** نحن نظلم الشعر الشعبي عندما نجرد كل قصائد هذا الشعر من المضمون الجميل، وعندما نشن على جيده حرباً تدعو إلى مواراته التراب,,!
إن الرأي المعتدل في تقديري أن نأخذ بحسن هذا الشعر وأن نضعه في موضعه، وبالطبع دون ان نمنهجه أو ندّرسه,, بل يقف الاهتمام به عند حدود معينة مع التركيز على الاهتمام به في ميدان التذوق والمشافهة وهو بهذا الفهم لا ضرر منه على أمة او لغة أو ناشئة، لكن كل الضرر عندما نجعله ذا القدح الأعلى على شعر الفصحى ولغتها الخالدة,
وإنني شخصيا أقرأ الشعر النبطي وأتذوق بعضه وأقول بعضه، بعد أن لاحظت أن الكثير المنشور عبر المطبوعات وصفحات الشعر الشعبية قد أساء له وجعل متذوقيه ينأون عنه, أجل,, إن جلَّ ما ينشر منه خالٍ من الشعر صورة ومضمونا وجمالا,,!
إنك عندما تقارن هذا الكثير الغث بالجيد النادر تقول في نفسك هل انقرض المبدعون في هذا الشعر ومن ثم فإن العملة الرديئة مع الأسف تطرد العملة الجيدة ليس في الاقتصاد فقط ولكن في الشعر أيضا؟ بل ان المعايير انتكست حيث نجد قصيدة رديئة سواء كانت فصيحة او نبطية مبرزة بالحرف الكبير واللون المتميز والرسم التعبيري، بينما نجد قصيدة رائعة قد اخرجت بطريقة ضعيفة وسيئة جدا,, والقارىء لا يدري ان الأولى مدفوعة الثمن والثانية دفع صاحبها ابداعه فقط.
ما علينا,.
وأتوقف هنا عند قصيدة نبطية بالغة الجمال جوهرا وصورة وجزالة,, ولقد امتعتني قراءتها فسعدت بها كاستمتاعي بقراءة قصيدة فصيحة جيدة,,!
إن في هذه القصيدة لصاحبتها الشاعرة شموخ العربية وحياء الأنثى، وعزة المهرة الأصيلة:
وهي شاعرة أعرفها ككاتبة لكن لم أقرأ لها شعرا سوى هذه القصيدة وهي ترمز لاسمها باالمبرقعة وعنوانها:
أنثى,, ولكني عن ألفين رجال الله خلقني فوق,, بأعلى مبانيه كيف أنزل الواطي ولي منزل عال عزمي وصدقي، صدق، باسمى معانيه بي عفّة المهرة وبي روح خيَّال وحدي وصلت العز لآخر موانيه أنثي ولكنى عن ألفين رجال واللّي يروح,, يروح,, ما والله أبكيه أقط راسي,, لو خطر لي على بال ما رد للجاهل ولا أسمع حكاويه حياي يمنعني عن القيل والقال كل يبي قلبي وأنا القلب ما أعطيه نفسي عزيزة دونها بحور واجبال ما فيه منهم من تشدّ الظهر فيه متقاسمين الكون كاذب ودجال . |
أرايتم جمال هذه القصيدة,, جمال مضمونها وتميز معانيها وإضفائها على العربية صفات الشموخ والأنفة، والحياء والصدق، والبعد عن كل ما يذلّ نفسها، أو يهين أنوثتها؟
مرة أخرى ما أجمل هذه القصيدة وأستثني بيتها الأخير المترع بالمبالغة.
ولكن لعل لها عذرها فربما ان شدة ما نالها من أحدهم جعلها تسقط أحكامها على كل الرجال.
هذه الشاعرة كويتية اسمع عنها وقليلا ما أقرأ لها لأنها تنشر في مطبوعات نادرا ما أقرأها,, وهي الشاعرة والكاتبة التي ترمز لاسمها بالمبرقعة ولم أجد في هذه القصيدة الرائعة إلا مثلبا واحدا في بيتها الأخير,, وليت الشاعرة لم تختم به قصيدتها,, فإن كان فيه بعض الحقيقة فإن فيه الفائض من المبالغة حيث عممت حكمها على كل الرجال، والتعميم كما يقول المناطقة لغة الحمقى وأعيذ هذه الشاعرة المجيدة من ذلك وأربأ بها عن لغة الحمقى خاصة وان أبيات قصيدتها نهر من العزة، وروحها نسيج من الخلق الرفيع,, ولنقرأ معا: هذه القصيدة وقد عنونتها الشاعرة بعنوان: جريء.
** معذرة ,, فالبعيد حمار,,!
** ألطف حكم قضائي أوردته وكالات الأنباء من مصر المحروسة هو: أن المحكمة رفضت الدعوى التي اقامتها زوجة على زوجها بسبب وصفه لها دائماً بالالحمارة ,,!
والطريف جدا هو سبب رفض هذه الدعوى من المحكمة التي أشارت في حكمها الى ان هذا التعبير من كثرة استخدامه في وسائل الإعلام في (مصر) من تليفزيون وإذاعة ومسرح وفي المداعبات لم يعد دليلا على أن الشخص المقصود حمار بالفعل وبالتالي فإن الزوج لم يأت بشيء خارج عن المألوف.
ترى,,!
ما دام وصف إنسان لآخر رجلا أو امرأة بالحمار أو الحمارة أمر مألوف فهل يبدأ الناس في وضع هذا الوصف في قواميس كلماتهم وأوصافهم المألوفة,, بحيث عندما تريد ان تشكر إنسانا تقول له شكرا ياحمار فيرد عليك عفوا ياحمار ؟
أذكر في هذه المناسبة ان زميلا لنا توفي رحمه الله درست معه في عنيزة وذات مرة انفعل احد المعلمين بسبب تصرف منه فقال له ياحمار فما كان من هذا الزميل وكان معروفا بالسخرية المحببة إلا ان ضحك لهذا الوصف فغضب المدرس وقال: كيف تضحك؟,, هذا دليل مرة اخرى على أنك حمار ,, فما لبث الزميل أن قال: شكرا وماذا في الحمار من سب سوى انه حيوان طيب صبور؟!
وضحكنا وضحك الاستاذ معنا.
وبعد.
إن الوصف بالحمار يهون امام ما نسمع من كلمات وشتائم في وسائل الإعلام وقنواته! لقد اصبحنا نعيش في عالم شتم وقذف ولكن ليس على طريقة صفات الحمير بل ربما اشنع وأنكأ.
***
** دخيلكم ,,من المداخلة
** ألا تشعرون معي أن كلمة مداخلة أصبحت كلمة مملولة مسئمة لكثرة ما نسمعها في البرامج والحوارات والندوات والمؤتمرات حتى ليود الواحد منا ان يدخل في جحر ولا يسمعها.
ترى,,!
أليس أجمل منها، أو على الأقل للتخفيف من كثرتها,, أليس أجمل أو أخف منها كلمات مثل تعليق ، تعقيب ، إضافة وغيرها من الكلمات في لغتنا الجميلة التي وسعت كتاب الله لفظا وغاية.
فارحمونا يرحمكم الله.