الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
مما يتميز به منهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة: أنهم يلتزمون النص ويطرحون التأويل الباطل، فالأصل عند أهل السنة هو الأخذ بظاهر الألفاظ وما دلت عليه من الحقائق فالقرآن نزل بلغة العرب فمن أراد تفهمه فمن جهة لسانهم يفهم.
فإن معرفة لغة القرآن التي بها نزل، ومعرفة ما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين الذين نهجوا منهجهم في معاني تلك الألفاظ يعين على معرفة ما أراد الله ورسوله بالفاظ الكتاب والسنة.
لأن المقصود هو معرفة ما جاء به الرسول وما اراده من ألفاظ القرآن والحديث هو أصل العلم والإيمان والسعادة والنجاة .
وأما الألفاظ التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يراد منها سواء كانت من الكتاب أو من السنة فلا يحتاج حينئذ إلى اللغة ولا غيرها، والواجب في هذه الحال هو الرجوع إلى ذلك البيان والاقتصار عليه دون سواه، ومن أمثلة ذلك ألفاظ الإيمان والإسلام والكفر والنفاق والصلاة والصيام والحج ونحوها، فالنبي عليه الصلاة والسلام قد بين المراد من هذه الألفاظ بياناً شافياً كافياً, ومن فروع هذا الأصل اقتصار أهل السنة والجماعة على استعمال الألفاظ الشرعية في المسائل الاعتقادية ونبذهم الألفاظ والمصطلحات الحادثة التي تولدت نتيجة إقحام علم الكلام والمنطق والفلسفة في العلوم الشرعية وكذلك لا يستفصلون الألفاظ التي تحتمل أكثر من معنى، وعند ورودها فإنهم يتسفصلون عما أريد باستعمالها فإن كان فيها حق أقروه، وإن دلت على باطل ردوه.
يقول ابن أبي العز الحنفي: والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة, أه.
لذلك فإن عرض العقيدة الإسلامية والدعوة إليها يجب أن يكون في أسلوب الكتاب والسنة كما فعل سلفنا الصالح لا بأسلوب غريب عنهما.
ومما تميزوا به: أنهم يجمعون بين أطراف الأدلة، وذلك بأن يرجع إلى القرآن كله، وإلى السنة كلها، ثم ينظر في فهم الصحابة وما نقل عنهم قبل تقرير أي حكم أو مسألة ولا يضرب كتاب الله بعضه ببعض، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضها ببعض ولا يضرب أحدهما بالآخر، فيسلك مسلك اليهود الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض والذين وصفهم الله بقوله كمثل الحمار يحمل أسفاراً عافانا الله من طرقهم ووقانا شرورهم.
والله الموفق،،