Saturday 7th August, 1999 G No. 9809جريدة الجزيرة السبت 25 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9809


تجاهل الحمل لا يعني أن الدجاجة لن تبيض ذهباً,,!!
توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية التي تستضيف مخيّماتهم توجه دولي الخلاف فيه على الثمن

* بيروت محمد سلام د,ب,أ
يتفق دبلوماسيون على وجود توجه دولي طاغ لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، ويرون ان غبار الرفض المثار حول هذه المسألة قد لا يكون إلا انعكاساً لمحاولات الاطراف ذات الصلة تحسين المكاسب التي يمكن لهم الحصول عليها مقابل قبولهم للتوطين.
ويتفق الكثير من الدبلوماسيين العرب والأجانب على ان قرارا بتوطين 3,6 ملايين لاجئ فلسطيني موزعين على 59 مخيما في خمس مناطق عربية لن يواجه بعملية مقايضة صعبة، إلا فيما يتعلق بلبنان نظرا للتأثير المباشر الذي يمكن أن يتركه على تنوعه الطائفي الموزع على 18 مذهبا يعترف بها دستوره.
الدبلوماسيون الذين تحدثوا عن معلوماتهم حول موضوع التوطين فعلوا ذلك شريطة عدم نشر اسمائهم او الاشارة اليهم بغير كونهم عرباً أو أجانب نظرا لحساسية الموضوع، وهي حساسية يقول احدهم انها كفيلة بمنع أي مسؤول في الشرق الاوسط من الحديث عن الموضوع بصراحة - باستثناء دعوة اسرائيل للتوطين التي لا تعارضها واشنطن.
ويشير احد الدبلوماسيين الغربيين الذي تشارك دولته في المفاوضات المتعددة الاطراف للسلام في الشرق الاوسط وفي لجنة اللاجئين المنبثقة منها الى ان العالم يتعاطى مع مشكلة اللاجئين ليس من زاوية هوية وطنية، بل من زاوية انتماء قومي باعتبارهم مجموعة عربية تعيش ضمن دول عربية متجانسة معها لغة وعادات وقد اندمجت فيها بشكل رائع خلال الخمسين سنة الماضية .
ويضيف المصدر ان الاندماج الديني ميسر ايضا حيث ان غالبية الفلسطينيين من المسلمين، مثلهم في ذلك مثل غالبية سكان الدول المضيفة, ويقول انه في المقابل فإن جزءا رئيسيا من الفلسطينيين المسيحيين قد هاجر الى الغرب خلال النصف قرن الماضي واندمج في مجتمعاته ذات الخلفية المسيحية وكسب جنسيات دولها، متخليا بذلك عن صفة اللاجئ.
التجانس والاندماج اللذان تحدث عنهما المصدر الغربي تحققا، حسب رأيه الذي يميل احد الدبلوماسيين العرب إلى الاتفاق معه، في سوريا والاردن كليا كما في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهي أصلا مخيمات تضم أبناء شريحة فلسطينية واحدة ولا تتعدى تعريف الهجرة الداخلية وتتخذ صفة اللجوء إداريا فقط من خلال الخدمات التي تقدمها وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأعرب الدبلوماسي العربي عن اعتقاد راسخ بأنه لو توفر عدد كاف من اللاجئين الفلسطينيين المسيحيين لموازنة عدد المسلمين منهم في لبنان لمرَّ قرار التوطين دون اي اعتراض, فالمشكلة في لبنان طائفية وليست سياسية او قومية، مضيفا أنه حتى المشكلة الطائفية يمكن تجاوزها في لبنان إذا توفر الثمن الاقتصادي مقرونا بتسوية آنية، علما ان كل ما هو آني في لبنان يصبح دائما بمرور الزمن.
مشكلة التوطين في لبنان، التي اشار اليها الكاتب السياسي جهاد الزين في صحيفة النهار على انها هستيريا تجمع سلسلة مفارقات تبعدها عن اي معالجة واقعية وتؤيد قناعة الدبلوماسيين بان التوطين شبه قرار متخذ ينتظر التطبيق.
أولى المفارقات، التي لا تنفيها أو تؤكدها المراجع الرسمية، عدم وجود رقم نهائي رسمي لعدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، ففي حين تقول المديرية العامة للأحوال الشخصية ان عددهم هو 463,000 تفيد احصاءات الاونروا انهم لا يزيدون كثيرا عن 263,000 لاجئ، علما ان منظمة التحرير الفلسطينية تضعهم في حدود 250,000 شخص فيما تشير إحصاءات اللجان الشعبية التي تدير مخيمات لبنان الى ان العدد لا يتجاوز 187000 لاجئ، وباستثناء شعار لا للتوطين الذي يطرحه جميع المسؤولين السياسيين والحزبيين والروحيين، لا توجد في لبنان حتى الآن اي محاولة رسمية لطرح الموضوع على بساط البحث والمعالجة الجديين, فلا الحكومة اعلنت ان لديها ملفا عن اللاجئين الفلسطينيين جاهزا للنقاش، ولا وكالة الاونروا التي تقلص خدماتها طرحت اي تصور مستقبلي لهم.
وتشير دراسة إحصائية أعدتها سفارة غربية في بيروت الى ان شريحة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان تعاني من اوضاع اقل ما يقال فيها انها مأساوية, فستون في المائة منهم تحت خط الفقر، ونسبة البطالة تزيد عن 42 في المائة، وتصل الى 60 في المائة نسبة العائلات التي يتجاوز عدد افرادها ثمانية اشخاص فيما تتراوح عند 75 في المائة نسبة الاشخاص الذين لا يحوزون اي ملكية مصنفة وهي كل ما يجب تسجيله قانونا للحصول على شهادة ملكية به.
موضوع مستقبل اللاجئين الفلسطينيين يتم تداوله ضمن ثلاثة اطراف لا علاقة للبنان رسميا بأي منها وهي أولا المفاوضات المتعددة الأطرف التي قاطعها لبنان باعتبارها مدخلا للتطبيع، وثانيا منظمة التحرير الفلسطينية التي لا علاقة للبنان معها منذ انسحابها من اراضيه بفعل الاجتياح الاسرائيلي عام 1982م وثالثا إسرائيل.
ويستغرب الدبلوماسي الغربي تجاهل لبنان للواقع الفلسطيني على ارضه، فسواء قبلهم لبنان او رفضهم، فالقرار يعني الطرفين، ولكن لبنان لا يريد حتى الجلوس معهم لبحث الموضوع، تجاهل الحمل لا يعني ان الوضع لن يحصل، التجاهل قد يزيد آلام المخاض او يؤدي الى الاجهاض، وفي الحالتين الالم هو النتيجة .
وعن الحلول الاقتصادية التي يرى انها قد تسهل التوطين بالرغم من المعارضة الطائفية له من جانب المسيحيين والشيعة خاصة، لكون معظم اللاجئين الفلسطينيين هم من المسلمين السنة، قال الدبلوماسي الغربي: لبنان يتميز بمفارقة مدهشة، هو بلد ليس غنيا ومع ذلك يحتاج الى عمالة وافدة بأعداد كبيرة تصل الى مليوني شخص، اي ما يوازي نصف عدد سكانه او اكثر بقليل, في ضوء هذه الحقيقة، الفلسطينيون هم الدجاجة التي تبيض ذهبا .
وأضاف مشكلة لبنان، غير الغني، مع العمالة الوافدة انها تحول الى الخارج جزءا كبيرا من ثروته قياسا الى دخله, والاقتصاد اللبناني يعاني من هذه المسألة، الفلسطينيون، إذا وطنوا، يؤمنون عمالة جيدة تنفق ما تنتجه داخل لبنان لأنه لا يوجد لديها موطن آخر لتحول مداخليها، ورأي الدبلوماسي الغربي ان كبار المستثمرين اللبنانيين، وغالبيتهم من المسيحيين، لن يترددوا في اقتناص هذه الهدية وقد يطالبون بزيادة عدد المواطنين الفلسطينيين شرط احتسابه من العدد الاجمالي للعمالة الوافدة للحفاظ على أكبر نسبة ممكنة من الثروة اللبنانية داخل لبنان، هكذا تصرفوا عندما تدفق اللاجئون العام 1948م فأمنوا لهم المخيمات قرب المناطق الصناعية في بيروت وقامت نهضة الصناعة اللبنانية على أكتافهم .
مشكلة الطوائف اللبنانية مع توطين الفلسطينيين، في رأي الدبلوماسي الغربي، هي مشكلة حقوق انتخابية - سياسية فقط، وهنا يتمتع لبنان ايضا بمقارنة مدهشة، فوثيقة إنهاء الحرب الاهلية تنص على إلغاء الطائفية السياسية، وهذه مشكلة لبنانية في طريقها الى الحل، فما المانع إذن من حل آني يوطن الفلسطينيين دون تمتعهم بحقوق انتخابية,, الى حين إلغاء الطائفية السياسية .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved