القطيف وأهل القطيف ومن واقع التاريخ والجغرافيا، وأمام المأساة التي حدثت خلال الأيام الماضية لانملك أمام هذا كله إلا أن نقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولاحول ولاقوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فبالقدر الذي يتعايش به الإنسان مع قوانين الله وسننه في خلقه بقدر مايعينه هذا على الإيمان بقضاء الله وقدره, وفي مأساة أهلنا في القطيف مايثير في النفس من أسباب الصبر والاحتساب بقدر مايثيره من الألم والحزن لما حدث، فمن أعماق القلب وصدق الوجدان أُشاطر كل فرد وكل أسرة هناك معزياً بكل الأسى والحزن فيما أصاب البعض منهم، راجياً من الله المغفرة والرحمة لمن قضى نحبه وأن يعجل الله بالشفاء لكل المصابين.
وحينما أقدم التعزية لهم بالذات فإنه عزاء لكل مواطن سعودي، فجميعناً أسرة واحدة في كل أرجاء الوطن الحبيب, إن المسلم المؤمن وهو يتقبل أقدار الله وقضاءه ملزم أن يفكر من خلال بصيرته ليستنبط العبرة من أحداث الحياة، واليوم لامجال للحديث عن الأسباب - أو المشاكل - الخطأ أو الصواب - في أسباب المأساة، ويوم نفرح بشفاء إخوتنا من المرضى ستكون الفرصة مناسبة لمراجعة كل الملابسات التي فرضت مثل هذه الكارثة, ولكننا اليوم ونحن نتوجه بالعزاء الصادق لندعو الله جل جلاله أن يرحم من انتقل إلى رحاب الله الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يمن الله عز وجل بالشفاء لكل المصابين, وللفاجعة ألم يعصر القلب فالعين تدمع توسلاً إلى الله العلي القدير أن يحفظ أبناء هذا الوطن الغالي وأن يرحم شهداءنا, كما أتوجه بكل أحاسيسي لآبائي وأمهاتي وإخواني وأخواتي وأبنائي في محافظة القطيف معبراً عن صادق العزاء والمواساة, ولعل مانراه من أحداث في العالم من حولنا حيث الكوارث والمصائب والحروب والأمراض مايخفف عن النفس والقلب آلامنا لهذا الحدث الجلل الذي تداعت معه كل الأحزان، فعسى انها بقوة الإيمان بالله تشحن النفوس بالقوة والصبر والاحتساب, ولقد قيل - ليس حي على الزمان بباق - فالبقاء لله أولاً وأخيراً، فسبحان الحي القيوم الذي لاتأخذه سنة ولانوم وله الحمد والشكر بعزة جلاله ومطلق جماله علىما نتكبده في حياتنا الفانية.
وليوفق الله علىطريق الخير والتوفيق والأمن والأمان أزماننا، فجميعنا بمشيئة الله ورحمته على موعد مع الخلود في رحابه وواسع رحمته سبحانه وتعالى.
فلقد خُلق الإنسان في كبد، وها هو عُمَاره اليمني حينما تداعت خواطره مع هذا كله يقول:
فَبََينَ اختِلاف الّلّيلِ والصبحِ مَعرَك يَكُرُّ عَلَينا جَيشُهُ بالعَجَائِب |
فلنستعن بالله ونتذكر بكل الوعي ذلك المدخل الإيماني العظيم حيث يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) صدق الله العظيم.
دكتور / عبدالمحسن بن عبدالله التويجري
الرياض