تحقيق : شيخة العبدالهادي
اضطرت ظروف المعيشة الصعبة بعض الامهات الى ممارسة العديد من المهن على اختلاف مدخولاتها بدءا بالاعمال اليدوية وتصاعديا حتى الوصول الى الطب الشعبي وماقد يصاحبه من الدجل والشعوذة ومنهن من تنقلن بين هذه المهن حتى وجدن افضلها واسرعها ربحا فأصبح الطب الشعبي السمة البارزة لدى اكثر هؤلاء العاملات فهن يتعاملن مع الاعشاب ويصفنها كأمهر طبيب كما ان هذه الوصفة لا تتعدى ما لديهن من اعشاب يدعين ندرتها وارتفاع سعر تكلفتها الاصلية فما يكون من المريض او المريضة في بعض الاحيان الا افراغ ما في الجيب بحثا عن المصلحة المفقودة او امل الامومة اليائس.
أم راشد تشترط 5000 ريال قبل الكشف والفاتحة تطلب من مريضتها إحضار ديك أسود لفك السحر
وفي هذا الاستطلاع وبين جولة ومهاتفة نحاول الكشف عن بعض الحقائق التي يجهلها بعض عامة الناس ولكن كل ما نخشاه هو ازدياد عدد الجهلة ومحاولتهم البحث عن هؤلاء المدّعين للطب دون التحقق من صحة ما يزعمونه - نسأل الله الهداية للجميع.
خمسة آلاف لفك السحر
ام راشد (القارية) هكذا اشتهر اسمها في حيها وفي الأحياء المجاورة ولها شعبية واقبال خاص لم نجد صعوبة في الوصول الى منزلها, لقد وصفته لنا بنفسها من خلال الهاتف وصفا دقيقا, وهو في حارة شوارعها ضيقة تمتلك عمارة من هذا النوع ايضا سكنت هي الدور الاول مع بقية الاولاد والاولاد الكبار لهم الادوار العلوية مقسمة الى شقق ضيقة, الجدران المؤدية الى شقتها تملأها كتابات الاطفال ورسوماتهم بجميع الالوان وكتابات بجميع اللغات ما يفهم وما لا يفهم حتى وصلنا اليها وحدثت صعوبة في الدخول خلفها الى غرفة القراءة فقد كانت ارضية المنزل مملوءة فراشا يملأه الاطفال نائمين وعندما جلست سألتني عن شكواي فأخبرتها بان اختي هي المريضة واخترعت لها قصة وهمية معقدة بعض الشيء فجلست تفكر برهة ثم قالت اختك مسحورة ويجب ان تحضريها ولو بالقوة للقراءة فسألتها عن كيفية القراءة فقالت: انها تقرأ القرآن: المعوذتين وسورة الكرسي وتعني بذلك آية الكرسي وتستعمل الماء والزيت والسدر لاخراج المرض ثم قالت سأصب على رأسها الماء المقروء فيه فسترين السحر يخرج مع قطرات الماء المتناثرة من رأسها وبعدها ستكون طيبة ولن تشعر بشر بعد ذلك ولكن قبل ذلك عليك ان تدفعي خمسة آلاف ريال فالشفاء مضمون ولذلك يجب ان اضمن حقي وما ان قالت ذلك حتى شعرت بقشعريرة فكيف لها ان تضمن شيئا بيد الله ثم ان طريقة العلاج لم تكن مطمئنة فضلا عن نظراتها المريبة فعندما تتكلم بعد التفكير تشبك اصابع يديها مع بعض وتوجه نظرها باستقامة الى الباب دون ان ترمش بعينها في جلسة (متربعة) ولا تتحرك مطلقا فسألتها ايضا عما يمكنها معالجته ايضا فذكرت اشياء كثيرة غير السحر والعين وبكاء الاطفال وما يتعلق به, شكرتها على هذه الاستشارة الطيبة وخرجت من عندها وانا افكر فيما شاهدته وقد لفت انتباهي تعليقها لصور وارتفاع صوت لمسجلات بالموسيقى فهذه ليست من علامات الصلاح والتقى وعند باب الخروج رأيت امرأة كبيرة في السن قادمة اليها فسألتها عن سبب مجيئها وما رأيها في العلاج فأجابت بسرعة ولهفة: منذ ستة اشهر وانا اتردد عليها والحمد لله فقد وجدت العلاج لابني الذي ظل مسحورا لمدة خمس سنوات ولكن المشكلة ان السحر انتقل الى اخيه الاكبر ومنه الى اخته الكبرى ايضا وذلك بعد ان شفي الابن المسحور والسبب من زوجته التي لا تخاف الله فيا ليت السحر ينقلب اليها بدل تنقله بين الاخوة فقد ذهبت بابني المسحور لاكثر من دولة خارج البلاد ولكن دون جدوى وما ان سمعت عن هذه المرأة جزاها الله خيرا حتى جئت اليها من الخفجي والحمد لله فهي ليست من المشعوذين تركت العجوز وواصلت رحلتي وانا افكر في هذه المرأة .
فتح الكتاب والديك الأسود
سمعت عمن يقال لها و تابعت ما سمعت حتى وصلت الى وصف دقيق الى عنوانها اصطحبت معي صديقتي المقربة ومن بحثت معي عن عنوانها مع انها طوال الوقت كانت تحاول منعي من مواصلة مشواري خوفا علي من ان اصاب بأذى فتوكلنا على الله وذهبنا اليها كانت تسكن في حي شعبي بين منازل طينية موحشة عندما دخلنا منزلها الذي لم يكن يحجبه عن الشارع سوى ستارة من قماش لانها كما تقول متوكلة حق التوكل عندما دخلنا استقبلتنا عجوز شمطاء منحنية الظهر اجلستنا في مكان ضيق اشبه بالممر ثم سألتنا عن شكوانا وكالعادة اخبرتها بقصة مخترعة فطلبت مني خمسين ريالا لفتح الكتاب لم اتردد فأخرجتها وانا ابطن لها الشر بان اخبر المسؤولين عنها عندما اتثبت من حقيقة امرها فأخذت المبلغ ودخلت الى داخل المنزل واثناء ذلك دخل شاب وفتاة الى المنزل ثم جاءتنا الفتاة وجلست وقالت انا ابنتها وهذا اخي ايضا ثم دخلت سيدة اخرى وجلست الى جانب صديقتي التي كانت تنظر الى كل ما حولها في صمت سألت السيدة عن كيفية العلاج فقالت: ان ام مرتضى لا تستطيع فتح الكتاب الا بخمسين ريالا وهي مضمونة العلاج وبعد شراء الدواء تعطينها ما تجود به نفسك من مال وكل حسب كرمه ثم جاءت ام مرتضى وقالت ان اختك مسحورة وعلاجها سيكلفني الكثير وعليك ان تأتيني من الغد بالمال لشراء العلاج وقطعة من ملابسها لاكشف لك ماضيها ومن سحرها واين مكان السحر فسألتها عن العلاج المستخدم فقالت:
عليك ان تبحثي عن ديك اسود وتأخذي منه سبع ريشات وتحرقيها ساعة غروب شمس الجمعة في الزاوية الشمالية من سطح منزلها وفي الجهة التي تليها عليك بان تذبحي حمامة متوفى زوجها عنها وتدهني شقيقتك بدمائها وتبخريها ببخور بقي عندي منه القليل ثم تأتيني بالسحر عندما اخبرك عن مكانه لافكه لك وعندها ستقوم اختك مثل الفرس لا تشكو شيئا شكرتها وخرجت منها وقد عزمت على ما نويت من ابلاغ الهيئة لاصطحب معي عضوة منها في اليوم التالي كان ذلك مساء يوم الاربعاء فانتظرت حتى يوم السبت ليبدأ دوام هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فلما جاء يوم الجمعة فوجئت باتصال صديقتي وهي تقول لقد علمت المشعوذة من جنها بما عزمت عمله فهربت وتركت المكان فطلبت منها ان تأتي وذهبنا سويا الى منزل المرأة فلم نجد احدا فعلا فسألنا الجيران عنها فقالت سيدة تسكن بجانب ام مرتضى الحمد لله انها تركت الحي فابنها هذا كثيرا ما يعتدي على اهل الحي اما بالضرب او الاضطهاد ولكون اهل الحي يخافون من سيطرة امه على الجن فيتركونه يفعل ما يشاء ولكن احدهم تشجع وابلغ الشرطة بما فعله الشاب حيث سرق سيارته وتركها في الصحراء وعندما علمت امه بذلك جمعت اشياءها وهربت والحمد لله الذي رفع الظلم عن اهالي هذه الحارة فحزنت لذلك فهذه المرأة ستذهب الى مكان آخر لا اعلمه وستمارس شرها وسيخضع لها ذوو الايمان الضعيف.
جاءها إلهامها في وقفة عرفة
أم خالد ايضا ذات صيت ذائع في مدينة الدمام تدعي انها تستخدم الاعشاب والقرآن في العلاج شاهدتها في احدى المناسبات حيث كانت توزع بطاقات تحمل اسمها ورقم هاتفها وكأنها تحمل تصريحا بذلك وقد كانت تعرض ما لديها من اعشاب وزيوت وتزعم انها تشفي جميع الامراض ولا يستعصي عليها منها شيء اخذت رقم هاتفها وطلبت منها ان اجري معها حوارا صحفيا عندما آتيها لم تمانع ابدا بل رحبت بذلك كثيرا وقالت سبق ان قالت لي قبلك اثنتان من الصحفيات لكني لم ارهما ولم يحدث بيننا شيء وبعد اسبوع اجريت معها اتصالا هاتفيا ولم استطع الذهاب اليها وعندما هاتفتها سألتها عن هذه المقدرة العجيبة على التغلب على جميع الامراض فأجابت انني لست انا الوحيدة فوالدتي قبلي والسبب في ذلك انها وقفت في عرفة ودعت الله ان يلهمها واياي طريقة لعلاج المرضى وفعلا استجاب الله لدعاء والدتي واصبح المرض الذي لا ينفع فيه الدواء بالاعشاب اقرأ عليه ما تيسر من القرآن فيشفى باذن الله ولن يأخذ معي اكثر من ثلاثة ايام ثم ان المبلغ الذي اقبضه لقاء ذلك مبلغ رمزي ويسير فالناس يأتون الي من كل مكان واخذت تروي لي قصصا كثيرة عجيبة تحاول ان تثبت لي بها صدقها وانها تضمن الشفاء التام لكل من يأتيها من داخل المملكة وان اصعب حالة لا تأخذ في يدها شهرا والحقيقة انني خفت على ديني من الذهاب الى مثل تلك المرأة فالانسان ضعيف ثم ان لديها ثقة كبيرة بنفسها .
وعند المداوية
دواء لكل داء
سمعت ايضا عن ام محمد كانت تعرف (بالمداوية) لم تمانع في اجراء مقابلة معها قالت انها في العقد السادس من عمرها وقد تعلمت هذه المهنة بالوراثة فقد كانت امها قبلها كما انها تقول ان هذه مهنة من مهن اهل البادية فنحن قد عاصرنا حياة البداوة كثيرا والتنقل من مكان الى آخر وهذه الاعشاب التي استعملها في العلاج مجربة منذ قديم الزمن وكثيرا ما يدخل العسل الطبيعي في تركيبة ادويتي وتعتمد عليه اضافة الى خلطه ببعض الاعشاب والنباتات المجففة والمسحوقة وتضيف ثم اني لا ادعي العلاج لكل الامراض فهذا شيء بيد الله ولكن كل ما اقوم به هو معالجة بعض الامراض البسيطة التي تصيب النفس البشرية اضافة الى علاج العقم اما بالاعشاب او التدليك (المروخ) ولا يأس من رحمة الله كما اعالج بعض امراض الاطفال وما قد يصيبهم من نوبات بكاء ثم عرضت علي بعض انواع الاعشاب المسماه بالادوية واخذت تسميها لي فهذا (سعوط) وهذا (مروخ) وهذا (لهوم),, كما انها تستخدم الكي احيانا وتلجأ اليه في معالجة بعض آلام الظهر وعرق النسا وتقول: ان اسعاري مغرية فأعلى ما اتقاضاه الثلاثمائة ريال ولا أدعي شيئا لا اعلمه, كان عندها سيدة عقيمة تبحث عن علاج ومع علمها بذلك الا انها لم تيأس من رحمة الله فتأتي الى ام محمد دائما لتعطيها بعض الاعشاب وتدلكها وفي كل مرة يحدوها امل جديد بأن يتحقق ذلك الحلم.
يشجعونهن
على الدجل
وهناك غيرهن كثيرات ولكن هناك نقطة مهمة في القضية برمتها وهي مربط الفرس فالناس (وهم المشجع الاول لمثل هؤلاء) عندما يصابون بمرض لا يلتجئون الى الله في الرخاء والشدة وانما يستعجلون الاستجابة للدعاء دون ان يتفكروا بما عملوا من عمل تقربوا فيه الى الله تعالى كما في قصة اصحاب الغار فاذا لم يرد الشفاء العاجل ذهبوا للدجالين والمشعوذين ممن يدعون علم الغيب دون تمييز بين الحلال والحرام ودون التفكير بأن من ابتلاهم قادر على شفائهم منه وان مع العسر يسرا ومتى ما التجأوا الى الله بقلب مخلص مؤمن صادق فعليهم ان يتأكدوا بان الله لم يخذل الذين ساروا على هذا النهج ممن قبله وبناء على ذلك فان الله لن يخذله والرسول عليه افضل الصلاة واتم التسليم قال: لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا,, رواه البخاري وقدوتنا في ذلك هو الرسول صلى الله عليه وسلم والانبياء من قبله وما اصابهم من مصاب جلل صبروا عليه صبرا جميلا لم يملوه وكلنا يعلم قصة مرض نبي الله ايوب عليه وعلى رسولنا افضل الصلاة والتسليم حيث بقي اربعين سنة يصارع المرض في جسده لم يجزع في تلك الفترة ولو ليوم او ساعة ولم يقنط من رحمة الله مع مقدرته على دعاء الله وهو على يقين بالاجابة ولكنه فضل الصبر فما بالنا اليوم لا نستطيع تحمل ما يصيبنا من ضيق بالالم والمرض ونجزع ونتسخط من اول شعور بالتعب ولا نطيل الوقوف بباب الله ساعة نسأله فيها الشفاء لا نسأله من احد سواه ونعمل بالاسباب من مراجعة طبيب او رقية شرعية
والنساء اكثر لهثا وراء الخزعبلات من الرجال بسبب طبيعة خلقتهن وما جبلن عليه من ضعف ولكن هذا ليس بتبرير يسمح لهن بفعل ذلك وانما عليهن التغلب على هذه الجبلة وذلك بالاعتصام بالله وحده وسد اية ذريعة يفتحها الشيطان لهن ليفسد عليهن دينهن وهن امهات الاجيال.
|