مجلة (رؤى) الادبية والتي تصدر عن النادي الادبي بحائل تكاد تنفرد بميزة لا نجدها في مطبوعاتنا الثقافية والادبية وتتمثل بانتظامها في الخروج الى القارىء مع ميلها الشديد الى التشكل والتبدل للوصول إلى صيغ مناسبة تحفظ لها المكانة المتميزة.
فالنادي الادبي بحائل يكرس جهده للوصول الى اكبر عدد من القراء والمستفيدين من خدماته الا انهم يولون مجلة (رؤى) عناية فائقة جعلتها بهذا القدر العالي من الانضباط والتواصل والحضور,.
في العدد الخامس من رؤى اطل السرد وقدمت المجلة كوكبة من كتاب القصة القصيرة ومبدعيها لتصوغ هذه الفاتحة محاولة التشكيل الواعي,, لما للنص من حضور وتوهج في المخيلة,, ويمكن لنا تتبع مسيرة النصوص في هذا العدد لنجدها تراوح بين الطول والقصر مثلما تتماوج في تكنيكها وتعلقها بالمفردة السردية ونقل الواقع بكل تفاصيله وايحاءاته.
فالقاصان ابراهيم الناصر الحميدان وابراهيم شحبي اسهما في تلاقح نصيهما بمفردة الشخصية التي تتفاعل مع الواقع من منطلق السرد الذاتي والذي تصفه الناقدة غالية خوجة بأنه يتجه الى ما يعرف ب(الفوبيا) النفسية التي تصطدم بظواهر غير مرغوب فيها لتشكل هذا البعد العفوي للشخوص الذين يتداوون بما لديهم من أمل وطموح.
وتتوزع النصوص على هذا المنحى الاستقرائي الذي تحاول الناقدة ان تضيء بعض مضامينه ومدلولاته المتوارية,, لتورد الناقدة اسرار الحكائية في قصة (نجم سهيل الذي,,) للقاص فهد العتيق وكذلك قصة (احياء دقيقة) للقاصة شريفة الشملان والتي ترى انها سرد يتكىء على الاستعادة ونبش الماضي,, فيما تأتي قصة (شبحها يسكن الظل) لخالد الخضري مزيجا من بناء الذات ونماء المدلول بين الانسان ومن حوله (رجل وامرأة),.
اما قصة (تغريدة الوهج) للقاص ناصر سالم الجاسم والتي ترى الناقدة انها حملت ايقاعين هما: ايقاع اللحظة الواعية والذي يمثله البطل وايقاع ثان وهو ايقاع الحالة المسرودة المتمثلة في الحلم.
كما تأتي قصة محمد سيف الرحبي مغرقة في حواس الشعرية,, فيما تتوالى باقي القصص في العدد لكل من محمود دردير وناصر الحجيلان وخالد العوض وعبدالعزيز الصقعبي ومنصور حماد المطيري.
وتستهل (رؤى) الشعرية بقصائد كل من بدر المطيري وخالد عطا الله واسماعيل خلف وفاضل والي والذي مع القارىء من منطلق التواصل والحضور فيما جاءت باقي القصائد دون المستوى المأمول.
واستكملت (رؤى) في عددها الخامس متابعاتها الاستشرافية لابعاد التاريخ لتأتي دراسة الدكتور عبدالرحمن الفريح حول نقد الروايات في مصادر التاريخ الاسلامي والتي استهلها بتوطئة تعريفية بالتاريخ والذي يعود اصله العربي الى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما يستشرف الدكتور الفريح كيفية تأريخ العرب من خلال جملة من الشواهد والشخصيات التاريخية القديمة حتى عهد ابن خلدون الذي انتقد جملة من الاخطاء والمغالطات التي وقع بها المؤرخون والذين اخذوا على عاتق رواياتهم منحى التأكيد المطلق والذي لا يحقق الانصاف لكونه وقع تحت طائلة العصبية الجنسية لتمتلىء -والحديث للدكتور الفريح- بقبائح العصر الجاهلي وتقسيمها الى عرب عاربة واخرى مستعربة قاصدين من ذلك الاساءة لطرف والرفع من شأن آخر ليختتم دراسته بثبتيات وهوامش ومراجع هامة.
وجاءت الدراسات الاخرى لكل من د, موسى مصطفى العبيدان والدكتور فؤاد عبدالمطلب ورجب سعيد السيد وعدنان الرشيد ورشود عمر التميمي.
وتورد المجلة في عددها الجديد دراسة موسعة عن الفن الاسلامي تتنازعها ثلاثة ابعاد هي المنهاج والحضارة والهدف للاستاذ معصوم محمد الخطاط والذي اشار في مقدمة دراسته الى ان الفن الاسلامي ينفرد بمزية علمية حقيقية تكمن في كونه يهيىء اللقاء الكامل بين الجمال والحق,, لتنسحب هذه المقولة على عطاء الفن الاسلامي حتى العصر العثماني اذا اخذت هذه الظاهرة الفريدة بالانحسار والتمزق.
وجاءت المقالات في (رؤى) منتهجة الاسلوب الثقافي والادبي الذي يرمي الى التعريف بمنجزات الثقافة وهي جوهر المقالات لكل من عبدالباقي يوسف والدكتور عبدالله الفوزان وتحدث الاول عن ولادة الثقافة فيما جاء مقال الدكتور الفوزان مطولا ومحورا لندوة اقيمت في مدينة حائل جاءت بعنوان (التنشئة الاجتماعية والتحديات المعاصرة) ويؤكد فيها الباحث على ان التنشئة الحالية عاجزة تماما عن تكريس المبادىء والقيم بالنفوس ويعيد هذه الاشكالية الى اسباب عديدة اهمها قوة التحديات الداخلية والخارجية التي لم تميز بين المبادىء والانفصام وبين الخيال والواقع.
ويختتم الدكتور رشيد العمر في الصفحة الاخيرة من المجلة (استراحة المحارب) احاديث الساعة والتي دعا فيها الى ان النادي ومن منطلق حرصه على التواصل مع معطيات العصر قد اخذ له موقعا في شبكة الانترنت على العنوان التالي:
WWW. adabihail Gov.sa
** ايماءة:
* رؤى (مجلة فصلية)
* النادي الادبي بحائل
* العدد الخامس 1999م - 1420ه.
عبدالحفيظ الشمري