الأطفال
في أي زمان أو مكان هم جمال الحياة وضوء الغد ومنارة المستقبل
لهم نجمع جسد الليل الحار بأطراف النهار الذاهب في الليل
لهم نسمّد الأرض البور بأعصابنا ونبذرها بزفيرنا وشهيقنا ونرويها بأنهار العرق
لهم نشيد المصانع المفتوحة للعطاء الدائم بعظامنا ونطعمها بأكتافنا ونزيتها بشحمنا
لهم نبني البيوت في الصحراء والجبال والهضاب والسهول والبحار والسواحل ولهم ولهم ولهم.
ولكن في الكثير من دول العالم الثالث خاصة تلك الدول التي لا تتوقف فيها الحروب القبلية والأهلية والطائفية والأيدلوجية والقومية المتسترة تحت لافتة الوطن، في مثل هذه الدول لا نرى تلك الأهمية التي نحملها للأطفال.
فنحن نرى على شاشات التلفزيون الميليشيات المدعوة بالشعبية كيف تجمع الكم الهائل من الأطفال وتقذفهم في اتون الحرب الدائرة بينها وبين الأطراف الأخرى والتي هي بدورها تقوم بحشد الصغار ووضعهم في الصفوف الأمامية من ساحة الحرب بالضبط كما تضع اكياس الرمل كمتاريس لخنادقها.
ونحن نسمع في نشرات الأخبار عن مدافن اطفال جماعية وجدت في مناطق الأطراف المتحاربة ونقرأ تحقيقات كثيرة لمراسلين شاهدوا بأعينهم أطفالاً يموتون أمامهم وهم يدوسون على لغم او يتقدمون مجموعة مسلحة.
وانا شخصياً لا انكر انني حينما أرى طفلاً لا يتجاوز العاشرة او اقل منها وهو يحمل بندقية تخر الدمعة من عيني ولكنني في نفس الوقت اشعر بالرغبة بالصراخ في وجه هذا العالم البشع الذي يحول الجمال الى قبح والابتسامة الى تكشيرة والضحكة الى دمعة مكتظة بالدم.
اي قلب حاقد هذا الذي يدفع الأطفال في عمر الورود الى صحراء الدمار؟.
اي روح هذه التي تعلمهم الذبح بدلا من تعليمهم القراءة والكتابة؟.
اي انسان هذا الذي يجعل من اطفاله واخوانه واطفال حيه طعاماً للرصاص ووقوداً للحرائق وجثثاً للغربان.
عندما ارى ذلك اشعر برغبة عارمة بالصراخ في وجه كل الدول المحبة للسلام.
ماذا تعني كلمة السلام وآلاف الاطفال في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وبعض دول اوروبا الشرقية يقادون الى الذبح اليومي مثل قطعان الخراف؟.
ماذا تعني كلمة السلام اذا كانت الدول المحبة للسلام تصمت وهي ترى جميع انواع الأسلحة تأتي من دول مجاورة لها والتي من مصلحتها استمرار مثل تلك المنازعات المتواصلة.
الى متى يقف عالم التقنية الجديدة والانترنت والهندسة الوراثية والمركبات الفضائية التي تشتغل على استعمار المريخ عاجزاً عن دحر هذه الميليشيات القميئة التي تشوه اسم الانسانية وتخرب وجه الحضارة, ,اذا لم يتحرك هذا العالم.
سنجده يوماً ما بلا روح وبلا قلب وبلا أطفال.
علي الشرقاوي