قد أكون مبالغا اذا قلت ان الدنيا كل يوم تتضح حقيقتها السوداء كسواد هذه السطور بل أعتم منها، ولا عجب من ذلك إذ لا تكاد تنزاح عنك غيمة أسى حتى تتلوها أثقل منها، حتى الصبر أصبح عملة مزيفة في خضم أمواج الهموم حتى كاد أن يطلب صبرا على صبره, أبواب الحياة غلقت في وجوه الضعفاء ونسمات السعادة حجبت عن التعساء، وطرق الحرية اقفلت أمام ذوي القيود والنظرة الحالمة اصبحت من الأماني، البسمة الناشفة صار لها ثمن، حتى الحب لم يعد حبا تمارسه القلوب، ولا ودا يختلج المشاعر ولا للعاطفة له مكان، بل أصبح أسير المادة، يسير معها أينما تريد ويتلون معها كما تحب,التفت يمينا تجد ألما، وشمالا تجد حسرة، وفي الخلف أشباح تطارد، والأمام مستقبل لن يكون أهون مما مضى، اذا لم يكن أسوأ,هذا ليس شؤما أو سواد نظرة، بل واقع مؤلم ولكونه كذلك نحاول غالبا الهروب منه، ونقول هذا تشاؤم حتى لا نواجه أنفسنا, إذن لِمَ نخدع أنفسنا، فالحقيقة شمس لا تحجبها غيوم الهرب، ولا جبال المجاملة، والمواجهة دليل القناعة الشجاعة.
عبدالله بن سليمان الوايلي - الرياض