Friday 6th August, 1999 G No. 9808جريدة الجزيرة الجمعة 24 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9808


من وحي المنبر
وجوب الصدق في التجارة وبيان فضله
الشيخ الدكتور/صالح بن عبد الرحمن الأطرم *

الحمد لله يحب الصدق والصادقين، ويبغض الكذب والكذابين، أحمده سبحانه وأشكره، ونسأل الله المزيد من فضله، وأشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له الذي نادى عباده في محكم كتابه، وامرهم ان يتقوه، وان يصدقوه (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة119 والقائل ، ايضاً في شأن المنافقين الكاذبين (فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم) محمد 21.
واشهد ان محمداً عبده ورسوله الصادق في اقواله وافعاله، والمصدوق له فيما اوحى الله والامين عليه اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله واصحابه البررة الصادقين، والاخيار المتقين.
اما بعد:
فيا عباد الله المؤمنين عليكم بتقوى الله فإنها صفة الصادقين فيما يصدر منهم، والمصدقين فيما نزل عليهم من ربهم الذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون، وثوابهم عند الله غير محدود من سعادة في الدنيا، وما لذ وطاب في الآخرة، ومن تفكير للسيئات، ومضاعفة للحسنات (لهم مايشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين(34) ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون)35 الزمر.
عبادالله,, الا وإن من فتح الله على المسلمين في هذه الازمان كثرة الاموال التي تتطلب الاشتغال بها لتنمو وتزداد في بيع وشراء وبناء وتأجير، فأصدقوا في معاملاتكم فإن ذلك واجب عليكم، فان سألتم عن دليل وجوبه من قول نبيكم فاسمعوا ما روي عنه: انه خرج الى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال يامعشر التجار: فاشرأبت اعناقهم استجابة لنداء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا الا من اتقى وبر وصدق , فلو لم يكن الصدق والبر واجبان لما حكم عليهم بالفجور وفي الروايات الاخرى لما قال عليه الصلاة والسلام: ان التجار هم الفجار، قالوا اليس الله احل البيع وحرم الربا؟ قال بلى ولكنهم يحلفون ويحدثون فيكذبون.
وان سألتم عن بركة الصدق في التجارة، او محق البركة منها، وجدنا بركة التجارة في الصدق، ومحقها بسبب الكذب، فقد روى البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار مالم يتفرقا ، فإن صدق البيعان بورك لهما في بيعهما اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب .
وان سألتم عن طيب كسب التاجر الصادق المتقيد في بيعه وشرائه شرع الله فإليكم ما رواه البيهقي عن معاذ بن جبل: ان اطيب الكسب كسب التجار الذين اذا صدقوا لم يكذبوا، وان ائتمنوا لم يخونوا واذا وعدوا لم يخلفوا، واذا اشتروا لم يندموا، واذا باعوا لم يخدعوا واذا كان عليهم لم يمطلوا واذا كان لهم لم يعسروا, وان سألتم عن فضل الصدق في التجارة ومنزلة التجار الصادقين عند ربهم فاليكم ماورد في حديث ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التاجر الصدوق الامين مع النبيين والصديقين والشهداء ومن هذه منزلته من التجار هو التاجر المسلم الصدوق لانه يصدق امتثالاً لاوامر الله وطلباً لثوابه وخوفاً من عقابه، اما الكافر فصدقه من اجل الانسانية ومن اجل السمعة الدنيوية وليس له علاقة في الامور الاخروية قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجة عن ابن عمر قال التاجر الصدوق الامين المسلم مع الشهداء يوم القيامة فهذا فضل التاجر الصدوق مع الانبياء والشهداء والصالحين، اما مكانته يوم القيامة فهو اقرب مكانة عند الله يظله الله يوم لا ظل الا ظله ففي الحديث عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة فاتقوا الله ايها التجار وخافوا يوماً لاينفع فيه مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم.
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً(70) يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً(71)) الاحزاب.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
* عضو هيئة كبار العلماء

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved