أسباب رحمة الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فان الله عز وجل من نعمته على خلقه ان هيأ لهم اسبابا يصلون بها الى رحمته تعالى.
وان من اعظم اسباب نيل هذه الرحمة تقوى الله عز وجل لقوله تعالى (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة وهم بآياتنا يؤمنون) فهذه الاية تبين ان رحمة الله العامة وسعت كل شيء وسعت من في السماء والارض وما بينهما وسعت البار التقي الورع الزاهد، والفاجر المخالف العاصي، وسعت المؤمن المصدق الموقن، والكافر المكذب الشاك، فلا مخلوق الا قد وسعته رحمة الله العامة، وغمره فضله واحسانه ولكن الرحمة الخاصة المقتضية دخول الجنة والزحزحة عن النار، ليست لكل احد بل للمؤمنين الموحدين المتقين، والتقوى: ان يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية.
ومن اسباب رحمة الله تعالى رحمة المخلوق لغيره من المخلوقات ففي الصحيحين عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله) وفي السنن (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء) قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله (ورحمة العبد للخلق من اكبر الاسباب التي تنال بها رحمة الله التي من آثارها خيرات الدنيا وخيرات الاخرة وفقدها من اكبر القواطع والموانع لرحمة الله) أ,ه وقال ايضا رحمه الله: (وهذه الرحمة التي في القلوب تظهر آثارها على الجوارح واللسان في السعي في ايصال البر والخير والمنافع الى الناس وازالة الاضرار والمكاره عنهم وعلامة الرحمة الموجودة بقلب العبد ان يكون محبا لوصول الخير بكافة الخلق عموما وللمؤمنين خصوصا كارها حصول الشر والضرر عليهم فبقدر هذه المحبة والكراهة تكون رحمته)أ,ه.
ومن اسباب رحمة الله اتباع كتاب الله والعمل به والاستماع والانصات عند تلاوته قال تعالى: (فهذا كتاب انزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون).
وقال تعالى واذا قرىء القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ومن أسبابها ايضا الاستغفار كما قال تعالى: لو لا تستغفرون الله لعلكم ترحمون .
ورحمة الله تنال بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى (واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون).
ورحمة الله اسبابها كثيرة ولعلي ذكرت اجمعها والله سبحانه وتعالى يقول: (ان رحمة الله قريب من المحسنين) جعلنا الله من المحسنين والله الموفق.