الحمد لله الذي خلق آدم من سلالة من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، أحمده سبحانه المنزه عن الوالد والولد، وعن الشبيه والنظير، وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الخلق ليعبدوه ويطيعوه ويوحدوه، لا يريد منهم رزقا ولا يريد منهم أن يطعموه إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، امام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وأكثر الأنبياء أمة وأرفعهم درجة، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها الناس,, اتقوا الله الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، خلق الله آدم من تراب وخلق حواء من ضلعه وقال لعيسى كن فكان في بطن مريم فولدته من دون ذكر، وخلق ذرية آدم من ذكر وأنثىيأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
ومن هنا أمر بأن يكون التناسل بين بني آدم على طريق الزواج الشرعي ليعرف الولد أباه وأخته وأخاه، وجده وعمته وأدناه الذي هو أدناه، وليعرف من تحل له من النساء ليتزوجها ومن تحرم عليه بنسب أو سبب ليتجنبها ويتباعد عنها، وامر الله سبحانه أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يبادروا بتزويج من لا زوجة له، ولا زوج لها، قال تعالى:وأنكحوا الأيامى منكم والصلحين من عبادكم وإمائكم .
فالمباردة إلى الزواج الشرعي أمر محبوب لدى الشريعة لغض البصر، واحصان الفرج، وتكثير أمة محمد بالنسل، وخص الرسول صلى الله عليه وسلم الشباب والشابات لوجود الشهوة وقوتها فيهما غالبا، وإلا فهو أمر للشيب كما هو للشباب فقاليامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ثم بين الشرع أن الزواج قد يكون سبباً لغنى إذا قصد فيه النية الصالحة، ولهذه الأهداف السامية قال تعالى: ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله، والله واسع عليم وبين علاج من لم يستطع المهر او النفقة بأن يصرف همته بعبادة الله من الصيام وسائر الطاعات وليطلب العفة الى ان يغنيهم الله قال تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله وقال صلى الله عليه وسلم من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وليجتهد الذي يريد الزواج على أن تكون ذات دين، وأن تكون ذات ود وولادة، ويعرف ذلك بأن نساءها أهل ود ومعروفات بالولادة،قال صلى الله عليه وسلم:تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة وقال رجل من الصحابة: لا أتزوج النساء يريد التفرغ للعبادة وقال آخر أصوم ولا أفطر وأصلي ولا أنام: فقال عليه الصلاة والسلام إني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني .
أيها المسلمون,, حببوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم إلى نفوسكم ونفوس بنيكم وبناتكم بأن ترغبوهم في الزواج وأن ترفعوا عنهم التكاليف، والشبح المخيف، والمؤن وذلك بالتسامح حينما يطلب الكفء في الدين والأمانة.
قال صلى الله عليه وسلم:إذا أتاكم من ترضون دينه وامانته فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وليأخذ ولي البنت ماتيسر ليصلح به من شأنها ويقضي لها شيئا من حاجتها الزوجية ويدع ما تعسر ولا يحتقرمن ليس بيده مال فإن الله سيحقق وعده (وإما ئكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله فكم من غني أصبح فقيرا وكم من فقير أصبح غنيا، أما علمتم أن البركة فيمن خفت مؤنتها وتكاليفها، سئل النبي صلى الله عليه وسلمما أعظم النساء بركة؟ قال أيسرهن مؤنة .
فخففوا الولائم الباهظة التي تصل إلى حد الاسراف مما مآله إلى الفساد والضياع والنفقات الطائلة التي ترهق الزوج فتقف أمامه عن الاقدام على الزواج، وبذلك يكثر العزاب من البنين والبنات.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:إني تزوجت على أربع آواق، قال: كأنما تنحتون الفضة من الجبل، وقال صلى الله عليه وسلم: لو تزوجت امرأة بملء يدها من الطعام لحلت له , وتزوج رجل على نعلين.
أما نئتمر ونرغب بهذه السنة ونتأسى بقدوة هذه الأمة، أما نريد ما يريدون من العفة وكثرة الأولاد وتزوج البنين والبنات عن بقائهم عزابا، وقد قيل مسكين رجل بلا امرأة وامرأة بلا رجل.
فاتقوا الله أيها الشباب والتزموا بتوجيهات رسولكم ومعلمكم، واقبلوا على الزواج عصمة وعفة لكم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيمومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
* عضو هيئة كبار العلماء