خلَّك طبيعي د, فهد حمد المغلوث |
ليس كل شيء في هذه الحياة، وفي هذه الايام بالذات، خاضعاً للمنطق والحسابات الدقيقة او انه يفترض ان يكون كذلك, واول تلك الاشياء تصرفاتنا الشخصية وتعاملاتنا اليومية التي يفتقر الكثير منها اولنقل بعضها، الى ابسط اصول المنطق والعقل التي نتحدث عنها.
فمتعتنا الشخصية من رغبات وخلافها، حينما نفكر في تحقيقها فاننا لانفكر في الاحتكام الى المنطق واخضاعها لمعايير دقيقة والا لما حققناها! أليس كذلك؟ بل الاكثر من ذلك، اننا نتهرب من شيء اسمه منطق ونضع كل شيء اسمه عقل خلف ظهورنا بطوعنا وارادتنا! وبدلاً من ذلك ننساق وراء رغباتنا كي نشبعها هذا ان كنا قادرين علىذلك بالفعل ليس هذا في الامور الشخصية وحسب التي تخصنا نحن دون غيرنا، بل حتى في الامور التي لهاضوابط معينة وانظمة ولوائح، فإننا وحسب امكاناتنا والصلاحيات الممنوحة لنا نحاول ان نتجاوز تلك الانظمة واللوائح ونغض النظر عن شيء اسمه منطق، اما عن طريق خرق تلك الانظمة بشكل مباشر -عيني عينك-! وإما التحايل عليها والالتفاف حولها بطرق واسباب كثيرة لاداعي لذكرها لانها معروفة والعارف لايعرف أليس هكذا يقولون؟!
ونحن لاندعي التعميم حول مانشير اليه من تصرف، ولكن حتى ولو كان هناك شبه تعميم، فهذا لايعني انه سيىء او محرم طالما انه لم ينتهك انظمة او يكون على حساب حقوق الآخرين، لان الكثير من تلك التصرفات شخصية بحتة مدفوعة بغريزة انسانية صادرة مني ومنك ولايمكن لاحد ان يمنعك منها او يجبرك على التخلي عنها فقط لان المنطق والعقل يقولان ذلك.
خذ مثلاً الرجل كبير السن الذي يتجاوز الستين من عمره ويتزوج من فتاة تصغره بحوالي اربعين سنة او اقل قليلاً او اكثر، ماذا يمكن ان نقول عنه؟ صحيح ان المنطق والعقل يقولان لاينبغي ان يتزوج فتاة صغيرة بهذا العمر؟ ولكنه لو فكر باسلوب المنطق والعقل ما تزوج اصلاً لان مفهومه عن الزواج غير مفهومنا نحن تماماً، فهوينظر لرغباته تلك على انها حق من حقوقه بل وحتى بعض اولئك الذين ينتقدونه لتصرفه لوسنحت لهم الفرصة في مثل عمره لما تأخروا لحظة واحدة!
ونحن لاننكر ان كثيراً ممن يتشدقون بالمنطق هم انفسهم بعيدون كل البعد عنه، يتحدثون عنه امام الآخرين فقط للاستهلاك المحلي، ينادون به وهم ابعد مايكونون عنه، بل ان حياتهم وتصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع الاخرين مبنية على التناقض والانانية والمصالح الشخصية.
المنطق يقول ايضاً بأنني لست اقل من غيري في كل شيء ان لم اكن افضل منهم في اشياء كثيرة بشهادة كل من حولي (أليس هذا هو ما يحصل معك احيانا؟) ولكن ومع ذلك اجد غيري افضل مني في كل شيء، في الفرص المتاحة والمقدمة لهم على طبق من ذهب ، وفي تحقيق الرغبات التي تتحقق بمجرد اشارة بسيطة منهم بينما انا من بعيد اراقب الوضع بحرقة (أليس هذا مايحدث لك؟)
تحترق لانك تعمل كل شيء بجد ومثابرة واخلاص وعلى حساب وقتك وصحتك بينما حتى كلمة الشكر تذهب لغيرك! ثم يقولون لك خلك طبيعي !
احيانا انت لاتتقبل هذه الكلمة ، بل تنظر اليها نظرة تقليل من الشأن وعدم اهتمام الطرف الاخر بك في الوقت الذي تكون فيه انت جاداً ومنفعلاً وتعني كل كلمة تتفوه بها وتريد حلا يريحك ويقنعك ولكن بدلاً من ذلك يقول لك ذلك الانسان الذي تحدثه وتحاوره خلك طبيعي !
ترى ما المقصود بهذه الكلمة؟ ماذا تعنيه لك انت شخصياً؟ وهل تتقبلها حينما توجه اليك؟ وماهو رد فعلك تجاهها؟
ان المعنى المتعارف عليه لخلك طبيعي هو ان تطنش، ان تغض النظر عما تراه وتسمعه ولاتعطيه اكبر مما يستحق وان كان يستحق، ولاتبالغ في انفعالاتك بل لاتتدخل فيما لايعنيك وبعبارة اخرى: جمد مشاعرك وضعها في ثلاجة لانك لو لم تفعل ذلك فسوف تخسر الكثير وحينما تخسر فلن تجد من يهتم بك او يلتفت اليك بل الاكثر من ذلك سوف تلام لانك لم تستفد من النصيحة ولم تأخذ بها كما يجب.
الذي ربما يضايق الكثيرين من هذه الكلمة حينما تقال لهم كونهم يفسرونها على ان هناك نقصاً فيهم اذ يقول الشخص منهم وهل انا شاذ كي اطالب بان اكون طبيعياً؟
وامثال هؤلاء لايلامون حينما ينزعجون من سماع هذه الكلمة لان الوضع الذي هم فيه والموقف الذي يواجهونه يحتاج الى كلمة اخرى تدعم موقفهم وتبين اننا في صفهم لانها قد تعني لهم السلبية والاحباط واليأس.
ولكن ماذا لو اخذنا هذه الكلمة من منظور آخر فيه جانب ايجابي، فانت احياناً حينما تختلف مع صديق لك وتقاطعه ثم تصالحه تشعر في قرار نفسك ان علاقتك بعد المقاطعة مازال يشوبها نوع من الرسمية والتحفظ اي ان الصلح لم يشمل كل الجوانب وقد تتضايق لانك بادرت بمصالحته ولكن مازال في النفس شيء من حتى! هذا الشعور طبيعي جداً ولست ملاما عليه وربما كان لدى الطرف الاخر ايضاً ولكن كل مافي الامر ان المسألة تحتاج الى وقت، وطالما التقت عيناكما وتصافحت يداكما وتحدث كل منكما الى الآخر ، بل طالما اعترفتما لبعضكما انكما بحاجة لكل منكما فثقا ان الله سبحانه وتعالى سوف يعيدكما لبعضكما افضل مما كنتما فالمسألة اذن مسألة وقت كما قلنا والشيء المهم هنا هو اننا احياناً نحتاج الا تكون علاقتنا ببعضنا متعمقة كثيراً مع كل شخص نقاطعه ونتصالح معه، ذلك انه ليس كل انسان نتصالح معه يعني ان تكون علاقتنا به افضل مما كانت ، ابداً، المهم هنا هو ان نزيل الحقد والبغضاء من قلوبنا تجاهه وان نقتنع اننا بحاجة لان نكون افضل منه عن طريق المبادرة الحقيقية واشعار انفسنا قبل اي شخص آخر باننا لسنا ضعفاء بل اقوياء بايماننا بالله اولاً واقوياء بارادتنا الخيرة الصادقة، اما بقية الامور الاخرى فتأتي لاحقا بالتدريج، وخلك طبيعي .
همسة
اعرف انه ليس للمنطق مكان,.
في عالم يموج بالتناقضات,.
في عالم كل همه الماديات,.
واعرف انه ليس للقلب وجود,.
في وقت قتل فيه الضمير,.
في وقت اصبح فيه كالاسير,.
مسلوب الارادة.
لاحول له ولاقوة!
***
ولكن ما اريده هو الانسانية,.
تعاملني بها,.
ولو قليلاً منها.
ما ابحث عنه هو الكرامة,.
تشعرني بها,.
ولوجزءاً منها,.
***
ما اتمناه واحلم به,.
ان احتفظ بما تبقى من ذاتي,.
ماتبقى من كبريائي
ان بقي منها شيء!
يسمى ذات او كبرياء!
***
فهلا ساعدتني ووقفت معي؟
هلا استجبت لمطالبي العادلة؟
هلا اشعرتني ان هناك جزءاً مني؟
مازال له قيمة واعتبار؟
هلا احسستني ان هناك شيئاً,.
يستحق ان احيا من اجله؟
ان اكون سعيداً بسببه؟
ان اكون فخوراً به؟
***
اعلم ان هذا ليس هو المنطق,.
ليس هكذا يقول العقل,.
على الاقل بالنسبة لك.
من وجهة نظرك.
فهكذا تعودت منك.
ان اوصم بالمثالية,.
وكأنني كذلك حقاً!
ان ابدو طبيعياً
وكأنني غير ذلك!
***
ولكن هلاّ نحيت العقل قليلاً؟
واستجبت لعاطفتك؟
ولو لجزء من الوقت؟
على الاقل لأجلي.
فلست انا اي انسان
هكذا قلت انت يوماً,.
وهكذا كررته دوماً,.
هل تذكر؟
|
|
|