تحتفل بلادنا الغالية بذكرى يومها الوطني الذي تحقق فيه توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله- مؤسس هذا الكيان الذي يعتبر من اكبر الكيانات الاسلامية الحديثة في عالمنا المعاصر.
ولعل تزامن هذا اليوم المبارك مع مناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية الذي تحتفل به المملكة هذا العام ليؤكد ان هذا اليوم هو في الحقيقة انطلاقة للخير واشراقة للتطور ومولد امة ترتكز على مبدأ التوحيد والشريعة الاسلامية.
وان الحديث عن هذه المناسبة الغالية تدعونا الى قراءة سجل الانجازات الكبيرة التي تحققت في عهود الخير والعطاء بدءا من مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - ومرورا بأبنائه البررة من بعده حتى هذا العهد الميمون الذي بلغ فيه الانجاز والعطاء اعلى مراتبه بفضل الله تعالى ثم بفضل ما يحظى به الانسان السعودي من رعاية كريمة واهتمام خاص من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني.
وفي قطاعي الصناعة والكهرباء شأنهما في ذلك شأنه بقية القطاعات كان الانجاز ملموسا في ظل الدعم والتشجيع الدائمين اللذين يحظى بهما هذان القطاعان، وتمثل ذلك بالنسبة للقطاع الصناعي بانشاء ثماني مدن صناعية في المملكة تحت اشراف وزارة الصناعة والكهرباء بلغ اجمالي مساحتها (99) مليون متر مربع كما بلغ اجمالي المساحة المطورة منها اكثر من (39) مليون متر مربع حتى نهاية الربع الاول من عام 1420ه كما يجري حاليا تنفيذ مدينتين صناعيتين جديدتين في كل من المدينة المنورة وعسير اضافة الى قيام الوزارة حاليا بالدراسات الهندسية اللازمة لانشاء مدن صناعية جديدة في مناطق المملكة المختلفة، هذا علاوة على المدينتين الصناعيتين التابعتين للهيئة الملكية للجبيل وينبع؛ وهذه الآلية المهمة بالاضافة الى الحوافز التشجيعية الاخرى والانظمة الصناعية المختلفة ساهمت في تنامي اعداد المصانع الوطنية وزيادة الاستثمارات والقوى العاملة فيها، فلقد بلغ عدد المصانع المنتجة في المملكة (3190) مصنعا منتجا حتى نهاية الربع الاول من عام 1420ه استثمر فيها ما يربو على (232) الف مليون ريال مقارنة ب (473) مصنعا منتجا استثمر فيها مايربو على (10) عشرة آلاف مليون ريال في عام 1395ه كما تطورت صادرات الصناعات الوطنية غير النفطية لتصل قيمتها الى اكثر من (23,5) الف مليون ريال عام 1998م ويتم التصدير الى اكثر من (118) بلدا حول العالم.
وتسعى هذه الوزارة الى تشجيع الاستثمار في القطاع الصناعي وذلك عن طريق تبسيط وتحديث الانظمة والاجراءات القائمة في مجال التراخيص والاعفاءات والحصول على اراض في المدن الصناعية، كما تعمل الوزارة حاليا على تحديث نظام استثمار رأس المال الاجنبي وتفعيله بشكل اكبر لجعله متوافقا مع التطورات الاقتصادية العالمية بهدف جذب المزيد من الاستشارات الاجنبية للمملكة وقد تم الانتهاء من اعداد الدراسة وتقديم مجموعة الانظمة واللوائح المقترحة التي تعطي تسهيلات اكثر وتوفر مناخا افضل لتحفيز الاستثمار في المملكة.
كما اولى قطاع الصناعة جانبا كبيرا من اهتماماته بتنمية القوى الوطنية العاملة كأساس لبناء نهضة صناعية تعتمد على التقنيات والمعطيات الانتاجية المتقدمة وبناء الانسان السعودي وتوجيهه نحو العمل الانتاجي الصناعي للاسهام في ادارة وتشغيل المصانع الحديثة وسار الكثير من المصانع الوطنية في الاتجاه نحو توظيف العمالة الوطنية من الكفاءات التي يتم تخريجها سنويا من الكليات الهندسية والتقنية ومعاهد ومراكز التدريب المنتشرة في المملكة، حيث اثبتت هذه العمالة كفاءة في ادارة وتشغيل العديد من المصانع، فهناك تجربة سابك في هذا المجال التي تعكس مدى نجاح الجهود المبذولة لسعودة القوى العاملة في المصانع وإتاحة الفرصة لها لاثبات قدرتها حيث اثمرت برامج سابك التدريبية عن تخريج جيل جديد صناعي يشكل الان اكثر من (71%) من مجموعة العاملين بها وشركاتها في عام 1998م وتجدر الاشارة الى ان معظم السعوديين العاملين في شركاتها الصناعية هم من المهندسين والفنيين والعمال المهرة، اما السعوديون العاملون في مركزها الرئيسي وشركاتها التسويقية فأغلبهم من الجامعيين كما ان هناك تجارب شركات الاسمنت التي بلغت نسبة السعوديين فيها لعام 1419ه (32%) وفي مصانع القطاع الخاص فقد وصلت النسبة الى (14%) عام 1418ه وهي نسبة متزايدة عاما بعد عام خصوصا بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم 50 وتاريخ 21/4/1415ه القاضي باحلال العمالة الوطنية محل الاجنبية في منشآت القطاع الخاص بنسبة 5% سنويا وقصر بعض الوظائف على السعودين.
اما بالنسبة لقطاع الكهرباء فقد شهد هذا القطاع نموا كبيرا في مختلف مرافقه؛ حيث تم وضع الخطط واعتمدت البرامج اللازمة لتنفيذها، وكان من نتيجة ذلك ان بلغت قدرات التوليد الفعلية اكثر من (20611) ميجاوات بنهاية عام 1419ه وتم ايصال التيار الكهربائي الى حوالي (3,372,000) ما يزيد عن ثلاثة ملايين وثلاثمائة واثنين وسبعين الف مشترك بين منزل ومنشأة في اكثر من (7083) مدينة وقرية وهجرة، كما تم تنفيذ العديد من خطوط نقل الطاقة الكهربائية بين مناطق المملكة حيث بلغت اطوال تلك الخطوط اكثر من (17) الف كيلو متر حتى نهاية ذلك العام، وتسعى هذه الوزارة حاليا لبذل قصارى جهودها نحو العمل على تقديم خدمة كهربائية مثلى بتنفيذ العديد من المشاريع الكهربائية بهدف ايصال خدمات الكهرباء الى كل مواطن بكل يسر وسهولة، ووضع البرامج اللازمة لتوعية المشتركين وحثهم على استخدام التيار الكهربائي الاستخدام الامثل والتأكيد على اهمية مرافق الكهرباء.
كذلك فقد اتاح التقدم الذي شهده القطاع الكهربائي والتوسع في مجال الانتاجية الى زيادة مساهمة الكوادر الوطنية في القوى العاملة في شركات الكهرباء كما وكيفا، حيث بلغت نسبة السعوديين في قطاع الكهرباء ما يزيد عن (69%) من اجمالي العاملين في هذا القطاع.
ولقد اخذ قطاع الكهرباء بالاسلوب العلمي السليم في تخطيط احتياجاته المستقبلية المتوقعة من قدرات التوليد والطاقة الكهربائية والكوادر البشرية، فوضعت خطة طويلة الامد للكهرباء في المملكة للخمسة والعشرين عاما القادمة، حيث ان الطلب على الطاقة الكهربائية بالمملكة العربية السعودية في نمو مستمر وبالتالي فان متطلبات قطاع الكهرباء من مرافق ومعدات التوليد والنقل والتحويل وشبكات التوزيع والتحكم في ازدياد ولمقابلة الطلب المتزايد على الطاقة يتوقع زيادة قدرة التوليد بمعدل (2000) ميجاواط سنويا للخمس والعشرين سنة القادمة وهذا يتطلب استثمارات مالية كبيرة لتطوير وتوسعة مكونات النظام الكهربائي بمعدل (17) الف مليون ريال سنويا منها حوالي (9) آلاف مليون ريال في مجال التوليد و(5) آلاف مليون ريال في مجال النقل و(3) آلاف مليون في مجال التوزيع.
وقد تطلب هذا الامر البحث عن سبل توفير هذه الاستثمارات مع الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في هذا المضمار حتى خلصت اللجنة التي شكلتها وزارة الصناعة والكهرباء لدراسة اوضاع قطاع الكهرباء من المشاكل والمعوقات ووضع الحلول الى اعادة هيكلية قطاع الكهرباء بالمملكة وتم الرفع عن ذلك الى مقام مجلس الوزراء وصدرت موافقة المقام السامي الكريم على اعادة هيكلة قطاع الكهرباء ومنح القطاع الخاص الوطني والرأس المال الوطني والاجنبي فرصة المشاركة في تطوير قطاع الكهرباء فنيا واداريا وتنظيميا ليكون قادرا على المنافسة وتحمل المسؤوليات كإحدى الدعائم الاساسية لتطور وتقدم وطننا الغالي في ظل التوجيهات السديدة والرعاية المستمرة من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله -
* وزير الصناعة والكهرباء