من منا لم يقف موقف مودِّع,, اما لصديق ألفناه والتقينا معه في خطوط كثيرة فأصبح الحديث معه حديثا مع النفس نبوح له بهمومنا وأفراحنا ونشاركه ويشاركنا الحياة دون ملل أو سأم,, ثم أخيرا نقف له موقف الوداع,,!! أو أخ مكثنا معه أيام الصبا يضمنا سقف واحد تؤرقنا مواضيع مشتركة ويجمعنا تاريخ وتقاليد عائلة افراحنا واحدة,, والآلام واحدة,, ثم نجد أنفسنا نقف منه موقف وداع لانه سينتقل الى مكان آخر حيث بيت الزوجية,, او العمل الدائم,, وإما وقفنا لجار تبادلنا معه احلى العبارات ووقفنا ووقف معنا في أشد الظروف وأحلى المناسبات ثم نجده ونجد أنفسنا نحمل أثاث بيته واغراضه الى سيارة واسعة ونقبل أطفاله بحرارة,, ونلوح له بأيدينا لانه قرر الرحيل لاي ظرف كان!!ومن منا لم يقف موقف مودع لفقد عزيز انتقل الى رحمة الرحيم,, وكلنا أمام تلك المواقف وغيرها من مواقف الوداع نشعر بفراغ كبير داخل اعماقنا وحسرات على الأيام الماضية والذكريات,, ولا شيء سوى الذكريات,, ومنا من تدمع عيونه او يرتفع صوته بالبكاء,, والبعض الآخر لا يستطيع الوقوف في هذه المواقف فينسحب بهدوء,, وهو في ثورة بركان هائج,, وآخر يتصنع القوة والتحمل,, فما ان تقع العيون بالعيون كأنما السهام تخرج من اقواسها مندفعة الى القلوب لتحرك فيها مشاعر الحب والوفاء وتدق على وتر الألم الحزين نغمة لا تطول,, لكنها كفيلة بأن تجذبنا الى بعضنا البعض في شوق عظيم,, ومع مرور الأيام والسنين,, تبقى لنا الذكريات تأتي الينا ونذهب اليها من حين لحين!!
غير اني أرى أن وداع الأيام والشهور والسنين تبقى لحظات الوداع الأكثر ألما وحزنا,, وتحتاج بنا لساعات من التفكير والتحليل بصمت وبعمق,, في كل ما مضى من الحياة,, لأن من نودع هذه المرة هو العمر والعمر مرة واحدة في الحياة الدنيا والعودة لما مضى منه أمر مستحيل!!
اية لحظات نتأمل فيها رحيل العمر كفيلة بأن تسيل لها دموع القلب,, وان تجعلنا بين ماضي الأمل والألم,, وتجعل منا اشخاصا مكتئبين او متفائلين,, لأن الآتي من العمر والراحل هو ايضا كله في عالم المجهول!!
وقفة:
نحن راحلون,, راحلون في زحام
والشمس والقمر,, من حولنا في نظام,.
والأيام في نظام,, والعمر في نظام,, ونحن راحلون,.
لا شيء يرجعنا للوراء,, لا شيء يبقينا
وعبثا نحاول,, وتحاول الذكريات,,ان تعود,, وان نعود,,!!