عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتزين المدارس بكافة فئاتها ومستوياتها بأروع زينة، وتتحلى بأبهى الحلل استعداداً لاستقبال الاعداد الكبيرة من طلابها، والذين سيفدون اليها مع بزوغ فجر يوم السبت الرابع والعشرين من الشهر الجاري جمادى الاولى ، وهنا اجدها فرصة ملائمة لمخاطبة ثلاثة اركان ركينة لها دورها الملموس وعلاقتها الوثيقة والمباشرة بهذه العودة المباركة ان شاء الله ولم اجد اغلى ولا اروع من عزيزتي الجزيرة لتكون ميداناً لهذه الكلمات والنداءات فاقول وبالله التوفيق:
1- الركن الاول والاهم ومحور العملية التعليمية والتربوية وهم الطلاب فاخاطبهم خطاب المحب وخطاب الاخ لاخيه الاصغر فاقول لكل طالب منهم اهلاً وسهلاً بك في مدرستك التي اشتد شوقها اليك، وتضاعفت سعادتها بعودتك اليها مرة اخرى، كيف لا وانت مع بقية زملائك وقودها وعمادها بل وحياتها، لذا فاوصيكم ان تقابلوا تلك السعادة بمثلها وتزيلوا عن محياكم سحابة الحزن التي تكدر صفاءه في اول يوم تعانقون فيه مدرستكم وعليكم ان تشمروا سواعد الجد والاجتهاد وتبدوأ بداية جادة من اول الايام، فان الجد والاجتهاد طريقكم الممهد والسريع للنجاح والتفوق والابداع، وعليكم ان تجملوا انفسكم بالاخلاق الفاضلة والاداب الاسلامية الرائعة لانها النبراس الذي يضيء لكم طريق العلم والمعرفة، فاحترام الكبير وتوقير المعلم والرحمة بالصغير، والحرص على النظافة، وتطهير اللسان من رديء الكلام، والتأدب بآداب المتعلم وبآداب المجلس، والحرص على اقامة الصلاة و,,و,, وغيرها من الاخلاق الفاضلة يجب ان تكون من المسلمات التي لا يمكن ان تسمح لنفسك ان تخل بها او تتغافل عنها، واعلم علم اليقين ان حسن خلقك واحترامك لغيرك من اكبر الاسباب الداعية لمحبتك واحترامك من قبل الاخرين، وعليك بالانتباه الكامل اثناء شرح الدرس واياك ان تتغافل او تنشغل عنه فذلك هو طريقك الامثل لفهم الدرس واستيعابه، والحصول على الدرجات العالية في المشاركة والامتحانات، اضف الى ذلك ان انتباهك للدرس اثناء شرحه طرد للملل والسأم عن نفسك وتخفيف من ثقل الدرس عليها، وقبل ذلك كله اوصيك بتقوى الله والابتعاد عن المعاصي والآثام فتقوى الله هي السبب الاكبر للنجاح والتوفيق في دنياك واخراك، وهي مفتاح العلم الاول كما قال تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله فيا اخي الحبيب ان كنت تبحث عن النجاح والتفوق والمكانة العالية فامض على كل ذلك صابراً مجتهداً محتسباً يحدوك قول الشاعر:

لا ستسهلن الصعب او أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر

2- الركن الثاني وهم ورثة الانبياء، وحاملو راية التبيين والاصلاح، والمشاعل التي تحترق لتضيء الطريق للآخرين، انهم المعلمون فاقول لهم اعلموا ان المهمة التي توليتموها مهمة عظمى وهي تختلف عن بقية المهام والوظائف فغيركم يعمر القصور ويصنع الاجهزة ويتعامل مع الجمادات وانتم تعمرون القلوب وتطهرون النفوس وتتعاملون مع العقول والافئدة فحري بكم ان تعوا حجم هذه المهمة وتقدروا المسئولية الملقاة على عواتقكم، وعليكم ان تخلصوا في اداء مهامكم ورسالتكم وكونوا نعم القدوة لطلابكم وذلك بالتحلي بآداب الاسلام واخلاقه الرائعة من اللطف واللين والصدق وحسن المعاملة، والاخلاص في العمل، ذلك ان الطالب يرى في معلمه القدوة والاسوة فالحسن ما استحسنه المعلم ومارسه والقبيح في نظر الكثير منهم ما تركه ولم يمارسه، فنعم المعلم الذي يعلم بتعامله واخلاقه قبل تعليمه بدروسه واقلامه، وكونوا نعم المعين والسند لطلابكم ولا تبخلوا عليهم بالنصح والتوجيه وحسن الرعاية والارشاد، فهم بأمس الحاجة الى ذلك خاصة في هذا العصر المليء بالمغريات والملهيات.
3- الركن الثالث: قائد المدرسة وربانها وعنوان نجاحها انه مديرها فاقول له لقد تبوأت بادارتك للمدرسة مكانة مرموقة وتوليت مهمة من اجل المهام واخطرها حيث ان فلذات الاكباد امانة في عنقك، وستسأل عن هذه الامانة يوم القيامة لذا فمن الواجب عليك ان تقوم بالمهمة المناطة بك على اكمل وجه وذلك من خلال مراعاة النقاط التالية:
1- التأدب بآداب الاسلام والتحلي بالاخلاق الفاضلة ظاهراً وباطناً، داخل المدرسة وخارجها، فاذا كان المعلم قدوة لطلابه فانت قدوة للمعلمين والطلاب معاً، واذا كنا نطالب كل مسلم بالالتزام بذلك عشرات المرات فاننا نطالبك انت مئات المرات، لانك مؤتمن ومسؤول عن طلاب مدرستك، فكن نعم القائد والقدوة تفز في الدنيا والآخرة.
2- ليكن هدفك الاكبر ومقصدك الاول هو تعليم الطالب وافادته وتربيته التربية الاسلامية الحسنة ومن ثم اعداده ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع، ولاتلو على شيء من مقاصد الدنيا الدنيئة كأن تسعى لتنجيح الطلاب بالطرق المشروعة وغيرها تزلفاً للمسؤولين والمشرفين واعلم ان النجاح والتوفيق قرينان للمخلص الحريص كما ان الخسران والخذلان صفتان ملازمتان للمتزلف المداهن!!؟
3- عليك ان تكون متواضعاً لين الجانب، واياك اياك ان تتكبر او تتعامل مع منسوبي مدرستك بالاستعلاء والفوقية، فان المتواضع قريب من الله تعالى ومن خلقه والمتكبر ممقوت منه سبحانه ومن خلقه ايضا، ولعله غير خاف عليك انه يدرك بالتواضع واللين مالايدرك بالعنف والتكبر، ثم ماالذي يحملك على الكبر والغرور وانت تتعامل مع اناس يحملون نفس المؤهلات التي تحملها ان لم تكن اكبر؟؟ فليست العبرة بالجلوس على كرسي الادارة ولكن العبرة بالاثر الذي يتركه من جلس عليه!!
4- الحرص على اقامة العلاقات الجيدة مع المعلمين والطلاب من صفات المدير الناجح فاحرص على ذلك من خلال المعاملة الحسنة والاحترام المتبادل، وعدم الاستبداد بالرأي دون استشارة المعلمين والرجوع اليهم، كما يجب عليك ان تتلمس حاجات الطلبة وتناقش المشاكل التي تعترض طريقهم وتسعى لتذليل كافة الصعاب التي تواجههم.
5- المتابعة الدقيقة والجادة لكل ما يجري داخل اسوار المدرسة من مسؤوليات المدير الكبرى، لذا فعليك ان تتابع الطلاب وكافة مرافق المدرسة التي تديرها لانك المسؤول الاول عن كل ما يحدث في مدرستك من تصرفات مشينة كالتدخين والكتابة على الجدران وعدم نظافة الفصول والساحات وانتشار الفوضى واتلاف بعض الاجهزة والمنافع و,,و,, غيرها من السلبيات التي تكثر وتقل حسب جهود المدير وحزمه وتعاونه مع المرشد والمعلمين لمعالجة هذه السلبيات، فكلما زاد الحرص وتمت المتابعة قلت السلبيات والعكس صحيح.
6- من مسؤوليات المدير العمل على تهيئة الجو المناسب والمريح لتعليم الطلاب، فمتابعة اجهزة التكييف ومبردات الماء ودورات المياه ومعامل المدرسة والقضاء على الفوضى ونحو ذلك من الاولويات التي يجب ان تهتم بها.
7- من اكبر المشاكل التي تواجه مدير المدرسة وتسبب له الكثير من الاحراجات مسألة توزيع المواد الدراسية على المعلمين ثم توزيع الحصص على جدول المدرسة العام، فعلى المدير هنا ان يتجرد من ذاته وان يراعي المصلحة العامة دون النظر للعلاقات والمصالح الفردية وبعد ذلك يقسم المواد بالعدل والمشورة مع المعلمين، فمثلاً في المرحلة الابتدائية التي يتنافس المعلمون فيها على بعض المواد والفصول خصوصاً بعد المميزات التي اعطيت لمدرسي الصفوف الدنيا، على المدير الا يجبر فلاناً على بعض المواد او الفصول بدون حق بل عليه ان يعدل في كل ذلك حتى لو دعا الامر لاجراء القرعة بين المعلمين، وعليه ان يعدل كذلك في توزيع الحصص وخاصة المتأخرة منها، فان العدل قامت عليه السموات والارض.
وختاماً اخي المدير اتمنى منك ان تتقبل هذه التوجيهات بصدر رحب لانك تسعى للنجاح وطريق النجاح يحتاج للكثير من الجهود والكثير من التنازلات الشخصية.
عزيزتي الجزيرة هذه بعض الخواطر التي خطرت لي فأحببت ان اوصلها لكل مهتم بالعملية التعليمية والتربوية راجياً من الله تعالى ان تجد القبول والله المستعان.