إن السياحة يمكن تعريفها بأنها الانتقال من بيئة الإنسان ومحيطه الدائم إلى بيئة أخرى من أجل العظة والعبرة، والتعليم والترفيه، وصرف المدخرات .
إن السياحة إذن تربية لأنها تعلم الإنسان عدداً من الخصال الحميدة.
ففيها يجدد الإنسان محيطه، ويحرك أسلوب حياته بتغيير يجعله يعود بعدها بروح جديدة تمكنه من المزيد من النشاط والعمل، لأن البقاء الدائم يشبه الركود، والماء الراكد يأسن.
وتغيير المكان يجعل الفرد يطلع على أشكال جغرافية غير التي اعتاد العيش بين جنباتها، إذ سيرى جبالاً ووهاداً وأدوية وسهولاً وأنهاراً وجنات، أو يرى نقيض ذلك تماماً، وفي كلتا الحالتين زيادة علم ومعرفة، وفي ذلك توطين للنفس على أسلوب التعامل مع هذه الأبعاد الجغرافية الجديدة.
وفي سبيل الانتقال إلى البيئة المقصودة للسياحة سيتعرف الإنسان على أساليب للمواصلات جديدة، فهناك مطارات متعددة التصاميم، وطرق شقت في الجبال، فهي غير طرق الصحاري، وغير الطرق الزراعية وهكذا.
وسيعرف من خلال ذلك أنواع الطائرات، وأساليب الخدمة، وطرق التعامل مع السائحين، مما ينبىء عن تقدم البلاد المقصودة، أو تخلف أساليبها.
كما سيؤدي ذلك إلى قياس رغبة البلاد المقصودة في ضيوفها القادمين إليها، أو خلاف ذلك من خلال أسلوب التعامل.
ففي البلاد السياحية نجد أسلوباً لدى ساكنيها يختلف كثيراً عن أسلوب ساكني البلاد غير السياحية, لأن أولئك وطنوا أنفسهم على استقبال الناس، والترحيب بهم، وإراحتهم والاستفادة منهم.
وسيؤدي العمل السياحي إلى اختلاط السائح القادم من بيئة مختلفة باناس في الموقع السياحي المقصود حيث تتكون صداقات جديدة وعلاقات قد تنتهي إلى زواج فإنجاب، فاختلاط عائلي مشروع.
وقد تؤدي السياحة إلى إقامة علاقات تجارية ينتهي بعضها إلى نجاح اقتصادي كبير، وقد يؤدي البعض منها إلى كارثة محققة، أو كوارث متراكمة، وكل ذلك يعتمد على درجة الاندفاع، أو التروي.
وقد تؤدي السياحة إلى تغيير جذري في نمط الحياة، فقد يتغير المسار الدراسي من النقيض إلى النقيض نتيجة رحلة سياحية.
وقد تؤدي السياحة إلى تغيير نمط العيش، إذ تبين للسائح أن نمطاً مناسباً يمكن اقتباسه لم يكن متيسراً التعرف عليه لولا السياحة، أو قد يتبنى السائح أسلوباً للعيش أعجبه في هذا البلد أو ذاك، وهذا أحد أهداف التربية.
ولقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات (الحج 28).
حيث ان رحلة الحج هي أسمى رحلات السياحة، بالمعنى السامي لها وهو العبادة، وفيها شهود للمنافع.
وقد تؤدي السياحة إلى تغيير مكان الإقامة بحيث يعجب السائح بالجو، أو بالمحيط المعيشي، أو المحيط الجغرافي، أو المحيط الاجتماعي، فيقرر الاستقرار في المكان الذي أتاه سائحاً.
إذا تم من هذه التحولات شيء فإن ذلك قمة النجاح السياحي بالمقاييس التربوية المحددة، إذ سبق القول بأن التربية تسعى إلى إحداث تغيير في الانسان والبيئة