Thursday 19th August, 1999 G No. 9821جريدة الجزيرة الخميس 8 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9821


الغواصات الصينية أخذت وضعاً هجومياً في مضايق تايوان
الصين وتايوان على طريق مواجهة عسكرية محتملة
اعتبارات اقتصادية تجعل الصين تؤخر العمليات العسكرية

* القاهرة- مجدي شرشر- أ,ش,أ
اخذت وتيرة الازمة التي فجرتها تصريحات الرئيس التايواني لي تينج هوي الشهر الماضي عن العلاقة بين الصين وتايوان تتسارع بخطى تنذر بوقوع مواجهة عسكرية بينهما في اية لحظة.
ويعزز ذلك ما كشف عنه مسئولون امريكيون حول حشود عسكرية للطرفين ربما تعجل بتلك المواجهة وتأكيدهم ان الصين تدرس بعناية عدة خيارات عسكرية للتعامل مع تايوان فيما اكدت الصين رفضها التام لسياسة الرئيس التايواني كما تزايدت المؤشرات القوية التي تصدرها عن اعتزامها استخدام القوة العسكرية ضد تحركات تايوان نحو الاستقلال.
غير ان ديفيد ليفي المتحدث باسم مجلس الامن القومي الامريكي نفى انباء تلك الحشود وعزم الصين على القيام بعمل عسكري وشيك ضد تايوان مشيرا الى ان الولايات المتحدة على اتصال مستمر بطرفي الازمة منذ التصريحات التي اطلقها الرئيس التايواني في التاسع من شهر يوليو الماضي مطالبا بضرورة ان تعامل تايوان كدولة على قدم المساواة مع الصين فيما يتعلق بتقرير مستقبلها.
وذكرت مصادر المخابرات الامريكية ان واشنطن تراقب الوضع عن كثب مؤكدة أن اي تسوية غير سلمية للازمة بين الصين وتايوان ستثير مخاوف الولايات المتحدة.
ومع ان التحذيرات والتهديدات الصينية بعمل عسكري ضد تايوان قد تكون من قبيل الحرب النفسية لتخويف تايوان ودفع الولايات المتحدة للضغط على تايبيه الا ان كثيرا من مسئولي ادارة كلينتون والمحللين الامريكيين يعتقدون ان الصين تدرس بالفعل عددا من الخيارات العسكرية.
ومنذ تصريحات الرئيس التايواني لم تخف لهجة التهديد والوعيد ولم تكف الصحف الصينية وتلك الموالية للصين التي تصدر في هونج كونج عن اطلاق التهديدات والتحذيرات بوقوع مواجهة عسكرية بعد ان اعتبرت الصين تلك التصريحات انحرافا عن مبدأ صين واحدة .
فقد صدرت صحيفة جلوبال تايمز التي يشرف عليها جيش تحرير الشعب الصيني يوم الجمعة بعنوان احتمال اندلاع المواجهة العسكرية بين الطرفين في اية لحظة واشارت الصحف الموالية للصين في هونج كونج مؤخرا الى ان الغواصات الصينية اخذت وضعا هجوميا في مضايق تيران كما استدعت الصين الاحتياطي ودفعت بوحدات عسكرية نحو المناطق الساحلية.
ومارست الحكومة الصينية ضغوطا دبلوماسية مكثفة على تايوان لعل ابرزها الغاء زيارة البابا يوحنا بولس الثاني لهونج كونج في العام الحالي لارتباط الفاتيكان بعلاقة دبلوماسية مع تايوان.
وسعى المبعوثون الصينيون الذين زاروا او التقوا مؤخرا مع مسئولين وخبراء امريكيين في السياسة الصينية الى محاولة جس نبض رد فعل الولايات المتحدة تجاه اي تحرك عسكري صيني محتمل ضد تايوان.
ويستبعد مسئولو وخبراء ادارة الرئيس الامريكي كلينتون ان تقدم الصين على اتخاذ اجراء عسكري ضد تايوان قبل شهر اكتوبر القادم لان مثل هذا الاجراء سيدمر الاجتماع المقرر عقده منتصف الشهر القادم بين الرئيس الامريكي بيل كلينتون والرئيس الصيني جيانج زيمين في نيوزيلندا.
كما ان الولايات المتحدة قد تستدرج الى المواجهة بين الصين وتايوان بحكم التزامها بموجب المعاهدات المبرمة بين الجانبين بالدفاع عن تايوان حال تعرضها لهجوم صيني.
ومن شأن العمل العسكري الصيني ضد تايوان ان يدمر ايضا المؤتمر الذي سيعقد في شنغهاي الشهر القادم ويشارك فيه نحو ثلاثمائة من كبار مسئولي الشركات العابرة للقوميات بما قد يدفع القيادة الصينية لعدم الاقدام على مثل تلك الخطوة فضلا عن ذلك فان جيش الشعب الصيني منهمك في الاعداد للذكرى الخمسين لاقامة جمهورية الصين الشعبية في اضخم احتفالات تشهدها البلاد في تاريخها ومن غير المرجح ان تقدم القيادة الصينية على الهجوم على تايوان في مثل هذه الاجواء.
وعلى جانب اخر يعتقد محللون ان هناك عوامل ضاغطة تدفع باتجاه المواجهة بين الصين وتايبيه وان تلك المواجهة ستختلف اختلافا جذريا عن تلك التي حدثت عام 1996 بعد زيارة الرئيس التايواني الخاصة للولايات المتحدة عام 1995 والتي اجرت الصين على اثرها مناورات واسعة النطاق في مضايق تايوان واطلقت خلالها صواريخ بالقرب منها, وقد اعلنت واشنطن اوائل الشهر الحالي عن صفقة اسلحة بقيمة 550 مليون دولار لتايوان مما اثار حنق الصين وترى امريكا ان القيادة الصينية عكفت خلال العطلة الصيفية على تقييم جدوى عمل عسكري ضد تايوان وان الرئيس الصيني جيانج زيمين يتعرض لضغوط كبيرة من الضباط المتشددين بالجيش, فالجيش يريد ان يضطلع بدور اكبر في صنع القرار المتعلق بتايوان وهناك في داخل الجيش الصيني من يرى ان هناك ارتباطا مباشرا بين مسألة كوسوفا وقضية تايوان ويقولون انه اذا امكن اليوم فرض نظام القيم على دولة اوروبية فيمكن فعل الشيء نفسه غدا على التبت او تايوان ذلك الى جانب ان قضية تايوان تمثل قضية محورية للرئيس جيانج زيمين الذي يعتبر اعادة تايوان الى الوطن الام الصين محكا لقيادته بعد ان خرجت من قبضة سلفيه ماوتسي تونج ودينج شياو بينج.
ومن ثم فانه يريد تحقيق انجاز تاريخي باعادة توحيد الصين لكنه يواجه الان تحديا صعبا فسكوته على موقف الرئيس التايواني سيفتح عليه جبهة المتشددين لانه يفرط في تراب تايوان كما انه بالدخول في مواجهة سافرة مع تايوان فانه يغامر بالدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة اكبر شريك تجاري للصين والتي يعول على توثيق التعاون معها كاحد الاركان المهمة في سياسته.
ولذا فقد ينتهج زيمين طريقا وسطا بالاقدام على عمل عسكري محدود يرضي به جبهة المتشددين بدون ما يترتب على الحرب الشاملة من عواقب,, وهكذا فانه في قضية بالغة الدقة لا يمكن توقع ما يمكن ان ينتهي اليه الموقف.
وفي حالة القيام بعمل عسكري محدود يرى الخبراء انه قد يأتي في صورة استيلاء الصين على جزر صغيرة تسيطر عليها تايوان مثل جزيرة ماتسو التي تتولى حراستها قوة صغيرة تضم 6000 جندي ويقطنها نفس العدد من المدنيين تقريبا وكذلك فرض حصار بحري على تايوان ومصادرة سفن امداد تايوانية واشتباك جوي.
وذكرت صحيفة منغ باو ديلي الصادرة باللغة الصينية في هونج كونج اوائل الشهر الحالي ان اللجنة العسكرية المركزية اقوى السلطات العسكرية بالصين اصدرت اوامرها الى قيادات المناطق العسكرية في ناندينغ وقوانغتجو بجنوب شرق الصين بتكثيف التدريبات على الطيران على ارتفاع منخفض كما اشارت الى ان قادة الجيش الصيني قد امروا السلاح الجوي بالمبادرة بالهجوم في اية مواجهة مع الطائرات المقاتلة التايوانية.
ونقلت صحيفة منغ باوديل المستقلة عن مصادر عسكرية ان اللجنة التي يرأسها الرئيس الصيني جيانج زيمين منحت السلاح الجوي التفويض بتوجيه الضربة الاولى للامساك بزمام المبادرة في حالة حدوث اي وضع طارىء من شأنه ان يؤدي الى اشتباك مع تايوان وقد يشمل العمل العسكري ايضا توغلا بحريا في المياه التايوانية.
وتحسبا لتلك المواجهة بين الصين وتايوان,, ومع احتمال دخول الولايات المتحدة فيها,, ولمواجهة بعض نواحي القصور في التسلح الصيني خاصة في مجال الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والغواصات النووية,, اعلنت الصين وبعد ايام من تصريحات الرئيس التايواني عن امتلاكها تكنولوجيا تصنيع قنبلة النيترون والاسلحة النووية المصغرة.
كما اجرت الصين في الثالث من الشهر الحالي تجربة لصاروخ يعتقد الخبراء انه الصاروخ ايست ويند الذي يبلغ مداه خمسة الاف ميل, وتحدثت دوائر عسكرية صينية عن مفهوم الحرب غير المقيدة في التعامل مع عدو اقوى تتضمن مقترحات مثل القيام باعمال ارهابية ضد الخصم وتهريب المخدرات والحرب البيئية والحرب بفيروسات الكومبيوتر والحرب المالية.
ومن شأن اي عمل عسكري ان يثير تداعيات بالغة الخطورة ولذا فقد بادر خبراء السياسة الامريكيون بتحذير الصين من ان اي عمل عسكري سيولد دعما ضخما لتايوان في الكونجرس الامريكي ويدمر العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة ويؤدي الى اصدار تعهدات جديدة بالمساعدات العسكرية لتايوان بل ويحتمل ان تنتقم الولايات المتحدة عسكريا في ضوء التزام الولايات المتحدة بحماية الجزيرة حال تعرضها لهجوم غير مبرر من جانب الصين.
وبالطبع ستكون الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا العمل باهظة التكاليف لكل من تايوان والصين خاصة وان بورصة تايوان تكبدت خسائر كبيرة تقدر بنحو 63,85 مليار دولار امريكي خلال الشهر الحالي كما ستتوقف الشركات التايوانية في الصين عن العمل حيث اشارت الاحصائيات الرسمية الى انخفاض الاستثمار بالصين بنسبة 31,2 في المائة خلال الاشهر الستة الاولى من العام الحالي.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved