Friday 11th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 27 صفر


لقاء الصراحة والوضوح,, في حديث الأمير نايف

حديث الإنسان تعبير عن نفسه، وان كانت تلك النفس كبيرة كريمة لرجل كبير يملأ مكانه بأمانة واقتدار، فلا بد ان يكون الحديث على المستوى ذاته، وهذا ما كان في حديث صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - وزير الداخلية - خلال افتتاحه لندوة الدعوة في عهد الملك عبد العزيز ، لقد كان الحديث شاملاً غنياً، وزاخراً بالمعاني العظيمة، ومعبراً عن المناسبة، ان الدعوة الى الله هي من اكبر الاعمال التي نذرت المملكة العربية السعودية وأبناؤها انفسهم لها منذ عهد المغفور له الملك عبد العزيز - رحمه الله - والى ماشاء الله، وتعبيراً عن الاهتمام، وعلى اعلى المستويات بهذا الامر كانت تلك الندوة.
لقد ابتدأ صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز حديثه بتعريف عن علاقة جلالة الملك عبد العزيز بالدعوة فقال: ( ان الملك عبد العزيز كولي امر وكرجل دعوة قد تحدث في كل امر من هذه الامور، ولعله من المفيد للجميع ان يطلعوا على كل ما قاله الملك عبد العزيز)، نعم لقد كان الملك عبد العزيز - رحمه الله - ولي امر، وكان في نفس الوقت رجل الدعوة التي جعلها من اول اولوياته، وبنظرة واحدة للدستور الذي اعتمده - القرآن الكريم - والراية التي رفعها (راية لا اله الا الله محمد رسول الله) نعرف مكانة الدعوة عند ذلك الرجل العظيم، ويتابع صاحب السمو الملكي حديثه بقوله: (والحمد لله ان الملك عبد العزيز - وهذا فضل من الله عليه - انه تابع، وليس مبتدعاً، وكذلك: انه لا يمكن ولم يحصل ان حرم حلالاً او حلل حراماً، فدين الله معروف، وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام - معلومة لدى الجميع)، وتلك النقطة الاهم لكل داعية والتي جسدها جلالة الملك حقيقة وواقعاً، فالدين الذي ارتضاه الله سبحانه لنا يطبق كما هو، كما اراده الله، وليس كما تشتهي الانفس، انه التطبيق الامين للدين القويم يقوم به من كان اهل له حقاً.
ويتابع سموه حديثه منتقلاً الى يومنا المعاصر وما يجب ان تكون عليه المملكة من استمرارية مع ذلك الماضي المجيد والعريق، فيقول: (ولكن علينا ان نحافظ على الثوابت، وعلى الامور الاسلامية، وعلى الاصول، وان نعايش الزمن بما لا يخل بامر ديننا ودنيانا)، اذا هي المتابعة والتواصل على نفس المنهج القويم، فلا ابتداع، ولا مستحدثات، ولكن نطبق الشرع في زماننا كما اراده الله سبحانه، وفي هذا الاطار يقول: (ان هذه الدولة - ان شاء الله - وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الامين، حريصون كل الحرص على هذا الامر، والامر كذلك لكل المسؤولين، وعلى رأسهم اصحاب الفضيلة مشايخنا وعلماؤنا ودعاتنا ومفكرونا)، ويتابع قائلاً: (ان هذه دولة دعوة)، لقد نطق باأ الحقيقة وبمنتهى الصراحة، فنحن في بلادنا كرسنا كل شيء لصالح الدعوة، ولا يعنينا الا مرضاة الله سبحانه، ولا نتأثر بلومة لائم في سبيل تحقيق امر الله سبحانه، وكعادته، فقد تمنى صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز - في ختام كلمته - التوفيق والسداد للجميع، وان يكفيهم الله شر انفسهم والشيطان، ويدلهم الى ما فيه الخير والصواب، ان شاء الله.
وتنهال الاسئلة التي تعتلج بها القلوب على صاحب القلب الكبير، وتأتي الاجوبة كما تشتهيها الانفس التي تعلقت بحب الله تعالى، فعلى سؤال حول جهود وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، وجهود الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مجال الدعوة الى الله، والحاجة الى ترجمة الدروس والمواعظ التي تلقى في المسجدين في المواسم وغيرها، اكد صاحب السمو ان هذا الامر يأخذ الاهتمام الذي يستحقه من الجهات المعنية في سبيل ان يستفيد من ذلك المسلمون في اقطار الارض قاطبة، وقال: (ان هذا محل اهتمام وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد والجهات المعنية الاخرى).
وحول سؤال يتعلق بنتائج دراسات اجريت في امريكا، وتفيد بان السجناء الذين يعتنقون الاسلام هناك لا يعودون للسجون ثانية بفضل الله تعالى، ثم بجهود الدعاة، اكد سمو الحقيقة القائلة: ان الامن يستمد قوته وقدرته من الاسلام، وقال: (ان الأمن في بلادنا - والحمد لله - قوته مستمدة من منبع قوى ومن اصل قوى يعتمد على كتاب الله، وسنة نبيه، والصلة مرتبطة وواحدة، ويجب ان تستمر ان شاء الله)لقد اكد صاحب السمو الملكي ان الداعية حقيقة هو رجل أمن، وتمنى ان يكون كل رجال الأمن دعاة يتعاونون على البر والتقوى.
وحول العصر وما تقدمه لنا الحضارة من وسائل قد يكون فيها نفع كبير - ويأتي على رأس ذلك شبكات الانترنت - يقول سموه: (ان التغيرات والتطورات - خصوصاً في الاتصالات - هي أمر فيه ايجابيات وله سلبيات، ولكن الخطأ ان نقف دون ان نتحرك مهما استطعنا الى ذلك سبيلا، او ان نحصن انفسنا من هذه السلبية، فالحقيقة هذا هو الواقع، كما ان العالم يقول انتقلنا من القرن العشرين الى القرن الحادي والعشرين، لكن انا كمسلم اقول اننا نحن في القرن الخامس عشر، لاننا نحن مسلمون وتاريخنا بالهجري، ولا نتجاهل ما يقوله العالم، وهذا اذا ادعينا نحن وقلنا اننا في القرن الخامس عشر ولا يغير شيء في الموضوع).
ويتابع قائلاً: ( اننا يجب ان نقف ونجاري العصر، ولكن بذكاء وعلم وادراك، وحذر في نفس الوقت، ولذلك نقول يجب الا نتأخر ابداً بان نستعمل الوسائل الموجودة الان في نشر عقيدتنا الاسلامية الصحيحة للتعريف بهذه البلد وما هي عليه، وكذلك الدفاع عنها بالطرق بنفس الوقت حتى نستطع ان نسمع العالم حقيقة كل النظرات) انه الفهم الواعي والمتأني لمستجدات الامور، وانه الاستيعاب الحضاري الذي يريده الاسلام، هذا ما وجدناه في سطور اجوبة صاحب السمو الملكي الامير نايف، فلا انغلاق على الذات، ولا ضياع امام تقنيات الحضارة، بل نفع وفائدة حسب ما يرضي الله سبحانه.
وفي جواب حول التكلفة المالية الباهظة عن النقل الحي لبعض المحاضرات والحوارات والاستفتاءات المباشرة وكذلك صعوبة حجز الخطوط الهاتفية والاقمار الصناعية قال سموه: ( هذه على كل حال مسؤولية كبيرة وملقاة على كاهل وزارة الشؤون الاسلامية، وعليها ان تعمل في هذا المجال، وسوف تعمل ان شاء الله على ان يكون البث المباشر، ممكناً، واعتقد انه يمكن التغلب على النواحي الفنية، ولكن نرجو ان مثل هذا البث المباشر يعد له الاعداد الصحيح، لانه سيواجه عالماً كبيراً، وكذلك لا يخفى عليكم في عالمنا الاسلامي من علماء ومن طلبة علم، وللأسف ممن ليس لديهم علم بالاسلام) ويتابع ( يجب ان يكون البث المباشر في افضل مستوياته ومدروساً، حتى يتسلح لمواجهة ما يأتيه من أسئلة، لان المهم ان يحقق الاهداف المرجوة منه).
ثم يأتي سؤال محوري حول العناية والدعم المادي الذي يوليهما قادة هذه البلاد - حفظهم الله - منذ عهد الملك عبد العزيز الى هذا العصر الميمون للدعاة، ويجيب سموه بقوله: (هؤلاء محل رعاية الدولة لا شك، قلنا وكررنا في لقائنا هذا او من قبله وهذا امر معروف ان الدولة دولة دعوة، وبلا شك ان هؤلاء هم رجالها، ولاشك انه سيكون دائماً محل الاهتمام والعناية) وحول المؤتمرات واللقاءات واهميتها في حياتنا الاسلامية قال سموه: (لا شك ان هذا امر مطلوب، ويجب على علمائنا ودعاتنا الا يتأخروا عن هذا ويسمع صوتهم عالياً، وهذه المؤتمرات تعقد في اماكن متعددة من العالم، ولا بد ان يكون من يذهب الى تلك المؤتمرات او الندوات قادراً قدرة علمية وقدرة عقلية وثقافية واسعة وقدرة لغوية كذلك عندما يتحدث في هذه المؤتمرات، حتى ينقل هذه الدعوة وما في هذه البلاد بشكل يجعل المؤتمرين ومن تصلهم نتائج هذه المؤتمرات في التصور الكامل والحقيقي بهذه البلاد وعلمائها ودعاتها).
اننا في هذه البلاد - والحمد لله - نعيش في ظلال الدعوة المثالية التي من الله بها على هذه البلاد وهي منهج السلف الصالح، وفي هذا السياق يقول سموه: (ان اقول واؤمن واصر في هذا المجال ان هذا هو واقعنا، واعتقد ان شاء الله ان ولاة امرنا وعلماءنا وطلبة علمنا مثقفون، واساتذتنا في جامعاتنا كلهم مؤمنون، ونحن لا نرفض في الحقيقة العلم النافع،، فالعلم والاسلام ليس لنا لوحدنا ولكن هناك محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك، هذا ما يجب ان نتمسك به).
ان الاسلام هو دين للدنيا والآخرة، وهو حياتنا كلها، ومن هذا المنطلق اشار سموه الى انه لا احد يستطيع ولا عاقل ومسلم يفكر في ان الاسلام يفصل الدين عن السياسة، وضمن هذا السياق اكد صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز ان الاسلام جاء لاصلاح البشرية بكل امر وعلم الانسان حتى كيف يتصرف مع نفسه، أو يتحدث في امور دنيوية.
يقول صاحب السمو الملكي: (انا اقول ما يوافق ديننا وما ليس بحرام، ونستفيد من هذه الامور، اما الاخوان الذين يأتون من الخارج بأفكار وما يسمونه بالايديولوجيات الفكرية سواء كانت في اطار الدين، او في اطار السياسة، فيجب ان نقول لهم: لا، فنحن مسلمون نتبع كتاب الله وسنة نبيه، ونهجنا النهج الذي علمنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون واصحابهم والمجتهدون من المسلمين على مر العصور، نقبل كل مايتفق مع ذلك، ونرفض كل ما يخالف ذلك بوضوح) نعم بوضوح وصراحة: هذه هي الحقيقة التي ترضي الله سبحانه، لخصها صاحب السمو بكلمات من ذهب.
وحول سؤال عن الهجمات والافكار الحاسدة التي تأتي من خارج الحدود والوسائل التي اتخدتها وزارة الداخلية لصد هذه الهجمات اكد سموه: (ان الأمن لم يوجد الا من اجلها، فأمن الجميع يأتي في المقدمة، يليه أمن الافراد) ويتابع قائلاً: ( نحن نعمل ما نستطيع من امور الدنيا ونتابع كل امر ، ونستفيد من كل شيء، ولكن لا يكفينا هذا عن الاعتماد على الله والاتكال عليه، ونطلب منه العون ان شاء الله، وان يكفينا شر من فيه شر، وان يجعلنا - ان شاء الله - قادرين على صد من يريد ان يعبث بأمن هذا الوطن وبأمن هذه الدعوة).
وفي هذا الاطار يحلولنا ان نذكر ان جهاز مكافحة المخدرات في ديارنا يعتبر من الاجهزة الاقوى على مستوى العالم بأسره.
وحول جنوح الكثير من الشباب في بلادنا وحاجتهم للتوعية والارشاد، اجاب صاحب السمو الملكي بقوله: (ان هذا الامر لايحتاج الى توجيه، لانه امر واجب واثق- ان شاء الله- ان الاجهزة المعنية بالتعليم مثل وزارتي التعليم العالي والمعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات انها - ان شاء الله - متعاونة مع وزارة الشؤون الاسلامية لتثقيف شبابنا ثقافة اسلامية فضلاً عما تحتويه المناهج من تعريف للشباب بنين وبنات بامور دينهم.
واكد سموه انه يجب ان نحصن شبابنا ونعلمهم بالشكل المناسب الذي يفهمونه بحكم السن والا يكون كذلك ثقيلاً عليهم، ويكون هذا عن طريق اصحاب الاختصاص او اصحاب القدرة الذين يعرفون كيف يتعاملون، وكل سن بما يرسخ في ذهنه، وتمنى سموه ان يبدأ ذلك باهل البيت وبعده المدرسة ثم العمل، واكد سموه ان هذا الامر متحقق ان شاء الله,
وفي تطرقه للحديث عن المرأة التي صانها الإسلام في ديارنا، رفض سموه ان تكون المرأة سلعة يتقاذفها من يشاء ويتكلم عنها، كما قال سمو ولي العهد، فهي الأم والأخت والابنة والزوجة، وهي شريكتنا في هذه الحياة؛ ولذلك يجب ان نصونها فيما يليق بها، ولا تتعرض لأمر، فهي خلقت وقدرت لما خلقت له، وعليها وظائف كثيرة تختلف عن الرجل بشكل واضح، وما كان فيه خير للمرأة وصلاحها وصلاح المجتمع، فهو لا يخالف امرا من امور الشريعة، ومن ثم قال سموه: ( يجب الاتستغل المرأة، وانا واثق ان المرأة نفسهاترفض ذلك، ولديها ان شاء الله من العقل والدين والقدرة ما يجعلها تضع نفسها في المكان اللائق بها، والرجل معين لها، وهي معينة للرجل، وكلنا في موقف واحد، ونسير - إن شاء الله - الى هدف واحد، ولايجب ان يفرق تفريقا فيه شطط بين الإنسان سواء كان رجلاً ام امرأة.
لقد كانت كلمة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود في افتتاحه لندوة الدعوة في عهد الملك عبد العزيز وماتبعها من إجابات تشفي الغليل، لقد كان ذلك إطاراً عاما صادقا وواعياً لما عليه واقع الدعوة والدعاة ، ولما يتطلبه هذا الواقع في حياتنا اليومية، وكذلك عرضا لحلول نجدها في ديارنا في ظلال الإسلام لمشاكل تصادفنا او قد تصادفنا في المستقبل، ان القيادة في بلادنا وعلى اعلى المستويات متمثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وحكومتنا الرشيدة، وعلمائنا، ودعاتنا الافذاذ، وشعب المملكة الأبي، قد وضعوا الهدف السامي للدعوة نصب أعينهم، وكرسوا حياتهم لذلك ابتغاء مرضاة الله، وطمعا بالفوز برحمته ، ولايسعنا الا ان نزجي الشكر والتقدير لمقام وزارةالشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وعلى رأسها معالي الوزير العالم الشيخ الدكتور/ عبدالله بن عبد المحسن التركي، ومعالي نائبه الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ على حسن تنظيمهم لمثل هذا اللقاء الخير، الذي شرفه صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية - حفظه الله - وشارك فيه كوكبة كبيرة من العلماء، والمشايخ، والدعاة الذين يمثلون الصفوة في المؤسسات الدينية في بلادنا، لقد خرج الجميع صغاراً وكباراً مسرورين فرحين بهذا اللقاء لقاء الصراحة والوضوح ,, وشكرا للوزارة حسن تنظيمها ورعايتها لمثل هذه المناشط التي تجمع بين الراعي والرعية في جوانب البر والتقوى والله من وراء القصد.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved