Saturday 5th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 21 صفر


رؤية اقتصادية
النمو الاقتصادي لدى سماحة الوالد ووالد السماحة
الدكتور/ محمد بن عبد العزيز الصالح

لقد اصبح الحديث عن والد السماحة وسماحة الوالد وامام العصر ومجدد الدين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وعن مآثره وصفاته وجهده وجهاده مهما كان مكروراً فانه لا يمل وان استمر والاضافة اليه من العامة غير الملاصقين لجنابه الكريم اصبحت نادرة, ولدينا يقين ان الكثير ممن عرف هذا الامام المعجزة عن قرب لم نسمع منه او نقرأ له وقد يعذر لانه لن يصل الى ما يشفي ويكفي مهما اوتي من بلاغة الحديث ورصانة العبارة وجودة المفردات, وبما ان جوانب سماحته المضيئة رحمه الله لا تحصر، وصفاته الكريمة هي صفات الصحابة والسلف الصالح والأئمة والعظماء من الرجال وجهده وجهاده رحمه الله هو هدف من لا يرى ان الدنيا هدف وان الاخرة هي دار القرار.
وما دام الحديث موصولاً عنه رحمه الله فان الاولى استعراض صفاته ومآثر حياته التي تفرد بها عن غيره في وقت كثر فيه اهل الدين ولله الحمد واهل البذل والعطاء واهل الزهد والتقى من يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة, ولوجود من صدقوا ما عاهدوا الله عليه فكان له رحمه الله تميزا في كل جانب وتفردا في كل مسألة, وما نزمع الحديث عنه في هذه العجالة الناحية الاقتصادية في حياته رحمه الله ولأننا لن نغطي من ذلك ما كان عليه رحمه الله فان المجال مفتوح لاشباع هذه الناحية الهامة من حياته, كذلك ندعو الى الكتابة المتخصصة لانها السبيل الى ابراز محاسن ذلك الامام الذي ندين الله تعالى بمحبتنا له ليس فضلاً منا ولكن تيسيرا من حكيم عليم، احبه الله تعالى فأحبته الملائكة ونزل حبه في قلوب خلق الله على مختلف اصنافهم واجناسهم وجنسياتهم وكأنهم الباحثون عن هذا الحب، انها المحبة في الله تدوم حتى ينتهي عمر المحب وتزداد عند انقضاء عمر الحبيب فهنا بلاغة المحبة تتضح وصدقها يظهر وعمقها يتجلى، انها المحبة التي نشأنا عليها وتشرفنا بحملها وتشربتها قلوبنا حتى اصبحنا لا ننفصل عنها وكأنها خلقت معنا فقد اقترن حب سماحته مع ماللوالدين من حق وواجب.
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوده ابوه
وعودة الى الناحية الاقتصادية في حياته رحمه الله حيث شكلت سنوات عمره العملية التي تزيد على ثلاثة وستين عاماً منذ عام 1357ه عندما عين رحمه الله قاضيا في الخرج ملامح اقتصاد خيري وضع الله تعالى مسؤليات ومهام ذلك الاقتصاد وتلك الانفاق واسباب وسبل نموه وجعلها في امكان كل راغب الى ذلك سبيلاً ولكنه التفرد والتميز الذي حظي به سماحة الامام بعد توفيق الله وساعده عليه اهل الخير من حكام ومحكومين واصحاب المال والاعمال ومعه نمت مفردات اقتصاد خيري واستثمار اخروي وثمة سبب رئيسي لهذا النمو وهو الثقة في هذا الاستثمار وفي وسيلته والقائم عليه وهو مادفع المساهمين الى الاسراع في بذل صدقاتهم وزكوات اموالهم وتبرعاتهم حيث بدأت بالآلاف وانتهت بمئات الملايين سنوياً.
لعل النظرة الاقتصادية لنمو الاستثمار الاخروي في يد سماحته مع ما لذلك من الاجر لاطراف ذلك الاستثمار فالحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة قال تعالى :مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضعف لمن يشاء والله واسع عليم سورة البقرة اية (261) وقال تعالى: الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا اذى لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون سورة البقرة آية (262) وقال تعالى ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة اصابها وابل فآتت اكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير سورة البقرة آية (265) تستلزم على من يملك القدرة العلمية والعملية ان يخصص لها دراسة دقيقة ومتأنية ومدعومة بالارقام والاحصائيات حتى تكون نتائج هذه الدراسة ديدنا ونبراسا لكل راغب في السير على هدى والدنا رحمه الله وكيف استطاع سماحته ان يوجد من القليل كثيرا ومن الكثير قليلا, فقليل المال يكفي ببركة الله الكثير من الناس والكثير من الناس يتوفيق الله يكفيهم القليل الدائم وهو خير من الكثير المنقطع فالقطر الدائم تعشب به الارض والفيضان قد يخلف الجفاف.
ان المستثمر ان وثق باقتصاد دولته ومتانته وارضيته الصلبة التي ينطلق منها وسبل الاستثمار فيها وحماية ماله من العبث واستثماراته من الإساءة قاده ذلك الى الدخول للاستثمار بكل ما يملك رغبة في عائد ربحي مضمون نتيجة للاسباب المذكورة سالفاً, كذلك فان الثقة في اقتصاد اي دولة يقود المستثمر الاجنبي عنها الى الدخول برأس مال كبير في ذلك وتقوده نفس الرغبة التي تقود المستثمر الوطني بعد توصله الى اسباب النجاح في ذلك الاقتصاد وهذا هو اقتصاد والد السماحة رحمه الله والفرق في نوع الاستثمار فقط فذاك دنيوي وهذا اخروي ولكل منهما الاجر والثواب إما مقدم او مؤخر وبهما معاً.
اننا حين نذكر النمو الاستثماري الاخروي لسماحة المجدد رحمه الله نذكر شقى النمو فالاول النمو في عدد المستفيدين من ذلك والثاني النمو في موارد هذا الاستثمار ونمو الشق الثاني يقود بلا شك الى نمو الشق الاول.
فموارده رحمه الله خاصة وعامة، داخلية وخارجية، نقدية وعينية وما كان لهما ان تكون وتنمو لو لا توفيق الله لهذا المعجزة المخلوق فظاهره يصدق باطنه، وباطنه يوضح ظاهرة ومن هنا كانت المصداقية والثقة فقد عاهد الله وصدق فحدث النماء لهذا الاقتصاد وتحقق الربح وحلت رحمة الله ورضوانه لطرفي الاستثمار الاخروي وهذا مصداق للآية الكريمة من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا الاحزاب آية 23 .
وبدون شك فان التحريات والتحفظات والدراسات التي يجريها سماحة الامام رحمه الله على مفردات اقتصاده قادته الى استمرار نموها وازدهارها فهو يتحرى في مدخلات الاقتصاد الاخروي فلا يقبل الا الطيب من المال ولا يستجلب الا الطاهر من الكسب مصداقا للقول الكريم يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون الآية البقرة 267 ولهذا كانت صلابة المنطلق والارض الصالحة للاستثمار وهذا بدوره ادى الى نمو الاقتصاد الشخصي للمساهمين مع سماحته مع اقتصادهم الاخروي فالزكاة والصدقة الصالحة تزيد المال ولا تنقصه حتى اصبحوا ولله الحمد مشاركين في راس المال الوطني لدولتنا ومحددين لسياساتها الاستثمارية وعليهم يعول في الكثير من المشاركات الوطنية والاسهامات التنموية.
ان ملامح اقتصاد سماحة المجدد رحمه الله محققة لتوازن شقي المعادلة (العرض والطلب)فليس لدى سماحته انكماش او تضخم في مفردات ومدخلات اقتصاده الاخروي فالكل ينتفع من ذلك ان قل او كثر فالقليل مبروك والكثير مشروك وهو كبئر زمزم لا ينقص مرده مهما زاد شاربه كذلك فان توزيع وتعدد قنوات الاستفادة من موارد الخير الاقتصادية التي تصل الى سماحته ساعدت في رفع الكثير من المعاناة وسبل الحاجة فالأيتام والأرامل والفقراء والمساكين والراغبين في الزواج ومن لم يجدوا مأوى او مسكنا وبناء المساجد وحلقات تحفيظ القرآن والقائمين عليها وطلبة العلم والمشافي في قارات اسيا وافريقيا والمنكوبين من الزلازل والفيضانات في العالم الاسلامي والجمعيات الخيرية الداخلية والخارجية والدعاة في اقطار العالم وغير ذلك انها المعجزة الإلهية التي منحها القوي العزيز لسماحة والدنا رحمه الله في شمول فضله وعموم اهتمامه وزكاة نفسه هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم المائدة 119.
لقد قيض الله لسماحة المفتي رحمه الله من يشد ازره ويدعم توجهه ويساند دعوته ويزيد موارده ويمكنه من القيام بتلك المهام الجسام خير قيام، فالدولة الكريمة اولت سماحة الامام وجهده وجهاده ودعوته وانفاقه اهتماما لا ينكر ولها من الله الاجر والمثوبة ولولا توفيق الله لها ثم دعمها ومؤازرتها لاصاب تلك الجهود الكثير من النقص او الضعف، واستشهادا لماكان يحصل لأئمة المذاهب من التعذيب والقسوة والصد عن اداء رسالتهم وعدم تمكينهم منها لشاهد حي مقارنة لواقع الحال وما قامت به الدولة الرشيدة والحكومة السديده من نصرة ودعم ومساندة للامام المعجزة سماحة الوالد عبد العزيز بن باز رحمه الله كذلك ما حصل لفارس السيف والقلم الامام ابن تيميه من التعذيب والاهانة في دعوته السماوية القيمة الجوهرية العقيدة لشاهد اخر مقارن مع واقع حال سماحته رحمه الله.
ان العهد بدولتنا الرشيدة الاستمرار على نهجها الكريم في دعم ومساندة الانشطة الخيرية وحث اصحاب المال والاعمال على استمرار الاسهام في المجالات التي يقصد بها وجه العزيز العليم فقد اقترن اسم المملكة العربية السعودية مع كل نشاط خيري وديني في كل قارات العالم ودخل فضل الدولة الرشيدة كل مسجد ومدرسة ومركز اسلامي في العالم وشمل فضلها آلاف الدعاة والأئمة في قارات العالم اجمع وما كان لهذا الفضل ان يصل لولا تطابق المنهج ووجهات النظر والثقة المتبادلة بين الدولة وسماحة الوالد رحمه الله وغيره من الدعاة والمحسنين.
اننا حين نقرأ سيرة والد السماحة وسماحة الوالد رحمه الله الاقتصادية وحبه للخير وانفاقه في دروبه لا نقصد الحديث عن زهده وورعه لان ذلك مشاهد بل ان صفة الزهد والورع كأنها لم تخلق إلا له رحمه الله كذلك لم يكن الهدف من قراءة تلك السيرة هو اثبات وقائع او مواقف معينة لان الجميع يعرف ذلك عن سماحته ويبقى الهدف في الفائدة والدرس من تلك السيرة العطرة لسماحته وكيف زرع -رحمه الله- الثقة في قلوب الناس فأمنوه على ما امرهم الله به في اموالهم واصبح اقدر من النفس على تلمس السبل وصحة المصارف, ولعلنا اكثر المستفيدين من القدوة الصالحة لسماحة الامام فمن له غيرنا قدوة يسير على هداها ويقتضي اثرها في هذا العصر, انها منحة سامية من العليم العزيز فهل نستفيد من ذلك، انها امل يحدو النفس لنفسها ولمن تحب ولعامة المسلمين اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء ارحم شيخنا وامامنا ومجدد سيرة نبينا واجعله مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء اللهم اجمعنا به وارزقنا جواره مع جوار نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين لهم بإحسان في جنات النعيم انك نعم المولى ونعم النصير.
مواقف كريمة
* ان تاثر دولتنا على مختلف اصعدتها بوفاة سماحة الوالد وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وكافة المسؤولين والمواطنين دليل على ما لهذا الدين واهله من الحظوة فالجميع ابناء فطرة اسلامية سليمة ودليل على ما للمتميزين في هذه الدولة من تقدير وحب يفرح بوجودهم ويحزن بفقدهم.
* توجيه صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبد العزيز امير منطقة الرياض بتسمية شارع البديعة العام الذي يقع عليه منزل سماحة الوالد ومسجده باسمه رحمه الله دليل ايضا على مبادرات سموه لكل واجب وتقديره حفظه الله للعلم واهله ولقد كانت لفتة تذكر فتشكر لسموه الكريم.
* اطلاق اسم سماحة والدنا رحمه الله على مدرسة ثانوية شمال الرياض وتوجيه معالي وزير المعارف بتدريس سيرة سماحته للابناء في مدارس التعليم العام هو لفتة كريمة من معاليه وهو بدون شك يستقي هذه الفكرة من تقدير دولتنا لسماحته رحمه الله وعلمه وجهده وجهاده وهذا دأبها ودائما مع كل المخلصين والمتميزين من رجالاتها.
مخاطبة ادراة نادي الهلال للرئاسة العامة لرعاية الشباب بالموافقة على اطلاق اسم المغفور له الشيخ عبد العزيز بن باز على مسجد النادي وكذلك انشاء مكتبة خاصة باسمه لهي خطوة تسجل لهذه الادراة الراقية برئاسة سمو الامير الرائع بندر بن محمد.
اخيرا لا يزال الامل موصولا ببقية اجهزة دولتنا الحكومية في اطلاق اسم سماحة الوالد على مواقع خاصة باجهزتهم عرفانا من الجميع بدوره الاعجازي الذي طال الجميع نفعه وشمل العامة والخاصة فضله.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
ملحق الدعوة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ملحق المفروشات
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved