ان نظام الدنفسة الذي تحدثت عنه يوم أمس الأول متغلغل في نواح كثيرة من حياتنا الإدارية, ولا يمكن لأحد ان يلوم وكيل وزارة أو مدير عام ان يسكن في الشوارع الخلفية والفقيرة من المدن التي ينتدب لها, فألف ريال لا تكفي سائحا مقتصدا (لاحظوا انني اتحدث عن وكيل الوزارة والمدير العام ولم اتحدث عن أصحاب المرتبة الثامنة او السابعة الذين تقل انتداباتهم عن ألف ريال) (أخجل ان أذكر مبلغ انتدابهم لأنه لا يشبهه في شيء إلا مخصصات الرعاية الاجتماعية) فنظام الانتداب قام على أساس ان الانتداب هو في الواقع تمشية وسعة صدر للمسؤول في الخارج لذا نرى ان أي تقليص في الميزانية يكون على حساب ميزانية الانتدابات والتدريب.
المشكلة ان ذهنية الدنفسة في الميزانية تغلغلت حتى ألغت كل نشاط لا مردود مادي مباشر له, فالمتدرب على سبيل المثال لا يعود ومعه كراتين معبأة بالمهارات والمعلومات التي اكتسبها لذا لا قيمة له عند مصنف الميزانية, وكذلك عند الذي يوقع على صرف الميزانية وهذا انسحب على الانتدابات الخارجية, فالمدير صاحب الصلاحية يوقع انتداب الموظف لحضور المؤتمر ولسان حاله يقول (وش يسوي في المؤتمر يبربرون ويبربر معهم ويعود), فلم يكفنا الدنفسو أي الذي صنف الانتدابات وحكم على المندوب السعودي ان يكون كالمسكين بل يسانده دنفسو أي من داخل الإدارة وهو المسؤول الذي يقرر عدد أيام الانتدابات بغض النظر عن عددها الحقيقي فإذا رفعت الإدارة طلب خمسة ايام انتداب حسم الدنفسو أي منها يومين وجعلها ثلاثة أيام حتى لو كان الانتداب الى نيوزيلاندا, وهذا ما ينطبق عليه المثل الذي يقول (يبلع الهيب ويغص بالإبرة) فهذا الدنفسو أي على استعداد ان يوقع على شراء أجهزة كمبيوتر ضعيفة ورديئة ومنتهية الصلاحية بعشرة ملايين ريال لمجرد انه يرى ان هناك كراتين مليانة سينزلها العمال امام عينه, بينما يزرقن ويعكنن عندما يطلب منه ان يوقع انتدابا لأحد الموظفين لتمثيل المملكة واثبات حضورها الدولي بمبلغ عشرة آلاف ريال, لأن تمثيل المملكة عمل لا مردود مادي مباشر له (لا كراتين له).
فالقاعدة عند مديري الكراتين هي (مد وأمد), اما الأشياء المتعلقة بالقيم المعنوية والتطوير وبناء العلاقات كالتدريب وحضور المؤتمرات والمشاركات الدولية فهذه لا قيمة لها.
على كل حال هناك نظريات متعددة في الإدارة مثل الإدارة بالنوعية الإدارة بالجودة والإدارة بالأهداف، لذا اقترح ان يعمل معهد الإدارة بصفته المسؤول الأول عن التطوير والفكر الإداري في المملكة على صياغة نظرية إدارية جديدة تعرف بالإدارة بالكراتين ,,!!
|