Friday 6th August, 1999 G No. 9808جريدة الجزيرة الجمعة 24 ,ربيع الثاني 1420 العدد 9808


الأفغان يدفعون ثمن القتال الأخير بين طالبان وأحمد مسعود
فرار 100 ألف من الطاجيك بعد استيلاء قوات طالبان الباشتون

* القاهرة أ,ش,أ, الدراسات والابحاث
احتدمت المعارك مرة اخرى في افغانستان بين حركة طالبان وتحالف المعارضة وتراجعت قوات قائد المعارضة احمد شاه مسعود امام الهجمات المتكررة لحركة طالبان التي تسيطر على نحو 80% من افغانستان والتي بدأت شن هجمات متواصلة شمال العاصمة كابول للقضاء نهائيا على قوات مسعود الذي يعتبر القوة المعارضة الوحيدة التي لا تزال تحول دون احكام سيطرة طالبان على كل الاراضي الافغانية.
ونجحت قوات طالبان في الاستيلاء على عدد من المدن المهمة شمال افغانستان اهمها مدينة شيرخان بندرا الاستراتيجية الواقعة على الحدود مع طاجيكستان بعد مقاومة ضعيفة من جانب قوات التحالف ومثل سقوط المدينة ضربة قوية لقوات مسعود لانها تشرف على طريق لامدادات الرئيسي القادم من طاجيكستان وبقطع هذا الطريق فقد مسعود موردا مهما للامدادات العسكرية من طاجيكستان وغيرها من جمهوريات آسيا وروسيا.
كما تمكنت قوات طالبان من الاستيلاء على مدينة شاليكار عاصمة اقليم (باروان) شمال افغانستان وواصلت تقدمها ودخلت منطقة جبل السراج ب على بعد 60 كيلومترا شمال كابول وذلك بعد ساعات من سيطرتها على قاعدة باجرام الجوية آخر القواعد الجوية في ايدي التحالف الشمالي.
ويضم محور شاليكار باجرام اكبر تجمع سكاني من الطاجيك انصار أحمد شاه مسعود ولهذا فهو من المعاقل الرئيسية له وخسارته تضع نهاية لوجود القائد مسعود في سهل شمالي الفسيح الذي يمتد من شمال كابول الى تخوم جبال الهندوكوش.
ويرى المراقبون ان سيطرة طالبان على مدينتي شاليكار وباجرام يضع تحالف المعارضة في موقع صعب لأنه يفتح الطريق امام قواتها للتقدم نحو وادي بانشير المعقل الحصين والملجأ الاخير لمسعود وقواته والواقع على بعد عشرة كيلومترات شمالا على منحدرات سلسلة جبال الهندوكوش وتحسبا لذلك فقد قامت قوات المعارضة بنسف المدخل الوحيد المؤدي الى الوادي حتى لا تتمكن طالبان من دخوله.
والمعروف ان طالبان فشلت في السيطرة على وادي بانشير لأكثر من عامين كما ان الروس فشلوا في السيطرة عليه خلال غزو الاتحاد السوفيتي لافغانستان في الثمانينيات,, ولا يزال القائد مسعود يسيطر حتى الآن على عدد من المقاطعات الواقعة شمال شرق البلاد والمجاورة لطاجيكستان الا ان المراقبين يعتبرون ان سيطرته على هذه المناطق ليست اكيدة بسبب التنوع الاثني لسكانها.
ويعتقد المراقبون ان هجوم طالبان الاخير كان متوقعا في هذا الوقت لان فصل الصيف هو الفصل الوحيد المناسب لشن الهجمات في هذه المناطق الجبلية التي تغطيها الثلوج فترة طويلة من السنة.
وقد جاء تفجر القتال في افغانستان بعد اقل من اسبوعين من مفاوضات السلام التي جرت في طشقند بهدف وضع نهاية للحرب الاهلية في افغانستان تحت اشراف الامم المتحدة وبمشاركة ممثلين عن طالبان والتحالف الشمالي والدول الست المجاورة لافغانستان اضافة الى ممثلين عن الولايات المتحدة الامريكية وروسيا.
واشاعت هذه المفاوضات جوا من التفاؤل باعلان ممثلي حركة طالبان وتحالف المعارضة استعدادهم للتفاوض لانهاء 30 عاما من الصراع السياسي والعرقي في البلاد الا ان جو التفاؤل لم يدم طويلا واندلع القتال في افغانستان مرة اخرى.
واكد تفجر القتال في افغانستان ان الجانبين المتحاربين لا يزالان بعيدين عن التوصل الى سلام دائم وايجاد حل سلمي للصراع الذي اصبح ينظر له على انه غير قابل للحل.
ويرجع المراقبون الفشل الدائم لأي حوار بين الطرفين المتحاربين وانتهاء معظم المفاوضات التي تتم بينهما باستئناف القتال الى سببين رئيسيين,, اولهما التعارض بين اهداف كل من الجانبين من المفاوضات حيث ترفض طالبان مناقشة مبدأ اقتسام السلطة في حين يطالب تحالف المعارضة بذلك كما انه يطالب برفع الحصار عن بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة وهو ما ترفضه طالبان ايضا.
وكان هذا الخلاف سببا في وقف اول مفاوضات تتم بين طالبان والمعارضة في ابريل 98 ولا يزال حتى الآن من الاسباب الرئيسية لرفض طالبان الدخول في مفاوضات مع تحالف المعارضة بشأن تقسيم السلطة في افغانستان حتى ان مؤتمر طشقند الاخير لم يتعرض الا الى ثلاثة موضوعات رئيسية هي وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى والعودة الى المفاوضات.
وثاني الاسباب في نظر المراقبين هو تضارب المصالح بين اهداف الاطراف الخارجية والقوى الاقليمية والدولية المؤثرة في استمرار الصراع في افغانستان وهي المسألة التي تفسر استمرار الحرب الافغانية منذ عام 89م وحتى الآن.
وقد اشار الى ذلك مبعوث الامم المتحدة الى افغانستان حيث اوضح ان مهمته قد تكون اسهل مائة مرة اذا وافقت الدول المجاورة لافغانستان على وقف المساعدات العسكرية للفصائل المتناحرة في الداخل.
ويذكر ان طالبان تنتمي في اصولها العرقية الى طائفة الباشتون وقد برزت على ساحة الصراع في افغانستان عام 94م عندما انتقلت اعداد من طلبة المدارس الدينية من بلدة سبين بولدك الافغانية الواقعة على الحدود مع اقليم بلوشستان الباكستاني الى ولاية قندهار في الجنوب الغربي لافغانستان وغيرها من الاقاليم التي كانت جميعها معاقل تتبع زعيم الحزب الاسلامي قلب الدين حكمتيار.
وتمكنت قوات طالبان من السيطرة على هذه الولايات بعد شهور قليلة من الاعلان عن ظهورها بسبب انقسام جماعات المعارضة على نفسها وانشغالها بالصراعات الداخلية.
ثم تمكنت حركة طالبان من السيطرة على كابول العاصمة في 27 سبتمبر 96م بعد انسحاب القوات الموالية للرئيس السابق برهان الدين رباني منها نحو الشمال وكان ذلك بداية لمرحلة جديدة في مسار الازمة الافغانية حيث واصلت الطالبان تقدمها واستطاعت في الصيف الماضي اسقاط مدينة مزار الشريف عاصمة التحالف الاوزبكي ومعقل الجنرال عبدالرشيد دوستم.
واعلنت طالبان سيطرتها على 80 في المائة من الاراضي الافغانية مغيرة بذلك الخريطة السياسية والعسكرية والفكرية لافغانستان في الداخل والتشابكات الدولية في الخارج وهي تسعى جاهدة خلال المعارك الحالية لمواجهة (أسد بانشير) احمد شاه مسعود,, القوة المعارضة الوحيدة التي لا تزال تحول دون احكام سيطرة طالبان على كل اراضي افغانستان.
وقد وجه الحاكم الاعلى لحركة طالبان في افغانستان نداء مستترا الى القوات الموالية لآخر خصومه الحقيقيين احمد شاه مسعود لينشقوا على قائدهم وينضموا الى صفوف قوات طالبان.
وقال الملا محمد عمر في بيان (من ينضم) الى طالبان ستكون حياته وممتلكاته محمية ومن يعارضنا سيعتبر متمردا يعمل لمصلحة الاعداء في الداخل والخارج,وصدر بيان الملا عمر عن طريق وكالة الصحافة الاسلامية الافغانية وهي وكالة مستقلة مقرها باكستان تخصصت في نشر انباء حركة طالبان,وقالت الوكالة ان عمر حث كل مقاتليه على حماية ارواح وممتلكات خصومه الذين ينضمون الى صفوفهم ومعاملة اسرى الحرب معاملة حسنة.
وقال محللون عسكريون غربيون انهم يتوقعون ان تحاول طالبان الفوز بتأييد انصار مسعود في الاقاليم الشمالية الشرقية بدخشان وقندوز وتاخار بدلا من ارسال قواتهم الى جبهات, وعمليات الانشقاق او ما يسمى (الانتصارات المأجورة) التي تدفع فيها اموال لزعماء الفئات ليغيروا ولاءهم امر شاع في الحرب الافغانية التي مضى عليها 20 عاما والتي حطمت البلاد وتركت مليوني لاجىء في باكستان وبلدان اخرى.
وفيما تواصل قوات طالبان هجومها على آخر معقل للمعارضة في شمال شرق افغانستان فيما يرتفع عدد اللاجئين يوما بعد يوم كما افادت مصادر مستقلة.
واضافت المصادر ان 100 الف شخص على الاقل فروا خلال الايام الاخيرة من المعارك بين طالبان وقوات القائد احمد شاه مسعود في سهل شومالي بشمال كابول الذي اخلته قوات المعارضة بشكل كامل.
واعلنت قوات المعارضة ان ميليشيا طالبان الحاكمة في كابول تقوم منذ ذلك الحين بكل انواع الفظاعات بحق المدنيين في هذه المنطقة المأهولة الى حد كبير من الطاجيك، الذين ينحدر منهم مسعود ومقاتلوه.
من جهتها نفت طالبان هذه الاتهامات وطلبت يوم الاربعاء من لاجئي وادي بانشير الذي لا يزال يخضع لسيطرة المعارضة ان يغادروا المنطقة وتعهدوا بتسهيل مرورهم، وقال وزير الاعلام في الحركة الملا امير خان متقي اننا مستعدون لتقديم المساعدة والعون اللازمين .
واضاف اننا نطالب بنقل سكان شومالي مؤقتا الى مكان آمن من الخطر وطلب مساعدة المنظمات الانسانية.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved