Thursday 19th August, 1999 G No. 9821جريدة الجزيرة الخميس 8 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9821


تجربة مريرة في أحوال حائل!

اذا اردت ان تعيش تطبيقاً حياً للمثل الشعبي الشهير من سبق لبق او تتلمس الكيفية التي يكتشف بها المراجع لاي دائرة حكومية سير النظام الذي تتبلور داخله المعاملة، فما عليك الا ان تراجع احدى مناطق التكتل البشري في احدى دوائر الاحوال المدنية، وخاصةً الاحوال المدنية بمنطقة حائل، بل اذا كنت راغباً في كشف خبايا روتين احوال حائل الممل فعليك بالدخول بتجربة من خلال معاملة ادارية لك او لأحد اقاربك!! فهناك عالم آخر ليس له علاقة بالانظمة الادارية المتطورة او الرقي الاداري الذي تفخر به كثير من دوائرنا الحكومية كالجوازات مثلاً!!
اقول ذلك من وحي تجربة مريرة عشتها في احوال حائل خلال اجازتي السنوية التي قضيتها في ربوع عروس الشمال وذلك من خلال اصدار بطاقة احوال لأخي وايضاً تجديد بطاقتي الشخصية!! فوقفت على العملية التي يتم بها انجاز اغلب المعاملات فلم اجد تغيرا يذكر عما قبل عشر سنوات او اكثر، فالحال كما هو!! اولاً لا تدري من اين تبدأ فلا يوجد لوائح واضحة تسلسل الاجراءات للمراجع وثانياً,, حيرة اثناء اجراءات المعاملة فلا تعرف الخطوة التالية الا اذا سألت فالموظف هناك يعتقد انك تعرف كل شيء في الاحوال حتى لو كان عدد البلاط!! لذلك لا يخبرك وقد يخبرك خطأ,, وثالثاً المواعيد العجيبة ورابعاً الازدحام الشديد عند اهم نقطة وهي غرفة التصوير وخامساً الانتظار الممل لوصول المدير او مساعده الذي يبدو انه يشعر بنشوة المنصب حينما يرى ارتال البشر امام مكتبه المغلق!! اما كيف ذلك؟! فأقول: انه حينما بدأت اجراءات اصدار بطاقة لأخي ومن ثم أكملت جميع الاوراق المطلوبة من تواقيع وشهود وتعريف عمدة مع الصور الشخصية فصار الملف كاملاً سلمته لمكتب يقال له الشهادات وحفائظ النفوس يوم الاثنين 20/4/1420ه، فقال لي الموظف بالحرف الواحد: يوم السبت التصوير من الساعة الثامنة حتى الثانية ظهراً، يقصد بالطبع السبت 25/4/1420ه فسألته:وكيف؟! فأجاب: من خلال نداء الاسماء! - لاحظ هذه الطريقة العقيمة- فغادرت المكتب ثم الاحوال وكلي اطمئنان ان المعاملة شبه أُنجزت مثلما قلت في نفسي لا ضير ان ينتظر اخي ست ساعات او اقل للتصوير، فهي مرة واحدة كل عشر سنوات ان شاء الله.
وجاء اليوم الموعود وجئنا صباح السبت باكراً لنعيش وسط المعمعة البشرية والازدحام اللحمي والانفاس المنبعثة هنا وهناك حول غرفة التصوير!!
وجلسنا ننتظر الفرج بنداء اسم اخي بين الوريقات التي يصيح بها احدهم,, فلان الفلان,, وكأنه في حراج او موقف حافلات او محطة سفر!! فتسمع كثيراً ما يكون الرد: جاي جاي,, موجود,, حاضر، ونادراً ان يرتد صدى المنادي بالاسماء فارغاً؟! حتى شارفت الساعة على الثانية عشرة ظهراً وبدأ جموع الناس بالتناقص فاستطعت ان احشر لحمي بين الاكتاف والارداف حتى جعلت عن قرب انظر في اوراق معاملات المراجعين التي يصاح بها لعلّي اصيد اوراق اخي، فكان السواد الاعظم منها تجديد وقلة قليلة اصدار بطاقة جديدة واوراق اخي ليست بينها!! فراجعت على الفور مكتب الشهادات وحفائظ النفوس واخبرته باستنكار عن اللطعة من الصباح الباكر حتى الظهر، فبحث بين اوراقه لعل عليها ملاحظة ما فلم يجد، فما كان منه الا ان سألني: هل ذهبت قبل التصوير الى المكتب اللي مقابل لغرفة التصوير؟! فأجبته بالنفي طبعاً لانه لم يخبرني بذلك وان على اخي ان يستلم اوراقه اولاً من ذلك المكتب ثم يعطيها بنفسه للتصوير، فانطلقت الى المكتب المذكور لا يوجد له اسم ووجدت فيه موظفاً ضايق صدره ولا ادري لماذا! فاستلم اخي اوراقه بعد التوقيع ثم جاء بها الى التصوير وقد قل الزحام فواعدوه بعد الظهر، المهم تم التصوير لاحقاً بعد ان اخذنا حقنا من الانتظار الذي توزعه احوال حائل بالمجان على مراجعيها!!
السؤال الذي يسدح نفسه على ارض الواقع شاكياً!! لماذا لا توجد لوائح توضح سير الاجراءات من الالف الى الياء حتى لا يقع المراجع بين موظف يعتقد انك تعلم الغيب!! وبين موظف ضايق صدره طول يومه وبين غرفة تصوير يتقاتل عندها الناس وكأنها توزع جنيهات ذهب!!
لماذا لا توضع تعلّق كشوفات على الجدران عن اسماء ا لمراجعين المقبولين للتصوير واخرى عن اولئك الذين لازالت معاملاتهم ناقصة او عليها ملاحظات ثم ترتبط هذه الكشوفات بعملية ترقيم منظمة ارقام متسلسلة بمواعيد محددة في نطاق النصف ساعة او ساعة على الاكثر لتنظيم عملية التصوير لجموع المراجعين الذين لاشك بينهم كبير السن والموظف وذو الحاجة المستعجل, هذا ما كان من معاملة اصدار بطاقة اخي أما معاملة تجديد بطاقتي القديمة فلا تقل فكاهة عن اختها!! غير اني الخصها في اني قدمت اوراقي كاملة لاستقبال التصوير يوم الثلاثاء 21/4/1420ه ليكون موعد التصوير يوم الثلاثاء 28/4//1420ه اسبوع كامل وكأن البطاقة سوف تنحت على صخر وعندما جئت في اليوم المحدد باكراً في الساعة الثامنة وكان اعتقادي انه سيكون بنداء الاسماء كالعادة او كأسلوبهم العبقري في تنظيم الناس!! الا ان الغرفة لم تفتح لاستقبال المراجعين للتصوير الا الساعة الثامنة والنصف ولم يكن للتصوير انما لتحشر نفسك وتزاحم الآخرين حتى تدخل لتبحث عن اوراقك من قبل موظفي التصوير فتأخذها للتوقيع على كرت البطاقة من قبل مساعد المدير المدير في اجازة ثم تأتي بها ايضاً وتنتظر حتى يكتمل الناس، بعد ذلك تستحق التصوير عن طريق نداء الاسماء!! ومع ذلك كل هذا فعلناه رغم ان المدير المساعد لم يصل الا الساعة التاسعة والناس حول مكتبه قيام وقعود!! ايضاً انه السؤال الذي يسدح نفسه؟! لماذا لم تؤخذ جميع المعاملات وتوقع من قبل المدير المساعد قبلها بيوم؟! رغم تحفّظنا الكامل على الاسلوب العقيم المتبع في استدعاء المراجعين للتصوير، بل لماذا لا يوجد مكتب آخر للتصوير لحمل العبء عن تلك الغرفة الاعجوبة.
بصراحة اقول ان كثيرا من الناس يبرر الازدحام واللخبطة الادارية في الاحوال المدنية بحجة انها اكبر الدوائر الحكومية من حيث كثرة المراجعين، واقول قد يبدو هذا صحيحاً ولكن هذه الكثرة تسبب الفوضى والازدحام وتولد الواسطات لان الاسلوب الاداري المتبع غير متطور وغير متسلسل الاجراءات مع عدم وجود السيطرة النظامية على مناطق تجمع المراجعين في دائرة الاحوال كمنطقة التصوير او مكتب المدير، اضف الى ذلك ان هناك دوائر لا تقل في كثرة مراجعيها وتنوع معاملاتها عن الاحوال مع ذلك غدت مضربا للمثل في النظام والانضباط والسرعة في تخليص المعاملات كالجوازات كمثال حي وواقع.
مثلما ان الاسلوب المتبع في احوال حائل ولا ادري عن غيرها هو الذي يدفع البعض الى البحث عن جسر الواسطة او قطارها السريع.
هذا ما كان والله المستعان.
محمد بن عيسى الكنعان

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved