Sunday 29th August, 1999 G No. 9831جريدة الجزيرة الأحد 18 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9831


الخنيفر أصاب
اكتظاظ الفصول,, شقاء يطارد المعلم والطالب

لقد اطلعت على الكاريكاتير المنشور في الصفحة الاخيرة من العدد 9827 بريشة الفنان محمد الخنيفر، حيث ابدعت ريشته في طرق قضية مهمة يعاني منها الطلاب والمعلمون ألا وهي تكدس الطلاب في الفصل الواحد بأعداد كبيرة تفوق طاقته، والتي عبر عنها الرسام بريشته الساخرة من خلال رسمه لعلبة مليئة بالأسماك كتب عليها علبة سردين وسمكة منهكة ومتضجرة تهرب من العلبة ولسان حالها يقول: أعوذ بالله,, خسنا وطلعت ريحتنا,, كأننا تلاميذ في فصل دراسي وهذه القضية التي أشار اليها الكاريكاتير قضية منتشرة في أغلب المدارس التعليمية حتى ان انتشارها وكثرتها حملت راسم الكاريكاتير إلى أن يجعلها أصلاً وواقعاً يشبه به، وانا بدوري سأتطرق لهذه المسألة بشيء من الايضاح والبيان من خلال ميداننا الأرحب (عزيزتي الجزيرة) وذلك من خلال استقصاء واستقراء سلبيات هذه القضية علىالطالب والمعلم اللذين يعتبران أهم ركنين في العملية التعليمية والتربوية.
اولاً: السلبيات المتعلقة بالطلاب وهي كثيرة نجمل اهمها فيما يأتي:
(1) قلة الاستفادة من معلم المادة، وذلك ان المعلم يستنزف الكثير من جهده في متابعة العدد الكبير من الطلاب، وسيكون هدفه الأكبر هو ضبط الفصل ومنع العبث الذي ربما يتسبب العدد الكبير من التلاميذ في حدوثه، وهنا لن تجد اسئلة الطلاب الجانبية والاستفسارية الاهتمام المناسب من قبله لانشغاله بتنبيه فلان ونصح الثاني وإسكات الثالث و,, و,,, سلسلة من المتاعب التي تتسبب في تشتيت جهوده، اضف الى ذلك ان بعض المواد التطبيقية تحتاج الى متابعة في الدفاتر من قبل المعلم اثناء الحصة، وهنا لن يستطيع المعلم أداء دوره على الوجه الأكمل لأن كثرتهم تمنع من ذلك، ولو تجاوب مع هذه الأعداد الكبيرة وتابعها بجد لانتهى الفصل الدراسي قبل ان ينتصف المعلم بالمنهج!! إذن فمن خلال ماسبق نعلم ان زيادة عدد الطلاب في الفصل تحد من الاستفادة الكاملة من المعلم الذي لم تتعاقد معه الوزارة إلا لإفادة الطلاب، فلِمَ يُحرم من اداء هذه المهمة العظيمة على أكمل وجه وأتمه؟؟
(2) زيادة نسبة الكسالى والمتلاعبين, وذلك ان الطالب المهمل يعزي نفسه بكثرة المهملين في فصله، ومن ثم ينعدم دافع مهم للجد والاجتهاد ألا وهو دافع الغيرة والحرج من زملائه بكثرة النصح والتوجيه، وفي المقابل نجد ان قلة طلاب الفصل تساهم في ايصال المعلومة بشكل واضح وتساعد المعلم على اداء رسالته ودرسه، وكذا متابعة المقصر متابعة جادة تساهم في تقليل الضعفاء.
(3) يؤدي تكدس الطلاب في الفصل بأعداد كبيرة الى بعض المتاعب الصحية، وهذا أمر لا جدال فيه، فتكثر العدوى وتنتشر الأمراض بسبب التقارب الشديد بين الطلاب وقلة الاكسجين داخل الغرفة الدراسية، خاصة وان الكثير من المعلمين يستجيبون لنداءات الطلاب المتكررة بإغلاق الباب والنوافذ اتقاء للبرد في الشتاء وحفاظا على اداء مكيفات التبريد في الصيف وهو تصرف يؤدي الى بعض المشاكل الصحية اقلها ما يسببه السعال والعطاس من تلويث لأجواء الفصل المليء بعشرات الطلاب.
(4) الإصابة بالملل والشعور بالخمول، فإن كراهية المكان الضيق والتضجر من الازدحام سجية جبل عليها الإنسان في كل شؤونه ومنها ضيق الفصل وازدحامه بالطلاب فإنه يؤدي الى الشعور بالملل نظراً لما يعانيه الطالب من تقييد لحركته وقلة متابعته لمعلم المادة ومناقشته، أضف الى ذلك جو الفصل الملبد بالهواء الملوث وكذا عدم كفاية أجهزة التكييف مع حرارة الصيف الملتهبة!!
(5) يتسبب العدد الزائدمن الطلاب في اضاعة أوقات ثمينة من الدروس وذلك من خلال تجمعهم وأخذ اماكنهم مع ما يصحب ذلك من جدال على ضيق المكان، وكذا اثناء وقوف الطالب للإجابة عن سؤال ونحوه، وعند خروجه للكتابة على السبورة أو لأمر طارىء آخر، بالإضافة الى ذلك يستنزف المعلم وقتاً طويلاً اثناء متابعة دفاتر الطلاب في بعض المواد التي تحتاج لذلك، بخلاف العدد القليل اوالمناسب!!
(6) انتشار الفوضى في الفصل، لأن كثرة عدد الطلاب ترهق المعلم وتعيقه عن المتابعة الكاملة للطلاب، ومن المعلوم ان الطلاب مهما بلغوا من الأدب لابد ان يوجد بينهم المهمل المتلاعب الذي يرى في لعبه وعبثه تعويضاً لما ينقصه من الفهم والإدراك والتفوق، وربما جرأ بعض الطلاب على ذلك بمباركة من بعض الأنظمة التربوية البعيدة عن واقع الطلاب بعداً كبيراً.
(7) انتشار الغش بين الطلاب، وذلك ان المعلم - مهما أوتي من قوة الملاحظة - لايستطيع متابعة الطلاب متابعة كاملة اثناء الاختبار نظراً لكثرتهم وتقاربهم وقلة المساحات اللازمة للمرور بينهم وغش الطالب في مادة وعدم ضبطه يجره للغش في الأخرى ويجعله يشجع زملاءه على استخدام هذه الوسائل المحرمة وهذا يساهم في ايجاد شريحة من الطلاب تفتقد للأمانة وتعتمد على الغش في كل شؤونها، ومن ثم يلحق الضرر بالمجتمع بأكمله عندما يتولى هؤلاء بعض الأعمال الخاصة والعامة.
(8) يجد معلم التربية الرياضية مشقة تامة في كيفية التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة من الطلاب فكيف سيتصرف مع خمسين او ستين طالباً يجدون في حصة التربية الرياضية متنفساً لهم من ثقل الحصص الدراسية الأخرى؟؟ هل يقسمهم لفرقتين كل فرقة تضم 25 او 30 طالباً؟!
ام سيوزعهم الى مجموعات ثلاث واحدة للقدم واخرى للطائرة واخرى لعمل آخر وهنا كيف سيتابع هذه المجموعات ويسيطر عليها؟ وكيف سينظم عودتهم للفصول؟ ونفس القضية سيشتكي ويعاني منها مدرس مادة الحاسوب في المعامل واثناء الذهاب إليها وكذا بقية المواد العلمية التطبيقية.
(9) لن يستطيع معلم القرآن الكريم ومعلم المطالعة العربية أداء دورهما على الوجه الأكمل ولن يستطيعا إفادة الطلاب الإفادة المأمولة نظراً لقلة الفرص المتاحة لكل طالب وقلة الوقت المخصص لمتابعة تلاوته وقراءته.
ثانياً: السلبيات التي تلحق المعلمين بسبب تكدس الطلاب في الفصل الواحد بأعداد كبيرة عديدة منها ان المعلم المسكين يستنزف الكثير من جهده ويستنفد طاقته في هذه الفصول، فما يبذله المعلم من جهد في فصل يضم 25 - 30 طالبا يبذل ضعفه تماما في فصل آخر يصل عدد طلابه الى الخمسين او الستين،فمن متابعة لفلان الى نصح للآخر ومن استماع لشكوى الثالث الى شكوى من عدم اهتمام وحرص الرابع وهكذا سلسلة لا نهاية لها من المتاعب، هذا بالإضافة إلى ما يلحق المعلم من اضرار نفسية وصحية وعصبية حيث انه يعيش على أعصابه رافعاً لصوته مرهقاً لبدنه، ولو خيرت معلماً بين 18 حصة في فصول يصل اعداد طلابها الى خمسين او ستين طالبا وبين 24 حصة في فصول لايتعدى عدد طلابها ثلاثين طالبا لاختار النصاب الثاني بدون تردد لأن الجهد والتعب الذي يلحقه بتدريس النصاب الكامل 24 يلحقه ضعفه في تدريس 18 حصة في الفصول التي يكثر عدد طلابها داخل الفصل او حتى عند القيام بتصحيح الدفاتر.
أيها الأحباب، نحن نعلم وندرك ان مصلحة الطالب هي الهدف الأول من العمليات التعليمية والتربوية، فما بالنا نحجم عن تمكينه من الوصول لهذه المصلحة والفائدة من خلال تقليل عدد الطلاب في الفصل؟ حيث ان القاعدة المشهورة تقول كلما زاد عدد الطلاب في الفصل قلت الفائدة والعكس صحيح أتمنى الا يخرج علينا من يقول إن النظام في امريكا او اليابان او حتى الهند والسند وما وراء النهر يسير على هذا المنوال، لأن الواقع امامنا ، نراه بأعيننا ونعايشه بأحاسيسنا ومشاعرنا، ولانحتاج لما يمارس في واقع يختلف عن واقعنا، فالصواب مانرى ونلمس لا ما يقال لنا، والحق ما نتعايش معه ويصلح لنا لا مايطبقه غيرنا.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved