أحياناً مهما كانت ثقتنا بأنفسنا كبيرة أو زائدة قليلاً لكوننا نعرف قدراتنا الذاتية وامكاناتنا ونعرف ما نريد تحديداً، الا ان هناك من يحاول زعزعة ثقتنا بأنفسنا وتشكيكنا في أعز ما نملك وهي مشاعرنا بل ربما فسر بعضهم هذه الثقة العالية بالنفس على انها نوع من الغرور والتعالي على الآخرين!
وأمثال هؤلاء الذين عادة ما يشككوننا في ثقتنا بأنفسنا بطرقهم المختلفة، غالبا ما نجحوا في مسعاهم ويجعلوننا نتردد في تصرفاتنا نتخبط في قراراتنا بعد ان كنا واثقين من انفسنا، يجعلوننا نفكر ونفكر قبل ان نقدم على اية خطوة مهما كانت بسيطة، ونشكك في كل من حولنا وفي كل شيء لدرجة المبالغة فهل نسمح لهم بذلك؟
وبالطبع، فإن امثال هؤلاء لا يهمهم ان نكون شديدي الثقة بأنفسنا لأنهم يفتقدون تلك الثقة بالنفس، يرون هذه الثقة الكبيرة بالنفس ميزة لا تتوفر فيهم ولا تنطبق عليهم, وهذا الامر لا ينطبق على فئة معينة من البشر دون غيرها، كأن تكون بين رئيس ومرؤوس مثلا، ولكننا نجدها في كافة اوجه الحياة الاجتماعية وباشكال مختلفة وفي كل مكان وقع اناس كثيرون انظر لنفسك انت الآن، واسألها بكل صراحة وجدية: هل أنت واثق من نفسك في جوانب تعتقد انك موهوب فيها ومتمكن منها او في اية جوانب من شخصيتك؟
ما هو رأي المحيطين بك وبالذات داخل الاسرة حول هذه الثقة التي هي جزء منك؟ وبماذا يفسرونها؟.
والاهم من ذلك، كيف يتعاملون معك بمقتضاها؟
والاكثر اهمية من ذلك، ما هو تأثير ذلك عليك نفسيا وعلى من حولك؟
ما عليك فقط هو تحديد جوانب تلك الثقة العالية بالنفس,, ان وجدت طبعا - واذا كانت ثقتك بنفسك عالية وهناك من يقدرها ممن هم حولك، ويفسرونها على انها ميزة وخصلة جميلة، ويساعدونك في تنمية مواهبك على نحو يؤثر عليك ايجابيا من الناحية النفسية، فثق انك محظوظ لان هذا جزء من تفهم الآخرين لك، ومؤشر على حجم الثقة التي تحظى بها من الآخرين والراحة النفسية التي تشعر بها.
واذا كان الامر كذلك، فمن واجبك ان تشكر الله على هذه النعمة التي يفتقدها الكثير منا الذين هم في عداد النسيان من المجتمع.
فهناك فئة وربما انت واحد منها - لديها ثقة كبيرة في نفسها، لكونها تمتلك موهبة دفينة او قدرات شخصية مميزة وتملك من مقومات النجاح الاجتماعي الكثير جدا، ومن المواهب ما يمكن ان يفجر الطاقات الكبيرة التي يحتاجها المجتمع، ومن المشاعر الانسانية الصادقة ما يجعلها تسعد الآخرين وتحب بصدق وتعمل بإخلاص, ومع ذلك، تجد هذه الفئة مغلوبة على أمرها، مسلوبة الارادة ومهضومة في الكثير من ابسط حقوقها الانسانية! تريد ان تقول لمن حولها ولمن هي بينهم انا هنا اريد ان اعبر عن نفسي، اريد ان تشعروا بي، اريد ان تتفهموا حقيقة مشاعري، اريدكم ان تتأكدوا من الموهبة التي اعطاني الله اياها، اريد فقط ان تلتفتوا اليَّ وتعطوني جزءا من وقتكم الذي لي حق فيه بحكم ولايتكم عليَّ، ولكن هذه الفئة - التي قد تكون انت واحدا منها - لاترى منهم سوى آذان صماء! هذا ان لم تقابل بسخرية، وبكلام جارح يفقدها انسانيتها ولا تملك حينها سوى أن تصمت رغما عنها وتطلق العنان لدموع حرى على تلك الوجنتين تضطر على إثرها الدخول لغرفتها واعلاق بابها عليها لمواصلة بكائها المر الذي هو عزاؤها ودواؤها الذي ليس لها سواه، والتفكير في هذه الحياة البائسة، وبتلك الاحلام الوردية التي اضحت سوداء ، وبتلك الطموحات التي اصبحت سرابا! وبأولئك المحيطين بها الذين يريدون ان يستغلوها باستمرار وبشكل مكشوف دون ان يكون مقابل ذلك احترام او تقدير او حتى مراعاة مشاعر!
ولو كنت من هذه الفئة - واتمنى الا تكون منها - فاعتقد انك توافقني الرأي في انه ليس لك ان تبدي الرأي حتى مع اقرب الناس اليك فما بالك بالاعتراض والمواجهة؟!
إنك تعرف احيانا ان ما يطلب منك شيء غير منطقي او غير عادل او مجحف في حقك او انه فوق طاقتك او يتعارض مع ابسط حقوقك الانسانية ومع ذلك تكتم في نفسك وتراكم القهر فوق القهر وتبتلع الظلم وتقول في نفسك عليَّ ان اقبل الامر واوافق على مضض ، لأنه ليس لي خيار آخر!! اما ان ترحل بعيدا تجنبا للمشاكل والعيش بكرامة، فهذا يبدو انه لم يثمر مع بعض من أولئك الذين رحلوا بعيدا اعتقادا منهم انهم سوف يكونون في راحة، وإذا بالمشاكل تلاحقهم بالهموم ترافقهم! وبالوحدة القاسية اصبحت أنيسهم، تغرَّبوا عن اراضيهم واهلهم فاكتشفوا بعد رحيلهم ان الغربة هي غربة الروح،! اكتشفوا صحة ما يقوله الشاعر حينما قال
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند |
وهكذا وبهذه الطريقة وبغيرها ينتزع الآخرون ثقتنا بانفسنا، ويشككون في قدراتنا خصوصا عندما نستمع اليهم باستمرار ونعطيهم الوقت الكافي للاصغاء وكأنهم ناصحون لنا ومحبون بينماهم كارهون لنا ومستغلون! وشأن آخر لايقل اهمية عن فقدان ثقتنا بانفسنا من قبل الآخرين؛ هو اننا احيانا ومهما كان حجم عطائنا وتضحياتنا لمن نحب ولمن يستحق واهل لهذا العطاء والنصيحة، الا اننا نجد من يحاول التقليل من شأن هذا العطاء او تحجيمه او إظهاره على انه شيء مبالغ فيه يقصد به اشياء اخرى في النفس لم نفكر بها او نقصدها على النحو السيىء الذي يعنونه!
ونحن لاننكر ان هناك من يعطي بكثرة او بشكل ملحوظ بهدف ان يظهر عطاءه للآخرين ويبرزه على الملأ، ولكن أليس هذا افضل ممن لا يعطي؟ أليس هذا افضل ممن يوزع عطاءه لأناس لا يستحقون؟ أو من خارج اهله او بلده؟! ثم من منا قادر على دخول قلوب الآخرين ومعرفة نواياهم؟ من؟
وليكن الامر كما يقولون، ولكن أليس ابن الوطن أولى بذلك العطاء من الغرباء؟ بل أليس الاقربون أولى بالمعروف من الغرباء؟ ترى ماذا يهمني؟ هل ان اشبع افواها جائعة وأرمم منازل تكاد تسقط على اهلها وأرسم البسمة على شفاه محرومة من العطف والحنان وأمنع انحرافات سلوكية وأخلاقية من ان تحدث بين فئات معرضّة لها من الجنسين ام ان التفت لمن يقول بان هذا العطاء هدفه كذا وكذا؟
ودعوني اقول بكل امانة - ولا اعتقد انني اذيع سراً بان لدينا ابناء وبنات داخل اسرنا ومن مختلف الاعمار وبالذات في مرحلة المراهقة والمرحلة الحساسة التي تليها بحاجة للمسات عطف وحنان وتقبل اكثر من أي شيء أخر يمكن ان نفكر فيه او نتصوره، لأنهم محرومون عاطفيا ويفتقدون لذلك الامن العاطفي الذي نبحث عنه نحن يامن ندعي اننا نملكه، وهذه ليست مرتبطة بعمر معين او حتى بجنس، بل ربما كانت تلك الحاجة للامن العاطفي بالنسبة للفتاة أو المرأة عرفا اكثر مما هي بالنسبة للشاب او الرجل بحكم الظروف التي تعيشها الفتاة او المرأة والضغوط المفروضة عليها والتوقعات المتوقعة منها فهي بحاجة لتفهم من نوع خاص، بحاجة لطبطبات حانية، بحاجة لأب يشعرها بأخوته ولأم تشعر معها وكأنها صديقتها تفضي اليها بما يجول في صدرها وتستشيرها فيما يعن لها من تساؤلات وما يصادفها من مشكلات.
كثيرا ما نقول بأن من لم يشبع من الصغر فسوف يظل في حالة عطش مستمر، ولكن هذا غير صحيح اطلاقا، لانه مازال هناك متسع من الوقت لا نستقبل هذا الحنان ونتشربه, تخيل نفسك انت من هو بحاجة لهذا العطف والحنان، هل ترفضه لمجرد انك كبرت في السن او ان كبرياءك يمنعك من قبوله أو أو؟ لا أعتقد ذلك , واذا كان الامر كذلك، فلا تبخل به على من هم حولك، ولا تستكثره عليهم او تقلل من اهميته بالنسبة لهم، اعطهم اياه ولو على جرعات حسب ما تستطيع فقليل دائم خير من كثير متقطع، ولنتذكر ان المشاعر الانسانية اكثر حساسية مما نتوقع خاصة مع مرهفي الحس، اما نحن ، يا من نحن بحاجة لتفهم الآخرين لنا وتقربهم منا، فعلينا ان نشجعهم على ذلك ونذكرهم بحقنا عليهم ولو بشكل غير مباشر لان الناس فيهم الخير وبحاجة لان نعرف المداخل والاوقات التي ندخل الى قلوبهم من خلالها, فقط تذكر انك لست بمفردك، مهما كنت بعيدا، ومهما شعرت بالغربة، فهناك من يهمه أمرك وتسعده ابتسامتك فقط تذكر ان هناك من ينتظرك ليستمع إليك وليشاركك همومك وافراحك ويكون لك عونا بعد الله باذن الله .
* همسة
أحيانا,, حينما نكره بصدق,.
لا يتعب سوى نحن.
لأن من نكرهه,, لا يعرف ذلك.
لايبالي بكرهنا له!
لا يهتم برضانا عنه؟
* * *
وهذا ما يزيد من تعبنا؟
وفي هذا مدعاة.
لأن ننسى الكره.
لأن ننتزعه من قلوبنا.
لأن نستبدله بالحب,.
لأن الحب هو الحياة.
والحياة هي نحن,.
* * *