الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فان للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - مزايا تميز بها عن غيره وهذه المزايا انما اتت بفضل الله سبحانه وتعالى على هذا العالم ثم بفضل حرصه على اتباع نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، ولم يكن - رحمه الله - معارضاً لها برأي ولا مصلحة ولا بقول رجل، بل كان - رحمه الله - متقيداً بهما في اصدار الفتاوى وتقرير المسائل والاحكام، مع علمه بواقع المسلمين، وواقع من يسأله وواقع الحالة التي يسأل عنها، فلم يكن - رحمه الله - بمنأى عن الحال التي يعيشها المسلمون في مشارق الارض ومغاربها.
والذي يتتبع لفتاوى الشيخ يراها دائماً مقرونة بالدليل واحياناً كثيرة يبين وجه الدلالة ويفيد السائل بما هو اصلح له، ان اقتضى الحال ذلك.
وتتميز فتواه بالاعتدال والالتزام والوضوح، فلم تكن يضرب من ورائها الطبول، ولا يبنى عليها القصور، ولا هي التي تستحيلها العقول، ولا يفهم منها المقصود، ان منهجه - رحمه الله - هو ايصال الاسلام الى المسلمين واضحاً شاملاً صافياً فهو في الوضوح سبق، وفي الشمول فاق ، وفي الصفاء ساد، لم يكن - رحمه الله - ممن يغور في الكلام ويأتي بالعبارات المستعصية برغم انه كان - رحمه الله - بحراً في النحو عارفاً باللغة والاداب، بل كان يأتي بأبسط الكلمات وأسهل العبارات حتى يفهم السائل، ويدرك القارئ، فعلمه في متناول الجميع يقرأه العالم فيستفيد منه، ويطلع عليه طالب العلم فيستنير فيه، ويقف عنده العامي فيسترشد به.
لم يكن الشيخ - رحمه الله - بعيداً في تعليمه عن افهام الناس، ولم يكن يعدل عن اسهل العبارات الى اصعبها ليرى غيره مدى تمكنه من اللغة والادب، لانه يعلم ان هذا لا ينفعه عند الله ولا ينفع الناس ايضا، انما الذي يبقى على مر الايام والاعوام الحق الواضح الجلي الخالي من الغموض والتعقيد.
وكل ذلك ناتج عن اقتدائه بما كان عليه السلف الصالح، فقد كانوا قليلى الكلام ولكن علمهم واسع غزير، ومن جاء بعدهم من الخلف غير المقتدين بهم انما لديهم الكلام الكثير والجهل الوفير وفي النهاية يخرج المطلع على كلامهم بالعلم القليل بعد ان تمر عليه السنين!
رحم الله ابا عبد الله فقد كان سهلاً في قوله وفعله، واضحاً في منهجه وطريقته، رحمه الله واسكنه فسيح جناته، آمين
* المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة حائل