يعتز الوطن برجال الاعمال المخلصين ، فالثروة عماد البناء، وقاعدة التنمية، واساس الإصلاح ، عندما تكون في ايد أمينة تستثمر في الوطن، وتتلمس نفع المواطن، فالوطنية عندما تتعمق في وجدان رجل الاعمال ينصرف عن الربحية المحضة الى الموازنة بين الربح وبناء الوطن، وقد عمد كثير من رجال الاعمال الى الاستثمار في الوطن، في زمن لايضمن لهم الربح الوفير، ومع ذلك فتحوا المصارف بالمال الوطني، فنفعوا البلاد، ولم يتركوها نهباً للمصارف الاجنبية، وعندما اسهم المال الاجنبي في المصارف، لم يمثل قوة مسيطرة، وإنما كان يسعى الى الربح المحض، وله الحق في ذلك، فالمال الوطني اخذ بزمام توجيه الاستثمار، فلم تحدث هزات تمس الوطن، او تنال منه من قريب او بعيد، وعندما حدثت القفزة العمرانية في المملكة العربية السعودية منذ عشرين عاماً كان رجال الاعمال في مستوى الحدث، فوسعوا مصانع الإسمنت القائمة، وأنشأوا مصانع جديدة، فاستثمروا اموالهم فيما يخدم المواطن، ومشروعات الدولة، فاستحقوا الثناء من المواطن، والدولة علىحد سواء, وقد خدم المال الوطني المواطن في مجال الغذاء، فقد اتجهت فئة من رجال الاعمال الى الاستثمار في الزراعة وصناعة الالبان، ومزارع الدواجن فنفعت البلاد وربحت، فالذي يقف اليوم علىمصانع البان نادك او المراعي او الصافي، أو مزارع الوطنية، او تربية الماشية في الجوف، او مزارع الفواكه في تبوك او مزارع الحمضيات في نجران، الذي يقف على تلك المشروعات وغيرها تتمثل له الوطنية الحقة في رجل الاعمال السعودي، الذي سخر ماله لخدمة وطنه ومواطنيه، وبعض المشروعات المتقدمة تتقدم على غيرها بشهادة الآخرين من خارج المملكة، وذلك دليل علىان رجل الاعمال السعودي لايسعىالى الربح وحده وانما يسعى الىالنفع، والإسهام في بناء الوطن، وفتح المجال لعمل المواطن في وطنه.
ومما اتجه اليه رجال الاعمال السعوديون التشييد والبناء فكونوا المعالم الاساس للمدن، فإذا اخذنا مدينة الرياض انموذجاً، فإن البنايات المتميزة كونت معالم للمدينة، فعمارة الامير محمد بن سعود في شارع الوزير (الملك فيصل) كانت معلماً بارزاً في مدينة الرياض قبل ثلاثين عاماً، ثم برزت عمارة الملك خالد في وسط المدينة، منذ عشرين عاماً، فكان القادم من الخرج يهتدي بها ليصل الىوسط الرياض ، واليوم يقام برج الفيصلية الذي فرض نفسه معلماً جديداً في الوسط الشمالي من مدينة الرياض، ويرى هذا البرج الان من اي مكان في مدينة الرياض, وبعد اشهر سنرى عمارة الامير الوليد بن طلال التي ستكون معلماً آخر في شمالي الرياض.
ومما اتجه اليه المال الوطني الاستثمار في الصحة ففتحت المستوصفات، والمستشفيات، فأصبحت رافداً للمستشفيات الحكومية، واتجه رجال الاعمال الى الاستثمار في التعليم فبرزت المدارس الاهلية الثابتة، حيث المباني المعدة والاجهزة المتطورة، وامتد الاستثمار في التعليم الىالجامعات وسنرى في المستقبل القريب ثبات هذه التجربة الرائدة.
إننا بانتظار الاستثمار المعتمد علىايد سعودية بحيث يذهب الريال الى جيب المواطنين لينفق في سوق الرياض، او جدة، او الدمام او غيرها من اسواق المدن، فيأخذ المال دورته في داخل الوطن، وفي تلك الحال سيثبت المستوى الاقتصادي ونكون قد سرنا في الطريق الصحيح للاستثمار, إن الاستثمار الامثل هو الاستثمار في الوطن، فالمثل يقول (شجرة في غير بلادك ماهي لك ولا لأولادك).
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل