سقسقة:
من يراقب الريح كثيراً لا يزرع بذرة او نبتة
حكمة قديمة
***
تروي العرب حكاية قديمة لكنها عميقة في معانيها حيث يروى ان الوباء لقي قافلة في طريقها الى بغداد فسأله شيخ القافلة عن هذه السرعة اجابه الوباء: أسرع لأحصد (5000) نسمة.
وانطلق الوباء لهدفه وحين عاد راجعا من المدينة لقي القافلة مرة أخرى.
فبادره الشيخ بغضب: لقد خدعتني وحصدت خمسين ألفا بدلا من خمسة آلاف.
رد عليه الوباء قائلا: أنا لم احصد سوى خمسة آلاف اما الجزع فهو الذي حصد البقية!!
ان انبات الخوف في القلوب امر خطير فالخائف شخص لا يستطيع التفكير بعقلانية ثم ان مخاوفه تزيد من قلقه ليدور في حلقة مفرغة.
والخوف لا يتولد إلا من شرارة غالبا ما تكون قد انطلقت في الطفولة وباستعراض واقعي بسيط وسريع نجد الأمهات لا يترددن في تخويف اطفالهن رغبة منهن في عقاب الطفل اوحثه على سماع الأوامر.
والمخاوف متعددة منها ما لا يمكن ان يخاف منه الطفل إلا بايحاء من الوالدين كالطبيب والشرطي ومنها ما يمثل غريزة الخوف مثل الجن واللص وبعض الحيوانات.
هذه البذور السيئة هي التي تكمن في اعماق الطفل وتثار حينما يكبر حتى وان صار أبا او جدا.
فالحوادث القديمة الأليمة لا تمحى بل انها تكمن في اللاشعور وتظهر ولو بعد حين وأقسى انواع الخوف ما يتلبسنا ونحن كبار فنخاف اتخاذ القرار ونخاف مواجهة الذين يسيئون إلينا ويكبر في داخلنا خيال المآتة.
ان الخوف نبتة شيطانية علينا ان نقتلعها من جذورها لانها تقلق ماضينا وتشوش حاضرنا وتعيق مستقبلنا وتبعد المسافة عند الخائف ما بين افكاره السلبية والتصرفات الإيجابية, لانه يحيا في ارض موبوءة بالقلق الذي يختار القالب الذي يحنّط الانسان فيه فلا يستطيع الخروج منه إلا بالطمأنينة ومقاومة القلق بمواجهته باسلحة الشجاعة.