الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن السنة في هذه البلاد ولله الحمد، ظاهرة، وأهلها ظاهرون، ونحن نعيش - ولله الحمد- ولاة وعلماء وعامة في ظلالها.
والناظر في أحوال المسلمين خارج هذه البلاد المباركة، يجد بدعا كثيرة، وهي متنوعة، وبعضها على شكل احتفالات، ومن هذه الاحتفالات الاحتفال بالمولد النبوي الذي يوافق حسب التقويم الهجري يوم غد السبت، وهذا الاحتفال بدعة وضلالة ويمكن ايضاح ذلك من وجوه:
الوجه الأول: المشهور في كتب السيرة ان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم يوافق يوم غد وهذا منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف كما في سيرة ابن كثير وغيره، والثابت ان وفاة النبي صلى الله عليه وسلم توافق نفس اليوم ونفس الشهر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ويلزم من ذلك ان الذين يحتفلون بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم يحتفلون في نفس الوقت من غير قصد بوفاته، وهذا بلاشك كفر وضلال والعياذ بالله، فنسأل الله السلامة من شرور البدعة فإن لازمها دائما كفر وضلال.
الوجه الثاني: محبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تكون في الاحتفال بمولده، ونحو ذلك من محدثات الأمور إنما تكون باتباعه ونصرة دينه والدعوة اليه، والاجتماع عليه، والائتلاف به.
فهذا أمر إنما يفهمه حق الفهم من حقق التوحيد وصحح العقيدة واتبع ولم يبتدع.
الوجه الثالث: الدعوى التي يطلقها المحتفلون بأنه لا يوجد نص في تحريم ما هم عليه من الضلال، إنما هي دعوى قائمة على تصورات خاطئة وبعد حقيقي عن منهج السلف الصالح في العبادات.
فالسلف لم يكونوا يعبدون الله إلا بعد وقوفهم على ما هو ثابت في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك ان العبادة تقرب الى الله، والتقرب الى الله لا يكون إلا بما يحب، وما يحب الله لا نعلمه إلا عن طريق الوحي، والوحي لم يأت بمثل هذا الاحتفال.
وهذه الدعوى ونحوها مخالفة للنصوص الشرعية حيث قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) وقوله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي رواية من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .
وهذه الدعوى ايضا مخالفة لإجماع الأمة ان البينة على المدعي واليمين على من أنكر، أو بعبارة أخرى ان المثبت مطالب بالدليل وليس على النافي ، وهؤلاء عكسوا القواعد الشرعية المعلومة، وخالفوا الأدلة الصريحة الصحيحة، هدانا الله وإياهم لاتباع سنة نبي الهدى صلى الله عليه وسلم والله الموفق.