في حياة الأمم أيام عظيمة تقف أمامها بكل إعجاب وتقدير، تستعيد ذكرياتها، وتستخلص منها العبر والدروس، وتستمد منها العظات التي تفيدها في حفز مسيرتها نحو التقدم والبناء.
ويجيء اليوم الوطني لبلادنا أهم هذه الأيام في حياتنا المعاصرة ففيه بدأت مراحل البناء وعنده بدأت حياة جديدة ترتسم ملامحها على أرض هذا الوطن العظيم,, ففي مثل ذلك اليوم جاء إعلان تأسيس المملكة العربية السعودية لتكون انطلاقة كبرى وصرحا مشيدا وبنيانا قويا يشهده هذا القرن الذي أوشك ان تودعنا أيامه.
جاء هذا البناء الشامخ بعد ان تمكن الملك عبدالعزيز يرحمه الله ان يقيم دعائمه وأركانه في ظروف صعبة وعصيبة بكل المقاييس شهدتها أرض الجزيرة العربية الممتدة الأطراف، الوعرة التضاريس، القاسية المناخ التي كان الأمن فيها مضطربا، والحياة فيها قاسية والقبائل فيها تتقاتل وتتناحر، وظلمة الجهل تسود جنباتها، والحج فيها الى بيت الله الحرام محفوفا بالمخاطر حتى كان يقال ان الذاهب للحج مفقود والعائد منه مولود.
غير ان ارادة الله هيأت لهذه الأرض الطيبة ذلك القائد الفذ الفارس البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه فجمع حوله الرجال المخلصين من أبناء الوطن فكانت الانطلاقة القوية المخلصة لتوحيد البلاد وتأمين العباد، وامتدت جهود الفارس البطل عبدالعزيز في ربوع الوطن وجنباته شمالا وجنوبا وشرقا وغربا فجاهد في الله حق جهاده، وقضى على البدع والخرافات وحقق العدالة ونشر نور العلم وعقد العزم على بناء وطن قوي موحد يقوم على أساس قوي متين، ولم يكن هناك اقوى أو أمتن او أرسخ من شرع الله القويم الذي اقامه وجعله أساسا لكل خطوة ونبراسا لكل عمل وانطلاقا لكافة جهود البناء والعطاء.
وعندما جاء الأول من الميزان ليعلن فيه قيام المملكة العربية السعودية بدأ البناء يشتد ويقوى ويرسخ وأخذت جهود البناء تتعدد وتكثف في جميع الميادين، وأخذ التاريخ يكتب ويسجل ملامح بطولة في مختلف المجالات، وكان البطل هو الملك عبدالعزيز يرحمه الله.
وكلما جاءت ذكرى هذا اليوم تذكرنا معه تلك القصص البطولية التي تحفل بها مسيرة البناء وقبلها مسيرة التوحيد التي قادها الملك عبدالعزيز بكل كفاءة واقتدار، وتذكرنا ايضا تلك الجهود التي بذلها بصدق وإخلاص مؤسس هذا الكيان وابناؤه البررة من بعده يشاركهم ويعززهم ويقف معهم ابناء هذا الوطن المعطاء.
وإذا كانت خيرات الأرض قد تفتحت بفضل الله علينا بعد تطبيقنا شرع الله وترسيخ اركانه في كافة جوانب حياتنا فان هذه الحضارة المشيدة على أرض الوطن قد اثبتت لنا ذكاء القائد وعبقريته وبُعد نظره حينما توجه منذ البداية الى العنصر البشري فجعل تنميته هي شغله الشاغل لبناء هذا الوطن، وكان التعليم هو السلاح الذي شرعه في وجه الجهل ومن أجل ان يعلو البناء، ثم تبنت المملكة وهي تسير على خطاه ونهجه خطة شاملة لإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في كل مجال وشهدت البلاد نهضة علمية وتقنية هائلة في مخلتف الحقول، وانعكس الاهتمام بتطوير القوى البشرية بشكل واضح في خطط التنمية الوطنية التي نفذتها الدولة أيدها الله، وكانت ثمارها تطويرا شاملا للحياة فوق أرض هذا الوطن.
إننا ونحن نعيش ذكرى اليوم الوطني هذا العام متزامنا مع مرور مائة عام على ذكرى بداية مسيرة التوحيد انطلاقا من الرياض، إننا نجيل النظر من حولنا بكل فخر فنجد هذه النهضة العمرانية والتعليمية والصحية والثقافية والمسيرة الأمنية المظفرة والتواجد الإعلامي القوي في المحافل الدولية ونجد تلك المكانة المتميزة لوطننا برجالاته وأبنائه فندعو من اعماق قلوبنا: رحمك الله ياعبدالعزيز وحفظ الله ابناءك الكرام ورعاك الله ياوطن الخير والعطاء.
د, عبدالرحمن بن سليمان الدايل