Sunday 26th September, 1999 G No. 9859جريدة الجزيرة الأحد 16 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9859


أشباح جورج
كشف جديد عن حياة ييتس

على نحو غير مألوف بالنسبة لسيرة حياة، تبدأ (اشباح جورج)، وهي سيرة حياة عن الشاعر الايرلندي الكبير وليام بتلر ييتس، اصدرتها برندا مادوكس مؤخرا، من فترة متأخرة في حياة الشاعر، من عام 1917، حيث كان الشاعر في عمر الحادية والخمسين.
ومعروف ان هناك الكثير من سير الحياة التي كتبت عن الشاعر، واتخذت، على العموم، مسارا تقليديا،وبينها السيرة التي كتبها روي فوستر، والتي تغطي السنوات الاولى من حياة ييتس، غير ان برندا مادوكس مهتمة بشيء محدد، بعلاقة ييتس مع جورج - جورجي هايد - ليز، الشابة التي تزوجها ييتس في فترة متأخرة من حياته، اذ كانت في الخامسة والعشرين بينما كان هو في الثانية والخمسين، وهي امرأة احدثت، حسب كثير من نقاده ودارسيه، ثورة في شعره, وكان ييتس يحب امرأة اخرى هي ماود غون (التي زعم انها اجمل امرأة في ايرلندا رغم انه من الصعب الثقة بذلك عندما ينظر المرء الى الصورة المنشورة في كتاب مادوكس) وتتبع جورج ما تعتبره مادوكس احد الاساليب البارعة لانتزاع تفكير رجل بامرأة اخرى .
واذا استثمرت جورجي افتتان ييتس بالسحر فقد كشفت عن نفسها باعتبارها ذات مواهب روحية وطاقات استثنائية, ودرس ييتس تلك الرسائل التي أوحت جورجي له بان هناك من ينقلها وصاغ نتائج ذلك في قصائده الاخيرة الرائعة على نحو استثنائي, وهنا تجلت قدرة جورجي على التأثير السحري على زوجها فقد استخدمت، كما توضح كاتبة السيرة مادوكس، ايمان زوجها بمواهبها الروحية ، وقدرتها على التحكم به، وجعله معتمدا عليها بالكامل.
ان هذه الدراسة، وهي قصة معقدة مكتوبة بصورة بارعة، ومتعمقة في الحياة الداخلية لشاعر عظيم، تركز على آلية العلاقة التي نشأت بين ييتس وزوجته الشابة, ويعود كتاب مادوكس، الذي يغطي السنوات الاخيرة من الحرب العالمية الاولى حتى نهاية حياة ييتس، الى سنوات حياة الشاعر الاولى، ثم ينعطف بنا الى فصل استعادي يدرس الجوانب السلبية والايجابية لعلاقة الشاعر بأمه التي مارست تأثيرا كبيرا عليه، وكانت شخصية مهمة في حياته لم يجر القاء ضوء كاف على علاقته بها، وهي المرأة الصامتة الحالمة، التي ساهمت حكاياتها الايرلندية عن الاشباح في دفعه الى طريق الاعتقاد بالسحر، ثم يعود كتاب مادوكس الى ييتس في مرحلة النضج ليحلل سيرة حياته المعروفة في ايرلندا،وهوسه بعدد من النساء الشابات، رابطا ذلك كله بمأثرة شعره في الفترة الاخيرة من حياته.
لقد احرزت برندا مادوكس في كتابها الحالي مكانة مميزة باعتبارها واحدة ممن يؤرخون، على نحو رائع ، للشخصيات والحياة الادبية، وهو ما يظهر ايضا في سير الحياة التي كتبتها عن شخصيات اخرى.
ان كثيرين يعرفون ييتس المعلن، لكن قليلين افلحوا في التوغل في حياته الداخلية او استكشاف علاقته مع زوجته الشابة جورجي ، وهو ما تفعله مادوكس في كتابها الجديد الذي تكرس فيه كل مواهبها للبحث في حياة واحد من عمالقة الشعر في القرن العشرين.
وينظر كتاب (أشباح جورج) الى ييتس عبر عدسة الارواح المفترضة التي كانت زوجته الشابة تزعم انها تتحكم بها خلال السنوات الاولى من زواجهما، وقد ابتدعت جورجي ماسماه النقاد المخطوطة الاوتوماتيكية التي لم تتوفر حتى عام 1992، وظلت من الناحية العملية بعيدة عن متناول كتاب السيرة, اما مادوكس فقد وجدت هذه المخطوطة، ورأت فيها شكلا شبحيا من اشكال التخطيط العائلي، وحيلة بارعة استخدمتها امرأة تنتزع رجلا من امرأة اخرى، وتمارس تأثيرا سحريا عليه.
وبينما كان هناك الكثير مما كتب عن ييتس، لم يفلح احد من قبل في تصوير الطبيعة الانسانية لهذا الشاعر، والغوص نحو ما هو اعمق من مظهر الابتسامة المرتسمة على محياه، ليكشف عن خصوصية الشاعر الفريدة، ومشاعر الفنان العظيم الذي غالبا ما اسيء تفسيره, اما برندا مادوكس فتقوم باضاءة هذه الشخصية الفذة بكثير من البراعة والعمق ، في سيرة تميزت، من بين امور اخرى، بمأثرة القص المتسم باتقان الاداء.
ومن المعروف ان الشاعر الايرلندي وليام بتلر ييتس، الحائز عام 1923 على جائزة نوبل للآداب، ولد في دبلن عام 1865 ودرس فيها وقضى ثلاث سنوات من الدراسة في معهد للفنون، لكنه هجر، في عمر الحادية والعشرين، الفن كمهنة لصالح الادب، واصدر اول كتاب له عام 1891 وقام خلال سنوات 1901 - 1906 بتحرير عدد من المؤلفات بينها قصائد واعمال وليام بليك وهربرت سبنسر, وفي عام 1896 اسس ييتس، المعروف بتمسكه بنزعته القومية الايرلندية الجمعية الادبية الايرلندية في لندن، وجمعية اخرى في دبلن في العام التالي، كما كرس طاقاته لتأسيس المسرح الوطني الايرلندي, ومن بين الكتب الهامة التي حررها (كتاب او كسفورد عن الشعر الحديث) عام 1936.
ومع كل مجموعة شعرية كان ييتس يخطو الى الأمام مطورا اسلوبه الشعري ومنجزه الجمالي, وقدم أسهم اسهاما كبيرا في تقييم الثقافة المحلية التقليدية انطلاقا من ارتباطه بحياة الناس الايرلنديين العاديين، وخوفه من ضياع القيم وسط زحف الوضاعة العصرية, وقد ادى احساس ييتس بانه يعيش في عالم مناوئ الى عودته بعد عام 1920 الى الايمان بالقوى الخفية والاهتمام بالاتجاهات الانتقائية في الفلسفة، واستطاع ان يطور آراءه معبرا عنها في عمله (رؤيا) - 1925.
اما برندا مادوكس فكاتبة بريطانية ترجمت اعمالها الى ما يزيد على عشر لغات, وقد الفت عددا من الكتب تميز منها: (نورا: حياة نورا جويس) الحائز على جائزة القلم الفضي وجائزة (لوس انجيليس تايمز) للكتاب، فضلا عن كتاب (رجل متزوج: حياة دي, اتش, لورانس) الحائز على جائزة ويتبريد الادبية المعروفة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
اليوم الوطني
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved