Friday 6th August, 1999 G No. 9808جريدة الجزيرة الجمعة 24 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9808


في تقرير لمدير المركز الثقافي الإسلامي بنيوجرسي
7 ملايين مسلم و 300 مسجد ومركز إسلامي في أمريكا الشمالية
50 % من المسلمين حديثو السن وعلى مستوى عالٍ من الثقافة والتعليم

* كتب - المحرر
تعد الجالية الإسلامية في قارة أمريكا الشمالية من أهم الجاليات التي تعقد عليها الآمال في إيصال صوت الحق، ونصرة الإسلام والمسلمين في المستقبل القريب والبعيد بمشيئة الله تعالى خاصة ان هذه القارة قد ارتفع شأنها بعد ان اصبحت الولايات المتحدة الامريكية ذات سلطة شبه مطلقة في عالمنا المعاصر، بينما العالم الإسلامي على اتساعه لا يملك من القوة ما يدفع به جور الطغاة الذين ينهشون في جسد هذه الأمة دون رادع أو مانع.
لذلك فإن اهتمام العالم الإسلامي بهذه الجالية من الأهمية بمكان، بحيث يجب العمل على تقوية شوكتها بالسلاح الذي يملكه العالم الإسلامي، المتمثل في الدعم المادي والأدبي للدعوة في هذه البلاد، والذي يجد بالفعل تجاوبا من بعض البلاد الإسلامية لهذا الغرض، ولكنه ليس بالحجم المناسب لهذه القارة الخطيرة الشأن.
جاء ذلك في تقرير لسعادة مدير المركز الثقافي الإسلامي في ولاية نيوجرسي بالولايات المتحدة الامريكية الدكتور عثمان بن صالح أحمد حول احوال الإسلام والمسلمين في امريكا الشمالية.
سبعة ملايين مسلم
وأفاد التقرير بان تعداد المسلمين خلال خمسة وعشرين عاما الماضية قد شهد بحمد الله تعالى زيادة كبيرة حتى اصبح يقارب سبعة ملايين نسمة، وكذلك زاد عدد المساجد والمراكز الإسلامية من حوالي عشرين الى ما يقارب 3000 مسجد ومركز إسلامي الآن.
كذلك فإن المسلمين يقطنون الآن في جميع أنحاء الولايات المتحدة من أصغر ولاية وهي ولاية فرمونت وبها حوالي 2000 الى كبرى الولايات المتحدة مثل نيويورك وكاليفورنيا والتي يقطن بكل منهما حوالي المليون مسلم والحمد لله.
وتكوين المسلمين الآن يتراوح بنسب متقاربة فالمسلمون من أصل عربي تبلغ نسبتهم 33% والامريكيو الأصل 30% وجنوب ووسط آسيا 29% وباقي الجنسيات 7%.
وكذلك يوجد 50% من المسلمين حديثي السن، ونفس النسبة ايضا على مستوى عال من الثقافة والتعليم، ويشغلون مهنا مهمة في: الهندسة والطب والكمبيوتر ومراكز الأبحاث العلمية، الى جانب رجال الأعمال وأساتذة الجامعات، وذلك مما يشير الى أهمية دور المسلمين المنتظر بمشيئة الله تعالى في مستقبل هذه البلاد.
التعليم الإسلامي
وفي مجال التعليم الإسلامي أوضح التقرير ان الجهود الحالية التي تبذل من الخارج لا تفي هذه القارة، حيث ان التعليم الإسلامي على أهميته لمستقبل الجيل الناشىء ليس بالمستوى الذي يناسب هذه البلاد.
والمدارس الحالية وعددها يقارب المائة تواجه أزمات اقتصادية مما اضطر البعض منها الى الاغلاق مثل: مدارس كلارا محمد وغيرها، على الرغم من المصاريف الباهظة التي تصل في المتوسط الى 400 دولار شهريا للطفل الواحد، وبالمقارنة فإن المدارس الحكومية يتكلف الطالب بها من 1500 الى 2000 دولار سنويا وهي مجانية، ولكن لا تصلح لتعليم الطفل المسلم على الخلق القويم.
وأكد الدكتور عثمان ان التعليم الإسلامي في أمريكا الشمالية يعد من أهم المشروعات التي يجب ان تكون خط الدفاع الأول للعالم الإسلامي قاطبة، لمواجهة المؤتمرات العدوانية خاصة الصهيونية منها والتي لها دور كبير في إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية عامة والعربية خاصة.
دخول الإسلام في أمريكا
وعن تاريخ وكيفية دخول الإسلام في أمريكا الشمالية أبان الدكتور عثمان صالح أحمد في تقريره أن الموجة الأولى من المهاجرين المسلمين إلى امريكا الشمالية قد تعود الى فترة قد تطول أو تقصر ليس من السهل تحديدها بدقة، إلا انه من المعلوم ان هجرة المسلمين عامة، ومن المنطقة العربية خاصة، قد بدأت في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، خاصة بعد الحرب العالمية الأولى، التي نتج عنها تمزيق الدولة الإسلامية الى دويلات وضعت كلها تحت الحماية او الاحتلال الأوروبي.
وقد كانت أهداف هذه الهجرة هي البحث عن لقمة العيش ليس إلا، وكانت الغالبية منهم من الطبقة العاملة الكادحة، التي كانت أمريكا في أشد الحاجة اليها لسد احتياجات الصناعة التي بدأت تزدهر، خاصة صناعات الصلب والسيارات، وبالتالي كانت الهجرة الى عواصم هذه الصناعات مثل مدينة ديترويت وغيرها.
وكان غالبية المهاجرين من لبنان وسوريا من المسلمين والنصارى على حد سواء، وكان المسلمون يعدون قلة قليلة، او ان قليلا منهم يجاهر بالاسلام في بلاد لم تعرف عن الإسلام شيئا إلا ما أوردته كتبهم من وجهة الحروب الصليبية، فمثلا كان عدد المسجلين من أصل عربي في تعداد كندا عام 1931م يبلغ 10,070 نسمة من بينهم 645 مسجلين كمسلمين، واعتقد أن نفس الظاهرة كانت ايضا تسود الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد كان تجمع المهاجرين الأوائل على أساس إقليمي، وفي بعض الأحيان على مستوى القرية التي نزحوا منها، وبالتالي فإن الظاهرة الدينية لم تكن واضحة إلا في بعض المدن المشهورة مثل: ديترويت في الولايات المتحدة، وادمنتون في كندا والتي انشىء بها أول مسجد في أمريكا الشمالية، وهو مسجد الرشيد الذي شيد عام 1938م، ثم تبع ذلك عدة مساجد أخرى في الولايات المتحدة مثل: مسجد ديربورن بمتشجن، مسجد سيدر رابدز بايوا، وتوليدو أوهايو، وكونسي ماسثيوست، بالاضافة الى عدة مصليات ملحقة ببعض المنازل او المحلات التجارية.
وفي نفس الفترة كانت هناك حركات غير ملموسة وهي دخول جماعات قليلة من الأفارقة الأمريكان الى الإسلام، إما عن طريق زيارات للبعض منهم للبلاد الإسلامية اثناء عملهم على البواخر التجارية، او عن طريق زيارات بعض أعضاء جماعة التبليغ الإسلامي لهذه البلاد.
الموجة الثانية
ثم تطرق التقرير الى الموجة الثانية من المهاجرين حيث أوضح أن هجرة المسلمين الى امريكا الشمالية زادت نتيجة الحرب العالمية الثانية وازدهار الصناعة، وبالتالي زادت تجمعات المسلمين المهاجرين فشملت مدنا كبيرة مختلفة مثل نيويورك بوسطن توليدو سيدر رابدز شيكاغو جاري لوس انجلوس ديربورن ادمنتون لندن كالجاري.
ونتيجة لهذه التجمعات تشجع كثير من المهاجرين على ابراز هويتهم الإسلامية، بعد ان اصبحوا مواطنين امريكيين او كنديين لهم حقوق كسائر المواطنين، وتبع ذلك إنشاء مساجد بهذه المدن اثباتا لهويتهم وشخصيتهم، وكانت أغلب هذه المساجد للنشاط الاجتماعي والعائلي اكثر منه للنشاط الديني، فكان يوم الاحد أنشط ايام الأسبوع، ويوم الجمعة يحضره أفراد معدودون,وفي أوائل الخمسينيات ظهرت فكرة تكوين اتحاد لهذه الجماعات، وفعلا انشىء عام 1952م (اتحاد الجمعيات الإسلامية) وقد تركز نشاطه وقيادته حول مدينة ديترويت، مثل: توليدو وديربورن في الولايات المتحدة، ووندسرو ولندن في كندا.
وكان نشاط هذا الاتحاد اجتماعيا أكثر منه دينيا وحجتهم في ذلك ايجاد وسائل للتعارف بين الجاليات حفظا للاجيال القادمة من الضياع، وقد ضاع منها الكثير فعلا خلال نصف قرن الماضي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن أهم أنشطة الاتحاد اقامة مؤتمر سنوي في فنادق سياحية لتجذب أنظار الأعضاء اليها، وعلى نمط مؤتمرات غير المسلمين لا يتخللها أي نشاط ديني ولا ندوة واحدة فقهية يشترك فيها أئمة مساجدهم، والحق يقال إن وجود مثل هذا الاتحاد قد سهل أمورا كثيرة للتعامل مع هذه الجاليات والاتصال بالحكومات الإسلامية لمساعدتهم.
الموجة الثالثة من المهاجرين
بعد ذلك تناول التقرير تاريخ الموجة الثالثة من المهاجرين، مبينا انه خلال الخمسينيات ازداد عدد الطلاب المبعوثين الى امريكا الشمالية من جميع أنحاء العالم تزايدا ملحوظا، وبالتالي كانت هناك تجمعات للطلبة المسلمين خاصة في الجامعات المشهورة مثل: نيويورك وميتشجان والينوي وكاليفورنيا وتكساس وغيرها ونتج عن ذلك جمعيات دينية تحت اسم (جمعية الطلبة المسلمين جامعة كذا) وكانت تمتاز عن باقي الجمعيات الطلابية الأخرى: إنها كانت تمثل جميع الجنسيات المختلفة.
وكان من أهم مناشط هذه الجمعيات تغطية النواحي الدينية التي لا تتاح في هذه البلاد كما هي متاحة في بلادهم الأصلية، مثل صلاة الجمعة والعيدين وذكرى المناسبات الإسلامية، خاصة لمن لهم عائلات، كذلك فإن بعض الجمعيات القريبة من تجمعات المهاجرين كانت تساهم في بعض برامج مساجدهم خاصة في نهاية الأسبوع.
واستمر الحال على هذا المنوال لعدة أعوام حتى فكر بعض الاخوة في تكوين اتحاد عام لهذه الجمعيات المتفرقة في هذه القارة المترامية الأطراف، وفي عام 1963م اقيم اول اجتماع بجامعة الينوي لتكوين هذا الاتحاد وحضره ممثلو 25 جمعية ومن هنا بدأ النشاط الإسلامي يتطور تطورا جديدا.
وفي أوائل السبعينيات انهى عدد كبير من الطلاب دراستهم العالية فمنهم من عاد الى وطنه ومنهم من قرر الهجرة والبقاء بأمريكا الشمالية، ومن هنا بدأت الهجرة الحقيقية للمسلمين من مركز قوة وليس من مركز ضعف كالمسلمين الأوائل حيث اصبحوا يشغلون مناصب مهمة في هذه البلاد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
نقطة التحول
والواقع أن نصر العبور سنة 1973م كان نقطة تحول في العمل الإسلامي في العالم عامة وأمريكا الشمالية خاصة، إذ لفتت أزمة البترول أنظار الامريكيين الى الإسلام والمسلمين، كذلك كان لها تأثير في تحول مفكرين قوميين الى مفكرين إسلاميين والحمد الله.
وفي عام 1975م تولى قيادة اتحاد الطلبة المسلمين جماعة ذات فلسفة مختلفة عن القيادات القديمة للاتحاد، وتدور هذه الفلسفة حول ان الاتحاد يتحول من منظمة خدمات الى منظمة فكر وتوجيه.
وقد كان لهذه الفلسفة اثر خطير ملموس في حياة المسلمين الى يومنا هذا فازدياد عدد المهاجرين زيادة كبيرة، بدأت تنشأ تجمعات كثيرة، ولكنها شبه مستقلة عن بعضها البعض، إذ كانت الخدمات كان يقدمها اتحاد الطلبة المسلمين حافزا لانضمام هذه التجمعات تحت لوائه.
وتضم أمريكا الشمالية حاليا عددا كبيرا من المنظمات والحركات الإسلامية منها 10 منظمات للمهاجرين هي: الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية، جمعية العلماء والمهندسين، جمعية الأطباء المسلمين، جمعية علماء الاجتماع المسلمين، جمعية الطلبة المسلمين، جمعية الشباب لامريكا الشمالية، الوقف الإسلامي لامريكا الشمالية، الحلقة الإسلامية لأمريكا الشمالية، اتحاد الجمعيات الإسلامية، (المهاجرون الأوائل).
اما منظمات الأفريكان أمريكان فعددها ثلاثة هي: جماعات وارث الدين محمد، والتجمع الإسلامي (وهم أصلا أهل السنة والجماعة)، ومجموعات متفرقة لم تنضم الى المنظمتين السابقتين.
كما تكون حاليا مجلس شورى يضم: الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية، والحلقة الإسلامية لأمريكا الشمالية، وجماعات وارث الدين محمد، والتجمع الإسلامي، وذلك للتنسيق والتفاهم في كثير من الأمور الدينية المتعلقة بأمريكا الشمالية.
وكذلك توجد تجمعات اخرى منها: المجموعة السلفية، وتنقسم الى فروع منها: جمعية القرآن الكريم والسنة، والتجمع الإسلامي لامريكا الشمالية، ومعظم نشاطها في الدوريات والنشرات الى جانب بعض الاجتماعات السنوية، والجماعة الإسلامية وهي امتداد لجماعة الاخوان المسلمين بالبلاد العربية، وحزب التحرير الإسلامي، وجماعة التبليغ الإسلامي، والتجمع الشيعي.
بالاضافة الى مجموعات متخصصة سياسيا واجتماعيا منها المجلس الإسلامي الامريكي، واتحاد المسلمين بأمريكا، وغير ذلك من المنظمات الأخرى العديدة التي يصعب حصرها الآن.
اما عن المجلات الإسلامية التي تصدر بامريكا فهناك عدد لا بأس به من مجلات دورية ونشرات دورية ونشاطات فكرية غير دورية تصدر في أمريكا، وكلها تحمل شعارات إسلامية ظاهرة او غير ظاهرة ومنها الغث ومنها الثمين.
واختتم الدكتور عثمان صالح أحمد تقريره مؤكدا ان وحدة الصف الإسلامي بين هذه المنظمات والجمعيات سوف تمثل قوة لا يستهان بها لخدمة العمل الدعوي في هذه القارة الكبرى.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved