري قمة الحياد ووضوح الرؤية لديك انت بالذات,, وللأسف الشديد فقد ابتلي المشهد الثقافي بنقاد لا يعرفون من معنى كلمة نقد الا كيف ينقد الدراهم لدى الشراء والبيع وليس هناك اشد إيلاماً من تصدي من لا يعرف كيف يبني علاقته مع النص او المنطق الذي ينطلق منه لفهم هذه العلاقة,, حقيقة انها ليست مأساة هؤلاء ولكنها انهزامية اهل القياد,, فإذا لم يستطع الناقد ايجاد ومعرفة العلاقة بين النص وقائله فقل له سلاماً,, لابد يا اخي من ان يعلم كل مجاله وان يعي فعله وقوله حتى يستطيع ان يريح وان يستريح ,, علما بان لي ملاحظة على الجملة التي دائما ما تقال وهي التجربة الشعرية إذ في نظري لا يوجد ما يسمى بالتجربة الشعرية وإنما شعر وشاعر وليس هذا مكان الخوض فيه وايضاحه اذ لم اسأل عنه.
* القصيدة العمودية، التفعيلية، قصيدة النثر، هل تعتقد ان ثمة تصالحا يسود بين هذه الاشكال؟ أم أن المسألة مسألة صراع والبقاء للشكل الأكثر ملاءمة لإيقاع العصر الذي نعيشه؟
- اولاً القصيدة العمودية هي الاصل وهي المبنى والمنطلق هذه حقيقة يحسن بنا ان نقتنع بها اذا اردنا ان نكون واقعيين وان طوينا الكشح عن هذا النهج فربما جانبنا الحقيقة سواء كلها او بعضها,, فهي الثابت في دنيا القصيدة العربية الفصيحة,,ومن الممكن ان يحدث تصالح بينها وبين قصيدة التفعلية إذا التزمت بالعروض وعدم تداخل التفعيلات,, اما التي يقال عنها تجاوزاً وظلما قصيدة النثر فهذه جناية على الاصل والفرع وحيلة عاجز وقصور معرفي واعاقة وعاهة.
* من خلال عملك في النادي الأدبي بالرياض وتعاونك معه,, كيف تنظر الى واقع الثقافة والمثقفين هنا؟
- نظرتي لا تختلف عن نظرة كل من يسعد بوجود العقول المثقفة ورجالات الثقافة والفكر الادبي تتفاعل مع هذه الكيانات الثقافية التي اوجدت لتأصيل الثقافة على اقوى اصولها واصدق التوجهات وانبل الاهداف والتي وضعت بالاعتبار استفادة اكبر قدر ممكن من هذه الشريحة المهمة في حياة الأمم حاضرها ومستقبلها وان تبني خطواتها على اسس مفيدة وصالحة تحاول من خلالها تعميق الوجود الثقافي لهذه البلاد الطاهرة باحسن حالاته وابهى حلله - لكي يؤثر التأثير المباشر وغير المباشر وبالتالي يستطيع ان يتقبل التأثير على بصيرة من امره والتفاعل على اصل سوي والتلاقح بندية سليمة,, ونحمدالله ان هذه الاندية الادبية قد ادت ما تستطيع من دورها المنوط بها ووفقاً لإمكانياتها واستطاعت ان تلم الشمل وتساعد المواهب الشابة والملكات البكر ولا اعتقد ان هناك من ينكر هذا الدور البارز في النهضة الفكرية والثقافية والادبية في بلادنا الغالية ومدى التصاقها بالاديب والمثقف وسعيها الحثيث إليه ورعايتها لإنتاجه واحتضانها لنشاطاته وفتح ابوابها ومنبرها له.
* كيف تتقبل مسألة ان الشعر صائر الى انقراض بسبب هيمنة الأشكال التعبيرية الاخرى؟
- هذا الشيء لم اتصوره البتة ولن يخطر لي على بال فالمسألة واضحة لان للشعر مكانته وكيانه؛ وللأشكال او الاجناس التعبيرية الاخرى لها ايضا هذا الوصف مع الفرق بالتأثير والبناء في المعنى واللفظ والوسيلة,, واذا صدقنا او اعتقدنا هذا المبدأ فسيأتي حين يطغى فيه شكل على اشكال او اشكال على اخرى وهذا لعمري لا يمكن ان يكون الا للاشكال الهزيلة من جنسها التي لا تحمل مضمونا ولا شكلاً ولا نبضاً يؤهلها للحياة والاستمرار بفاعلية الشعر منذ ان قيدت أوابده وهو سيد الموقف لا بملامسته للعقول والقلوب فقط وإنما لدوره الواضح في المجتمعات والدول في حالة السلم وغيره، وما من شكل تعبيري اعطى ما اعطاه الشعر الا الخطابة وقوة تأثيرها البلاغي وان لم تفعل كما يفعل الشعر,, فالشعر يا اخي سيبقى هو الابرز والذي لا يستغنى عنه ابداً لانه هو الذي يلهب الشعور ويحرك الإحساس ويلاعب العقول ويملأ الفراغ ويوثق الصلات ويهيمن على مسار كثير من الاحداث وهو حجة ومحجة النقاد وكثيرة هي مميزاته التي لاتتوفر لغيره.
* برز الآن الكثير من الشعراء الشباب والذين احتلوا مكانة لافتة في المشهد الشعري الجديد,, هل جربت ان تقرأ لهم,, والا تخشى من حضورهم الذي يعتبره البعض مقلقاً؟
- الوضع الصحيح لكل مجتمع راقٍ هو التوالد المستمر الحي للعقول الثقافية النقية المنتجة,, فإذا ما برز شاعر أو كاتب او اديب او صحفي شاب الخ,, فإنما يضاف لبنة صالحة الى كيان المجتمع ليقوى بناؤه ويصح مساره ويتحصن حماه,, وليس هناك من يخاف من بروز اي مما ذكرت وبالذات الشاعر,, فالشاعر لسان كالرمح المثقف وسهم رامٍ وراقٍ مبلسم ورقراق متدفق كما انه ليس هناك من رجل حصيف وشخص سوي وإنسان واثق من نفسه يخشى من ظهور شاعر ذلك انه في هذه الحالة اما اضافة وقوة او نفي للزبد.
* ما الذي يشغلك الآن؟
- ما يشغلني الآن هو حالة الادب والنقد بشكل خاص والتي تحتاج فعلا الى علاج ناجع يضع الشيء في موضعه الحقيقي و الصحيح وان يصير اصحاب هذين الفرعين الى فاعلية اكثر وتمازج اجدى وحضور اقوى فعليهم يقع العبء في تمييز صالحه وطالحه وتقويم المعوج وازدهار العقل وتهذيب الفكر,, هذا اذا كان لهم من هذا نصيب وبه يتمنطقون وكما يقولون انهم له ذادة وحماة,, إذن لايتركوا الساحة لكل من هب ودب لينمو ويعبث ويكسب في الظل والتغييب، كما اتمنى ان يتركوا التنازع بما لا طائل منه ويتجهوا الى ما يفيد القارىء ان كان لديهم زاد.
* نريد ايضاحا لذلك؟
- ذلك ان لكل فن من الفنون وجنس من الاجناس الادبية وغيرها اسسا يستمد منها شرعيته ويكتسب وجوده من خلالها واستقلاليته ومن هذا المنطلق فإن للشعر وزناً وقافية,, وهذان ركنان لا يمكن لاي شاعر ان يتجاوزهما او احدهما او حتى يعدل فيهما,, وبالتالي فليس لأي كان ان يجرب في اشياء ثابتة فالتجربة تتنافى والثبات بخلاف القصة والرواية والمسرحية,,, الخ فإنه وان كان لكل منها شروط واسس وعناصر يستهدى بها لدى من اراد اتقان هذه الفنون الا انها ليست بثبات الوزن والقافية ومن الممكن التجاوز فيها دون الاخلال ولكل ذائقته ولونه واسلوب معالجته التي يستثمرها من مكوناته الثقافية,, هذا هو الرأي باختصار مع ان الحديث يحتاج فعلاً الى وقفة طويلة لتبيانه بشكل اوضح واوسع واعم واشمل.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
ملحق المجمعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved