عزيزتي الجزيرة
خلق الله الكون وبعث فيه مقوماته التي تكفل استمراريته إلى وقت معلوم كتبه الله أزلاً وجعله من مفاتيح الغيب التي اختص بها جل وعلا، خلق الله عناصره الكونية الضخمة لتجتال دائبة في أفلاكه وفق قانون رباني ومنهج تكاملي فريد, خلقه الله أعوجا متوازنا، مائلا مستقيما في آن موحد، ليعلم الخلق ان الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة كما ورد في الحديث الشريف، وان حال الدنيا هو النكد والكدر، والظلم والعدوان، صفات سوداوية قاتمة تطغى على ذلك التكوين الدائر المختلج هي اقرب للزيف منها للحقيقة (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً,,,) (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).
هذا ,, ومن منظار آخر هو يجري وفق سنن كونية وقوانين متسقة متناسقة تتعادل اقطابها وتتزن كفتها فما من داء إلا وله دواء، وما من ظلم إلا وسيعقبه الانصاف وإن طال حالكه وادلهم خافقه، وما من شدة إلا وبعدها رخاء، كل ذلك ليعلم الخلق المكلفون ان الله هو العدل هو القدوس المتعالي المتنزه عن اي نقص وعن كل وصف يدركه عقل أو حس أو خيال، وان الله خبأ لحزبه أخير وأبقى، ليزداد الذين آمنوا ايماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا.
كون متلاحق مستقيم في تصريفه متكامل في منهجه ما من صفة نقص إلا وأمامها صفة كمال حسا أو معنى ومهما بلغ المخلوق من صفات الكمال والسداد فلن يعدم اخترام النقص والتقصير والفوات (ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى) ألم يستأثر بالعبقرية ذوو الاجسام النحيلة والاسقام المزمنة والأشكال الدميمة غالبا هم العباقرة والمفكرون والنبلاء والنجباء من خلال رصد واستقراء سيرهم الذاتية أولئك المعنويون الذين رزقوا أذهاناً متقدة وافكاراً نيرة وذكاء متوهجاً ولكن على حساب أجسامهم وظواهرهم الحسية! لأن الكون خلق هكذا، والكمال المطلق للخالق عز وجل.
ثم إن العكس صحيح حينما يغط العقل في سباته ويتلفع في بياته وينغلق الفهم الذي كان يتغذى من الجسم في اغلب احواله,, كل ذلك في ظل العضل على حساب العقل إلا من تداركته كرامة الله لحكمة يراها فيرزقه بسطة في العلم والجسم، كل ذلك لا يتنافى مع الحرص على السلامة والأخذ بالحيطة وبناء القوام.
فاصلة : (من نظمي) :
كان ذاك الفيل يمشي في الدجى وظلام الليل يخشى من قواه فاستفاقت فأرة من نومها واستشاطت: أين يسرون العتاه ؟ فمضت تصرخ في روع الذي صار يجري خائفا ممن اتاه: قف نراجع لا تخف يا دغفلُ صعق المسكين مما قد دهاه ضحك الليل وأبدى سنهُ فأتى الصبح ينادي في السُعاه: كملُ الجسم فأغضى عقله من لعقلٍ حين تجفوه الأساه ؟ |
فهد بن علي بن دخيل الغانم
الرياض