Friday 6th August, 1999 G No. 9808جريدة الجزيرة الجمعة 24 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9808


موعظة وذكرى
الدكتور/أسامة محمد الراضي *

الامة الاسلامية جمعاء تتوجه الى الكعبة المشرفة -قبلة المسلمين- خمس مرات يومياً، وفي كل لحظة دعاء اواستغفار، وفي الحج ذلك المؤتمر الاسلامي الكبير الذي من مقاصده (ليشهدوا منافع لهم) ويكون فرصة للتشاور والتخطيط لكل مايهم الامة الاسلامية جمعاء دينياً ودنيوياً، لتكون كلمة الله هي العليا.
وقد غفل المسلمون عن هذه الغاية والوحدة، فغمرتهم موجات الإلحاد والغش المحيط بهم، والمكائد المحدقة بهم من الاعداء، مع انهم كثرة، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، وصدق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حينما تنبأ بهذا.
فالواجب على المسلمين ان يعملوا لما ينجيهم من ذلك بكل السبل للمشاركة والتعاون والاستعداد بعيداً عن الاختلافات والاطماع، فقد اشتد الكرب، وعظم الخطب، ولاينجي من هذه المحنة الكبرى الا الالتجاء الى الله، والتمسك بالدين الصحيح، والنهوض بالاخلاق النبوية،وتطبيق الارشادات المحمدية، والدفاع عن عقائد الاسلام الصحيحة المتفق عليها بعيداً عن التعصب الذي يؤدي الى التفرق والفتن ومهاجمة الالحاد، ولحفظ فلذات اكبادنا من الاهواء المضللة والمغريات الفاضحة.
وليتجه المسلمون قاطبة الى الكعبة مجتمعين امة واحدة، ولنستعرض تاريخنا ومواقف نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الابرار قبل اربعة عشر قرناً مجاهدين في نشر الدين الاسلامي لهداية البشرية جمعاء كأمة واحدة او لها وآخرها في طريق واضح على هدي المصطفى - عليه الصلاة والسلام- والصحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
إن واجبنا اصلاح كياننا، وتوجيه النشء الى مافيه صلاحهم وفلاحهم ديناًودنيا، والاهتمام بأمر الاخلاق، فالاخلاق من اهم الواجبات، فالعلم تاجه الخلق الحسن، ولاخير في ثقافة مجردة من الاخلاق مصداقاً لما قاله الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :(إن حسن الخلق اثقلت الميزان),لذلك فإن المسلم بحاجة ماسة الى المساهمة في اعادة بناء فاعلية الاخلاق الاسلامية، بحيث يكون صالحاً بنفسه مصلحاً لغيره، من خلال احياء وعيه الثقافي ورسالته الانسانية.
فعلى المدرسين، والآباء، واولياء الامور، والدعاة، ورجال الإعلام ان يهتموا - في تربية النشء- بغرس الاخلاق، وبهذا يكون للامة الرقي وصلاح المستقبل، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق).
فإن الاخلاق هي السلاح الحقيقي لمواجهة الحياة، وتحقيق المجتمع الاسلامي الصحيح، والتقوى هي السراج المنير لهذا الطريق القويم.
ما اقوى تيار المدنية الضالة، وما ابهر زخارفها، وما اشد بلاءها، كم فتنت رجالاً، وأتلفت اموالاً وهتكت اعراضاً، وازالت مجتمعات؟!!
ان التاريخ الاسلامي مع مافيه من اسرار بالغة ومواعظ نافعة، قد وجد من ينصرف عنه الى تاريخ اجنبي وشخصيات مجهولة.
علينا التذكر دائماً انه - في الدول الاسلامية المتعاقبة- قد مال كل سلوك بشري الى الاستبداد، وخرج عن الشريعة، فواجه فكراً واخلاقاً اسلامية لاعادة الحق الى مجراه، والعدل الى منتهاه، ورد الباطل عن هواه، لان من خصائص الاخلاق الاسلامية انها لاتتواطأ على الخطأ والمعصية.
إن من العار الا نردد سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخ اسلافنا، ونعمر مساجدنا ومجالسنا ودروسنا ونوادينا بذكر ابطال الاسلام وعلمائه وقواده، ليتعلم ابناؤنا تاريخ الإسلام الخالد.
اليس نجاح الدعوة الإسلامية وظهورها مديناً لما تحلى به صلى الله عليه وسلم من مكارم الاخلاق، وقوة العزيمة، والاخلاص والصدق في العمل؟ وسار اصحابه الكرام على منهاجه متبعين شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم البطولية النادرة،فحققوا بذلك ظهور الامة الاسلامية التي تسعى دائماً لجعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الكافرين هي السفلى منذ اكثر من اربع عشرة سنة الى اليوم, السنا اليوم- ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين الميلادي- بإزاء هيمنة نصرانية يهودية، تحت شعار انصهار الحضارات كلها في قالب الغرب الظافر المسيطر؟
اليس من العيب ان يجهل ابناؤنا سيرة رسولنا الكريم وأبطال الاسلام وعلماء المسلمين؟ متى يتجه الشباب الى قراءة تاريخ الإسلام وابطاله المغاوير؟ ومتى يحفظون اشعار الحماسة بعيدين عن الحضارة الزائفة لمواجهة هذه الزلازل والمحن والمصائب،وبخاصة في فلسطين وكوسوفا وكشمير وكثير من بلاد المسلمين التي حلت عليها المصائب والمحن؟, الى متى نضحك، ونتغافل عما تمر به الامة الاسلامية من اخطار واذلال؟
اليست هذه كلها نذر تخويف من الله سبحانه وتعالى لعباده ليحذروا شدة عقابه، ويقفوا تائبين منيبين اليه، طالبين منه المغفرة والرحمة، ويتحدوا ليواجهوا الأعداء يداً واحدة عملاً بقوله تعالى :(ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولايكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون).
وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين
*استشاري الطب النفسي الإسلامي بجدة

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved