Saturday 5th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 21 صفر


فن الديكور تراث إسلامي

عني المسلمون منذ القدم بفن التجميل الداخلي، أو الديكور كما نطلق عليه اليوم, وحظي هذا الفن في العمارة الاسلامية بأهمية كبيرة حيث برع الفنانون المسلمون في زخرفة المباني من الداخل، فزخرفوا الجدران والأسقف والأرضيات واستخدموا العديد من المواد في الزخرفة كالجص والزليج والخشب، وهكذا ساهم فن التجميل الداخلي لدى المسلمين في خلق جو من الراحة والسكينة للساكنين، وربما كان اهتمام المسلمين بفن الزخرفة الداخلية نابع من تركيزهم على الفراغات الداخلية بالمقارنة مع الواجهات الخارجية, لذلك يغلب على العمارة الاسلامية طابع التجريد من الخارج والثراء الزخرفي في الداخل.
ولم يكن اهتمام المعماريين المسلمين بالزخرفة لمجرد الزينة والامتاع البصري بل كانوا يسعون أيضاً إلى الاستخدام الامثل لعناصر المبنى وأسطح الجدران, على سبيل المثال، استخدمت الفراغات بين الدعائم الجدارية لتصبح خزانات وكتبيات وأرفف واستخدمت الحبوس في عمارة نجد والمصاطب في العمارة المملوكية للجلوس.
تفاعل فن التجميل الداخلي مع تقنيات المعمار الأخرى من إنشاء وتهوية وإضاءة بحيث جاء مكملاً لها, فلم يخل الهيكل الانشائي أو وسائل التهوية والانارة من تدخل هذا الفن فيها ليضفي عليها جمالاً يخرجها من كونها حلولاً عملية بحتة، ويكسبها نسباً وألواناً وأنماطاً تقربها إلى طبيعة الانسان وقيمه.
تفنن الحرفيون في إدخال الضوء إلى المباني عن طريق المشربيات الخشبية، واستخدمت نوافير المياه لتلطيف الهواء وظهرت المقرنصات.
وعندما تفككت الدولة الاسلامية لم يستطيع هذا الفن، أو الفنون الأخرى أن تصمد أمام الغزو الثقافي والتقني الغربي لدول العالم أجمع، وسادت مجتمعاتنا أفكار خاطئة عن فن التجميل الداخلي فاعتقد الكثيرون أن هذا الفن هو فن وافد علينا من الغرب، حتى أصبح يعرف الآن بالاسم الغربي له: فن الديكور.
ولقد أثرت هذه المعتقدات الخاطئة على الفن تأثيراً بالغاً فعلى الرغم من أنه جزء مهم من تراثنا وحضارتنا، نجد أننا قد أهملناه تماماً في التعليم الجامعي، بحيث تكاد تخلو الجامعات من تخصصات التصميم الداخلي.
وعلى المستوى المهني مارس الكثير من المصممين النقل الحرفي للديكور الغربي زخرفة وفرشاً وامتلأت متاجر المفروشات بالأثاث الغربي الذي لا يتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا.
وأهمل التنسيق والتفاعل المطلوب بين المكاتب المعمارية ومكاتب التصميم الداخلي بحيث اختفى التكامل بين الفنون, تارة تجد بناء عربي الطابع زخرف بزخارف غربية وتارة تجد بناء ذا طابع غربي زخرف بزخارف عربية,,كما يسود الاعتقاد بأن هذا الفن هو نوع من البذخ والاسراف الذي يقتصر على الأغنياء وذوي القدرة المالية.
لابد من الاشارة هنا إلى أن التصميم الجميل والممتع ليس بالضرورة ذلك التصميم البذخ الذي لا يترك بقعة من البيت إلا ويملؤها بأنواع الزخارف.
هناك حاجة ماسة لضبط النفس في هذا المجال، فكما تستمتع العين بالأنماط الهندسية والألوان المتنوعة والتشكيلات المتداخلة، تحتاج العين إلى مناطق هادئة تستريح فيها, وتأتي المتعة هنا من التباين بين المناطق البسيطة الهادئة والمساحات المزخرفة الأخاذة, مثلاً إذا فرشت الأرضيات بالسجاد المنمط يفضل أن يترك السقف بسيطاً، والعكس صحيح، كذلك الجدران، لا بأس من زخرفة بعضها ولكن حينئذ لابد من ترك مساحات منها بلا زخرفة, وربما كانت البلاغة في التصميم الداخلي أقرب إلى الاقتصاد منها إلى الاسراف.
ولكي تتوحد جهود المصمم الداخلي بالنجاح يحتاج الأمر إلى تنسيق وتبادل للرأي مع صاحب المشروع بحيث يتعرف المصمم على أسلوب حياة الساكنين وطريقة استعمالهم للفراغات وما يرتاحون إليه من ألوان وأنماط وزخارف,,ولعل ما يرمي إليه المصمم الداخلي هو البحث عن العناصر التي تحقق تجانساً فنياً متكاملاً وتوفر بيئة داخلية متوازنة من حيث اللون والزخارف والاضاءة والمواد المنتقاة لسائر أنحاء الفراغ, إذ إن كل فراغ يتطلب معالجة فنية ورؤية خاصة به، تعبر عن شخصية المكان ومستعمله.
(البناء)

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ملحق المفروشات
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved