الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وعلىآله وصحبه ووفده وبعد:
ففي فجر يوم الخميس السابع والعشرين من شهر الله المحرم لعام 1420ه، رزىء المسلمون، وانتقصت ارضهم، بعد ان هوى نجم الامة الساطع، وكوكبها اللامع، الإمام شيخ الاسلام، القدوة الحافظ، علم الاتقياء، محيي السنة وقامع البدعة، شيخنا وامامنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز-رحمه الله-,وعلى مثله تبكي العيون حقاً، وعلى فقده تتفطر القلوب والافئدة، كان -رحمه الله- امة في رجل، ورجلا في امة ,عرفته كما عرفه غيري بالشفقة على هذه الامة، والنصرة لهذا الدين، والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، عرفت سماحته منذ زمن بعيد، وامد طويل، فرأيت فيه الاب الرحيم، والشيخ الكريم، والعالم المسدد جمع اشتات المكارم، وتحلّى بفضائل الاخلاق، فهو بحق أئمة في امام,لقد عرفته - وعرفه غيري- رقيق القلب، قريب الدمعة، نقي السريرة، طاهر الفؤاد،صافي الروح حلو الموعظة، كريم الخلق، باسم المحيا، ذكّاراً شّكاراً، صوّاماً قوّاماً، عذب الحديث، هيناً ليناً، متواضعاً مخبتا لله لايحقد ولايحسد، ولايتكلف ماليس عنده، يده بالعطاء ندية، وبالخير سخية، فهو بحق مجدد هذا العصر ، وغرة هذا الزمان، وحصن الفضيلة، وسيف الاسلام المنافح عن عقيدة التوحيد، والذابّ عن حياض السنة والدال الى رياض الجنة والايمان، والمكافح ضد البدع والمنكرات، واذا ذكر الصالحون فرحم الله سماحة امامنا وعالمنا وشيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز.
لا اقول مثل هذه الكلمات اغراقاً في المدح، او غلواً في الرثاء، بل هي حقائق صادقة، بالحق ناطقة، يعرفها كل من عاشره وعاصره، وعرفه عن قرب، وسبره عن كثب.
لقد فقدناه، ونحن احوج مانكون اليه والىمحصول علمه الذي قضى في تحصيله وتحقيقه ونشره وتعليقه قرابة تسعين عاماً, فقدناه ونحن احوج مانكون الى نضج عقله وسلامة تفكيره ودلالة نظره، فقدناه رجلاً لايكاد يعرف الناس له شبيهاً ونظيراً في اصالة معدنه، وطهارة ذيله، وجودة رأيه، ورباطة جأشه، وعفة نفسه ،وغزارة علمه وعمله فإنا لله وانا اليه راجعون,وان مما تسلى به النفس تشييع الملايين له الذي يدل دلالة قاطعة على وعي هذه الامة وتقديرها للمخلصين من رجالها، وللعلماء العاملين بعلمهم من ابنائها، وانه لشاهد عدل، ودليل صدق على صلاحه وورعه، وصلابة دينه، نحسبه كذلك ولانزكي على الله احداً، وانه كان ممن طال عمره، وحسن عمله.
هذا بعض مانفح به الخاطر عن سماحته، ولقد وفقني الله بفضل منه وجود واحسان، الى تأليفي عن حياة سماحته بمجلد كبير وسمته بالانجاز في ترجمة الامام عبدالعزيز بن باز حياته وجهوده العلمية والعملية والدعوية وآثاره الحميدة تطرقت فيه الى كل جوانب حياته وتعليمه ودعوته، وهو مطبوع على نفقة صاحب السمو الملكي الامير/ عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود- وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء، اجزل الله له الأجر والثواب على ذلك وغيره من المحسنين الكرام، فالحمدلله على قضائه وقدره، حلوه ومره، رحمك الله ياشيخنا وأسكنك الجنة دار القرار، ومنزل الابرار والحمدلله وإنا لله وإنا إليه راجعون .
عبدالرحمن بن يوسف بن عبدالرحمن الرحمة