طريق الجمال د, فهد حمد المغلوث |
جميل جداً ان نُدخل السعادة لقلوب الآخرين، وان نرسم البسمة على شفاههم ونجعلها عنوانا دائما لهم.
جميل جداً ان نبث الامل فيمن لا يعرفه او يسمع عنه، وان نعيد ذلك الامل لمن فقده وحُرم منه ونجعله شعارا ثابتا لهم.
جميل جداً ان نُشعر الآخرين بقربنا منهم وعدم تخلّينا عنهم خاصة حينما يشعروا بأنهم بمفردهم وسط عالم مخيف غير مأمون الجانب.
جميل جداً ان نُشعر الآخرين بأهميتهم بالنسبة لنا وقيمتهم، وتقديرنا لكل ما يقومون به مهما كان بسيطاً او لفظياً او احساساً.
جميل جدا ان نضع اولئك الحيارى على بداية الطريق لكي يخطوا اولى خطواتهم من جديد مصحوبين بدعواتنا الصادقة لهم بكل التوفيق في حياتهم المقبلة.
جميل جداً ان نرى تلك النظرات موجهة الينا معترفة بجميلنا لها ومقرّة بأفضالنا عليها وكأنها بنظراتها تلك، كأنها تقول لنا شكراً من الاعماق يا انبل الناس .
جميل جداً ان تسمع صوت انسان عزيز على قلبك بعد ان ظننت انه قد نساك او كاد بعد غياب طال امده فقدت فيه الامل برجوعه اليك او سماع صوته او اخباره من الآخرين.
جميل جداً ان تشعر بهذه المشاعر الرائعة وهذه الأحاسيس الصادقة وان تساهم في ذلك ولو بجزء بسيط وان يكون لك يد في ذلك ولو من بعيد.
ولكن يبقى السؤال الأهم، متى نصل الى هذه المشاعر الجميلة وما السبيل الى ذلك؟
والاجابة على ذلك حينما تظل قلوبنا تنبض بالحب ولا تعرف سوى الحب لانها هكذا تعلمته وتشربته وهكذا وجدت نفسها تتعامل بمقتضاه.
حينما تظل ايادينا ممدودة لمصافحة الآخرين ممن اخطأوا في حقنا او اخطأنا في حقهم لنثبت لهم ان العفو والتسامح هو شعارنا الذي ارتضيناه لأنفسنا.
حينما تكون قلوبنا كصفحة بيضاء ليس فيها مكان لحقد او حسد او تحامل على الغير وهكذا نسعى ان تكون مهما امتد بنا العمر باذن الله.
حينما تكون عطاءاتنا لغيرنا نابعة من قناعاتنا الشخصية ان العطاء الصادق اللامحدود هو احد صور الحب الذي نطبقه في حياتنا بشكل عملي.
حينما لا نفسر كل ما يُقدّم لنا على انه محاولة لاثبات سوء نوايانا او النيل منا او الإطاحة بنا في مستنقع لا نرضاه لانفسنا.
حينما لا نفكر من اول وهلة ان كل ما يقال لغيرنا على انه موجّه الينا بهدف تشويه سمعتنا واعطاء صورة مشوهة عن حقيقتنا التي نعرفها تماماً ونعتز بها.
حينما نبادر بأنفسنا دون تردد او تأخير او مماطلة في اصلاح ما افسدناه وفي ارضاء من اخطأنا في حقهم دون ا ن نزيد من هوة الفجوة بيننا وبينهم او ان نطيل من امد المقاطعة حتى مع اقرب الناس الينا ايمانا منا بقوله عليه الصلاة والسلام (,,وخيركم الذي يبدأ في السلام,,) او كما قال عليه السلام.
حينما لا تأخذنا العزة ونكابر من كل شيء ونمتنع عن اخذ زمام المبادرات الخيرية التي نستفيد منها نحن اولا وقبل اي شخص آخر بحجة ان كرامتنا لا تسمح، في حين ان من نمتنع عن محادثتهم ليسوا أي أناس بل ان كرامتهم هي كرامتنا وعزتهم هي عزتنا.
حينما نمتنع عن المبادرات الخيرة بحجة ان فلانا او علانا لم يُقبل عليها قبلنا رغم انه اقدر عليها منا خاصة اذا تعلق الامر بالمال او بواسطه خير في موضوع سوف يعود بالخير على الطرفين وننسى ان الخير قد اتانا بنفسه فهل نرفضه؟
حينما نتلمس الاعذار ونقدر ظروف الآخرين ونوجد لهم المبررات حتى رغم ابتعادهم عنا ومقاطعتهم لنا - وهم من هم بالنسبة لنا - حتى عندما يكون هذا الابتعاد والقطيعة من جانبهم لنا رغما عنهم وحتى لو سعوا هم في ذلك دون ضغط من الآخرين، فطالما ان ذلك يرضيهم، فماذا نريد غير سعادتهم ورضاهم؟ صحيح اننا قد نعاتبهم بيننا وبين انفسنا على قطيعتهم لنا ونشتاق اليهم بحجم بعدهم عنا وهجرهم لنا، ولكننا لا نملك الا ان نحبهم، لا نملك الا ان يكونوا معنا في كل وقت وكل مكان، لا نستطيع ان ننساهم مهما حاولوا هم تناسينا لاننا ما بيننا خالد بحجم وروعة الخلود الذي أحببناه.
حينما لا نختلق المشكلات ونوجدها من اللاشيء او نوسع من رقعتها فقط لان الطرف الآخر اساء الينا وهضم حقنا وكأننا الوحيدون في هذا العالم من يساء الينا ويهضم حقهم.
حينما يظل تعاملنا مع غيرنا تعاملا انسانيا راقيا بعيداً عن كل الاغراض الشخصية والاهداف المادية التي سوف تنكشف بمرور الوقت وتزول الاقنعة الزائفة التي نرتديها ونوهم الناس انها جزء طبيعي فينا وغير مصطنع.
حينما يكون كلامنا لغيرنا مريحا نفسياً محمّلاً بعبارات الثناء والتقدير والدعوات الصادقة مرفقاً بابتسامات رقيقة تجذب الناس لنا وتحببهم فينا وبالتالي تشعرهم ان الدنيا بخير, حينما يكون اقرب الناس الينا اقربهم لعطفنا وحناننا وحبنا دون ان يؤثر ذلك على المخزون الهائل من الحب والعطف والحنان الذي بداخلنا على غيرنا.
حينما يكون هناك نصب او جزء من حياتنا واهتماماتنا لتلمس احتياجات الاخرين ممن هم بحاجة لنا ومساعدتهم والوقوف معهم ولو بالكلمة الطيبة الحلوة ان كنا لا نملك سواها.
وكل هذا وغيره كثير جداً لا يمكن ان يتأتى على النحو الرائع الذي ذكرناه ونتمناه مالم تكن علاقاتنا بالله عز وجل اولا وقبل كل شيء هي علاقة وطيدة اساسها طاعته عز وجل وكسب رضوانه لانه والحال كذلك، سوف تصبح مشاعرنا اكثر جمالاً وحياتنا اكثر سعادة مما نحلم به او نتوقعه.
يا الله! كم هو مقصر في حق نفسه هذا الانسان! اننا نعمل اعمال خير كثيرة في يومنا ومع ذلك ننتقص من حقوق انفسنا وربما تضايقنا من انفسنا! وحينما يعلم الانسان - مجرد علم - انه صابر محتسب على ما كتبه الله وقدره له، حينما يعلم ان مجرد هذا الصبر والرضا هو اجر في حد ذاته فيفترض فيه ان يسعد وينام قرير العين وهذا مجرد شيء بسيط ليس الا في بحر اعمال خير كثيرة نقوم بها ولكن لا نحس بقيمتها في زحمة الضغوط المفروضة علينا والظروف من حولنا.
قد يستكثر الانسان منا مثل هذه المشاعر على نفسه، وقد يرى ان السبيل الى تحقيقها امر صعب، وهذا محتمل، ولكن مالا يؤخذ كله لا يترك كله، لماذا لا يكون لنا نصيب في الجزء من تلك الاشياء الجميلة؟ لماذا لا نبدأ باجزاء منها؟ بأشياء نحن قادرون عليها دون ان تكلفنا شيئا؟! اشياء لا تكلفنا دفع رسوم مالية لها؟ اشياء تبدأ بالابتسامة البسيطة والانصات للغير والسماع منهم والمعاملة الحسنة تتدرج بعدها لتصل الى امور اخرىجميلة لا نحلم بها، حتى المصافحة قد تصبح عادية اذا تمت في لحظة ولكن تأثيرها النفسي الايجابي على الطرف الآخر سوف يكون اجمل حينما تستمر اليدان متصافحتين اطول فترة ممكنة وهكذا في كل الامور.
فلما لا نبدأ بالابتسامة كمرحلة اولى والانصات كمرحلة ثانية اما المراحل الاخرى فأتركها لك وانا على ثقة بانها ستكون رائعة كروعتك انت حينما تريد ان تعطي وحينما تريد ان تقول شيئا لا يعرفه ولا يقدره سوى من يعرفك حق المعرفة.
نعم هذا هو طريق الجمال والسعادة فهلا بدأناه بخطوة؟ خطوة واحدة فقط وليس اكثر!
همسة
ترى هل يمكن ان تكون الحياة حياة,.
بغير ودٍ صاف.
يشعرنا بقيمة انفسنا؟ بغير حب كاف,.
يجعل لحياتنا معنى؟
* * *
قد يكون طريق الود صعباً,.
قد يكون عنوان الحب بعيداً,.
ولكن لان الحياة,, هي الود الذي نريده,.
هي الحب الذي ننشده,.
سوف نصل اليها,.
سوف نحصل عليها,.
سوف تكون جزءا منا,.
بإذن الله,.
* * *
لم لا؟
طالما كانت مزروعة في داخلنا؟
محفورة في قلوبنا؟
ممهورة بختم حبنا؟
طالما هي الخير كله ,,بإذن الله,.
* * *
|
|
|