الله أكبر,, ما أشد المصيبة وما أعظم الخطب الذي ألم بنا بوفاة والدنا وحبيبنا وقرة أعيننا الشيخ عبدالعزيز بن باز, لاول مرة أشعر اني عاجز عن الكتابة والتعبير,, أحاول أن أعزي نفسي بوفاة والدي فتخونني يدي ويمتنع قلمي, كل ما استطعت فعله في تلك اللحظات هو ان اطلق العنان لتلك الدموع الحرّى والنحيب الذي لا يريد ان يتوقف، والشهقات المتواصلة التي لا تريد ان تهدأ.
حقا ان موت العلماء لفاجعة وخسارة كبرى لا تعوّض ومصيبة عظيمة لا تنسى بسهولة، فما بالك بعالم جليل وكبير احبه الناس واصبح في سويداء قلوبهم كأبي عبدالله؟!
يا الله,, ما زلت أتذكر وكأنني الآن بعض حلقات الذكر التي كان يقيمها والدي رحمه الله والتي كنت وغيري نحرص عليها, وننصت إليها ونحن مبهورون بالعلم الغزير الذي لديه,, وما زلت اتذكر مشاهد الجموع الغفيرة من طلبة العلم التي تأتي من كل مكان للسماع إليه والاستفادة من علمه الغزير الذي انعم الله به عليه.
نعم أقول ابي لانني لم أشعر نحوه يوما إلا بعاطفة الابوة ومشاعرها فلقد كان أبا حنونا وانسانا غيورا على دينه ومعلما ناصحا.
نعم لقد عرفناك يا أبي مربيا فاضلا وعالما ورعا وقاضيا عادلا.
عرفناك إنسانا كريما هماما جوادا شجاعا في قول الحق ومدافعا عنه, لذا لا غرابة ان نبكيك بحرقة ولا غرابة ان نهتز لفقدك لان ما أوجدته فينا من حب وما علمتنا اياه من علم لابد ان يكون هذا هو رده الطبيعي.
بكينا كثيراً لفقدك اكثر من بكائنا لفقد احبتنا، بكيناك حينما سمعنا خبر رحيلك وبكيناك حينما تذكرنا مآثرك، وبكيناك حينما سمعنا عن مرضك ودعونا لك بالشفاء وبكيناك اكثر وأكثر حينما رأينا هذه الجموع الغفيرة تصلي عليك وتدعو لك بالرحمة وتجهش بالبكاء والعويل بفقدك وخسارتك وغيابك.
فيا أبي وحبيبي، بكاك كل من عرفك عن قرب وعن بعد, كل من رآك او سمع عنك وعن مآثرك العديدة وتواضعك الجم وعطائك اللامحدود.
ان محبتنا كبيرة وغالية ولو كان البكاء والأدمع تكفي لتعبيرنا عن محبتك لبكينا وبكينا رغم علمنا ان كل من عرفك وسمع عنك بكاك بحرقة وسوف يبكيك حينما يتذكر لحظات فقدك.
تبكيه مكة والمشاعر كلها وحجيجها والنسك والإحرام تبكيه طيبة والسهول ومن بها وعقيقها وجبالها الاعلام تبكيه كل الارض حزنا واشتياقا غربا وشرقا أمة الاسلام |
فكم كان تأثري شديدا وبالغا حينما رأيت امام المسلمين وولاة الامر هم من يعزون فيك بأنفسهم، لأنهم يقدرون العلم ويجلون اهله,, ويعرفون فضائلك وحسن مناقبك.
يكفيك يا أبي وقرة عيني تلك الجموع التي صلّت عليك صلاة الغائب في كافة انحاء المعمورة، يكفيك هذا الحب الصادق منا نحن ابناءك ويكفيك هذه الدعوات التي انهالت ومازالت تتواصل من كل انسان عرف سماحتك وأدرك فضلك وخلقك الرفيع.
عزاؤنا فيك كبير يا أبي ومصيبتنا أكبر ولكن حسبنا ما خلفته لنا من علم وكتب وفتاوى وأثر طيب سوف يظل في نفوسنا بإذن الله تعالى.
رحمك الله يا أبي رحمة واسعة، ونسأل الله ان يكتب ما قدر من اعمالك في ميزان حسناتك وان يعوض المسلمين عنك خيراً وان يلهمنا ويلهم الامة الصبر والسلوان فيك أيها الفقيد الغالي يا أبي أنت وأمي وإنا لله وإنا إليه راجعون .