انتشرت جرائم النشل في الوطن العربي بشكل ملحوظ بعد الحرب العالمية الاولى (1918-1919م) نتيجة احتكاك بعض المجرمين ممن كانوا يعملون في القوات المتحاربة,, واول اداة عرفت في تلك الجريمة هي موسى الحلاقة (SAFETY RAZOR) لشق الجيوب وكان استخدامها بإصبعين امرا يحتاج الى مهارة بالغة ومرونة فائقة ولهذا كان النشالون في الغالب يعدلون عن هذه الوسيلة اذا ما تقدمت بهم السن وفقدوا مرونة اصابعهم, كما ان من اسباب عدولهم عنها احتمال اصابة المجني علية بجروح ولو بسيطة او اصابات غيره من الناس وسط الزحام.
يشب النشال في بيئة مجرمة فينشأ مجرماً ويتلقى فنون النشل ويتدرب عليها من الوسط المحيط به: او يكون من وسط آخر وينزلق نتيجة خروجه عن سلطة الوالدين فيتلقاه نشال محترف ويتعهد له بالانفاق والتدريب.
احد النشالين المحترفين اوجد (نموذجا) من الخشب المكسو بالقماش وعلق عليه جاكتة خيطت وعلقت بها من الداخل عدة اجراس صغيرة ودرب الاطفال على اخراج حافظة نقود من جيبها الداخلي دون ان تدق هذه الاجراس,,وكان يطالبهم بقطع ورقة على سطح ماء في حوض وينجح من يشقها دون ان تبتل.
تتطلب جريمة النشل مهارة فائقة وجرأة نادرة وفي اغلب الاحيان يكون اكثر من نشال يزاحمون المجني عليه وينشله احدهم وربما وقف اخر للتحذير او المساعدة في الهرب, اذا اكتشف امرهم, ويكثر النشل في الاماكن العامة، المواصلات، الاسواق ، المستشفيات، الحدائق والمنتزهات.
للنشالين طرق عدة منها افتعال المشاجرة مع صديقه ثم يأتي نشال اخر لتهدئة روع الضحية ويحضنه وينتهز الفرصة فيسرق حافظة النقود,, وفي وسائل المواصلات لاتتعرض الضحية للنشل الا وهي واقفة وتكثر بالقرب من الابواب وتقل في الداخل الا ان الجالس ربما يتعرض ايضاً للنشل في حالة وجود النقود في الجيب,, ولاتقتصر جريمة النشل على الجيوب بل تتعداها الى سرقة الساعات واقلام الحبر والنظارات,, في حالة ساعة اليد تقطع جلدتها بآلة حادة عند التقائها بالساعة بضربة سريعة ويتلقفها بيده الاخرى, اما اقلام الحبر فتسرق بدفع القلم الى اعلى بجريدة مطبقة او قطعة كرتون ويشترط في هذه الحالة ان يكون النشال في مواجهة ضحيته.
وفي بعض البلاد العربية خارجياً حيث الاختلاط في المواصلات، يشارك صغار النسوة في النشل ولاتمارس الفتاة النشل بمفردها بل يكون معها اخرى او اخر لتزاحم هي في الصعود والنزول من المركبة والاخرى تنشل، كما يقمن بطرق اخرى متذرعات بالزحام حيث يمكن في دلال على الرجل وتسرق حافظة النقود ثم تغادر دون ان تحس الضحية ولايقتصر نشاطهن هذا على الرجال بل يتعداهم إلى بنات جنسهن فلاتسلم حقائب اليد ولا الحلي الذهبية على المعاصم.
لاشك ان ارتكاب جريمة النشل يخضع لعوامل طبيعية، وبما ان هذه الجريمة تتم في وسط الزحام فان الشتاء يكون فرصة لانتشارها اذ يكثر الناس من لبس الملابس الشتوية مما يقلل من الشعور بالاحتكاك ويسهل مهمة اللص, ايضا ان الملابس الثقيلة توحي بالطمأنينة والامان مما يجعل مرتديها يحملون مبالغ كبيرة.
ريمة النشل تكثر نهاراً وتقل ليلاً وذلك لان الزحام في النهار اشد كما انها من الجرائم التي تحتاج في ممارستها لاضاءة كافية وهي لاتتوفر الا في النهار.
|