Saturday 7th August, 1999 G No. 9809جريدة الجزيرة السبت 25 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9809


رؤية اقتصادية
استيقظوا أيها الإخوة فالطفرة قد انتهت
د/محمد بن عبدالعزيز الصالح

إن من يتمعن في عددٍ من السلوكيات التي ينتهجها العديد من أفراد المجتمع السعودي يمكنه ملاحظة وجود بعض التصرفات التي بدأت مع بداية الطفرة الاقتصادية التي عاشتها المملكة خلال فترة الثمانينيات الميلادية, وعلى الرغم من سياسات الترشيد الانفاقية التي تعيشها الدولة خلال العقد الميلادي الحالي إلا أن الملاحظ هو استمرار تلك السلوكيات عند بعض الأفراد على الرغم من عدم ملاءمتها للظروف الاقتصادية التي نعيشها في وقتنا الحاضر مما يعني ضرورة العمل على تغييرها أو الحد منها.
ويأتي على قائمة تلك السلوكيات الإسراف والتبذير غير المسؤول في استخدام الكهرباء، إنني اعتقد أن الكتابة عن هذا الموضوع يجب ألا تتوقف طالما أننا نشاهد العديد من التصرفات غير المسؤولة في استخدام الكهرباء سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو على مستوى الأجهزة الحكومية خصوصا ونحن نعيش فصل الصيف لهذا العام، إن الدعوة إلى ترشيد استهلاك الكهرباء هي دعوة متصلة بعقيدتنا الإسلامية التي طالما دعتنا إلى التوازن في كافة أوجه الانفاق الحياتي وفي ذلك يقول تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا).
إن مما يؤكد على ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء في المملكة مقارنة بغيرها من الدول أن استهلاك الكهرباء في المملكة ينمو بمعدل أحد عشر في المائة سنوياً حيث تعتبر تلك النسبة أكبر بكثير من متوسط النمو العالمي في استهلاك الكهرباء الذي يقدر بحدود 3-4%، وإذا كانت الدولة قد انفقت ما يزيد على الأربعة عشر مليار من الريالات في بناء ثلاث محطات توليد للطاقة بهدف مواجهة الطلب المرتفع على الكهرباء، إلا أن هناك إجماعا على أهمية اتباع السياسات الترشيدية في عملية استهلاك الكهرباء من قبل الجميع.
دعونا نستعرض سويا عددا من التوصيات التي قد يكون في اتباعها انعكاسات ايجابية في القضاء على مشكلة الإسراف في استخدام الكهرباء.
- ضرورة تأكيد وزارة الصناعة والكهرباء على الجميع بالالتزام التام بنظام العزل الحراري وبالتالي التوجيه بعدم إصدار شهادة عدم ممانعة من قبل شركة الكهرباء بطلبات التقوية للفلل والمباني السكنية وكذلك الطلبات الجديدة التي لا تستوفي شروط العزل الحراري.
ومن الجدير بالذكر أن عزل المباني يؤدي إلى توفير ما بين 40-50% من استهلاك الكهرباء.
- على وزارة الصناعة والكهرباء إعادة النظر في الرسوم المخفضة المقررة على استهلاك المصانع للكهرباء وذلك كأحد التسهيلات التي تمنحها الوزارة لمن يستثمر في المجال الصناعي خصوصا فيما يتعلق بالمصانع التي تقوم بتصنيع منتجات تقليدية ولا تقوم بنقل تقنية حديثة للسوق السعودي، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاستهلاك الصناعي للكهرباء في المملكة قد تضاعف بنحو 110% بينما لم تزد قدرة التوليد الفعلية للكهرباء عن أكثر من 60%.
- ضرورة التطرق لموضوع الترشيد الانفاقي بصفة عامة والترشيد في استخدام المرافق العامة على وجه الخصوص واستعراض ذلك في المراحل الدراسية المختلفة التي يمر بها أبناؤنا حيث إن الكثيرين بدأوا للأسف الشديد يتعلمون من تصرفاتنا غير المسؤولة بأن الإسراف هو سمة الحياة الطبيعية.
- عادة ما تدخل رسوم استهلاك الكهرباء ضمن تأمين السكن الذي تقوم بعض الأجهزة الحكومية بتوفيره لمنسوبيها مما يعني عدم الاهتمام بترشيد استخدام الكهرباء من قبل البعض وذلك نتيجة مباشرة لعدم تحمل تلك الرسوم من قبل هؤلاء المنسوبين، ولذا فإنني اقترح بأن تقوم شركة الكهرباء بتركيب عداد مستقل لكل وحدة سكنية مستقلة لكي تتم مراقبة استهلاك كل عداد بحيث يسمح لكل مشترك باستخدام عدد محدد من الكيلووات وما زاد عن هذا الحد يقوم الساكن بنفسه بدفع الرسوم عن ذلك.
- المملكة تحظى بتوفير كميات هائلة من الطاقة الشمسية على مدار العام بالإضافة إلى كون استخدام الطاقة الشمسية لا يخلف انعكاسات سلبية على النواحي البيئية.
ولذا فمن الأهمية أن يتم استخدام الطاقة الشمسية والاستفادة منها وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية في المملكة.
- على شركة الكهرباء أن تقوم بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى ذات الاختصاص كوزارة المواصلات ووزارة البلديات بغرض الوصول إلى معدلات تخفيض أكبر في إنارة الطرق، إنني أعتقد أن هناك إسرافا في قوة الإنارة المخصصة للشوارع خصوصا إذا ما علمنا بأن تلك المصابيح الكهربائية قد وضعت في الشوارع لتكون مساعدة لإنارة السيارات وليست بديلا لها.
- التأكيد على كافة الأجهزة الحكومية بعدم ترك أجهزة التكييف والإضاءة مفتوحة طوال الوقت خصوصا في غير أوقات الدوام، وإذا كان تخفيف الأعباء المالية التي تعاني منها شركات الكهرباء يمثل أهم الأسباب التي من أجلها لجأت الدولة إلى زيادة الرسوم المقررة لاستهلاك الكهرباء فإن الترشيد الأمثل في استخدام الكهرباء من قبل الجميع سينعكس إيجابا على تخفيف تلك الأعباء المالية التي تعاني منها الشركة مما يساعد على خفض النفقات التي تتكبدها الشركة، وبالتالي قد ينعكس ذلك إيجابا على المواطن السعودي على المدى المتوسط وذلك من خلال امكانية تخفيض الرسوم المقررة على استهلاك الكهرباء إلى ما كانت عليه في السابق.
خلاصة القول هي إن ترشيد الطاقة الكهربائية يحقق العديد من الفوائد الاقتصادية، إلا أنه يجب ألا تقتصر نظرتنا إلى تلك العملية الترشيدية على مجرد النظرة الاقتصادية وإنما يجب أن يتعدى ذلك إلى النظرة الوطنية والتعامل معها على أنها مطلب ديني مما يستوجب توثيق التعاون من قبل الجميع لتحقيق ذلك.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved