في كل يوم نسمع او نقرأ أو نشاهد عبر وسائل الاعلام المتعددة والمتنوعة اخبارا عن احتفال او ندوة او محاضرة او امسية شعرية تشير الى هذه المناسبة الغالية علينا جميعا وهي مرور مائة عام على قيام المملكة العربية السعودية بلد الامن والامان ويجب علينا ان نأخذ كل جزئية من هذه المناسبة الغالية بالجدية والمصداقية مع النفس والاخرين وان نعطي انفسنا ومجتمعنا حقه وان ننصف انفسنا بتميزنا الحضاري والقفزات التي يعجز التاريخ القديم او الحديث ان يجد مثيلا لها ولهذه النهضة الجبارة لوطننا الغالي وان نربي ونزرع - اكثر مما هو قائم - في ابنائنا الانتماء الوطني والفداء والتضحية والاعتزاز بما تم وان يكون لديهم الطموح العالي الهمم في الوصول من حسن الى احسن والا يدخل في نفوسهم الاتكالية او القناعة بما كان بل تشجيعهم على المكافحة والبذل والعطاء والاعتزاز بانفسهم كأفراد وبانتمائهم لهذا الوطن الغالي وان نعطي النشء الحقائق الناصعة كلا حسب قدراته ومراحله العمرية وباستخدام الوسائل المناسبة والفعالة للوصول اليهم بكل يسر وسهولة ولكن مجملها يجب ان يخرج لهم بمقارنات بين واقعنا الذي كان قبل التوحيد وقيام هذه المملكة الغالية وحالنا اليوم كأفراد وجماعات ومجتمع والذي بهرنا به العالم اجمع في مختلف جوانب حياتنا الاجتماعية فإذا نظرنا الى الجانب السياسي على المستوى المحلي فإن المساواة والعدالة واعطاء كل ذي حق حقه والشورى هي ديدن هذه البلاد قيادة وشعبا وان نظرت الى منهج مجتمعنا السياسي على المستوى الاقليمي والدولي فهو منهج واضح وصريح يحترم كل المجتمعات ويقوم على التعامل الامثل والسلم والسلام مع جميع الدول ولا يسمح بالتدخل في شئون الدول الاخرى ولا يرضى بتدخلها كذلك في الشئون الداخلية لنا,, واما الجانب الاقتصادي فقد كان منهجا متميزا بحيث استطاع مجتمعنا السعودي استغلال المقومات المتعددة لصالح بناء ونماء هذا المجتمع الذي قفز قفزات شبه خيالية ولم تتحقق الا بالتخطيط السليم وتوظيف قدراته المتعددة باساليب ومنهجيات رائعة ادت الى ان استطعنا ان نوجد البنية التحتية بسرعة خيالية لدرجة اننا ننافس في ذلك الكثير من الدول التي سبقتنا بعقود ان لم يكن قرونا ,, واما التعليم على مختلف مستوياته فهو من المعجزات الاخرى والتي لا يمكن ان تصدق من قبلنا نحن فكيف بمن لم يعايش ويعرف ماضي التعليم وحاضره لدينا وبغض النظر عن الارقام التي تذهل وتعطي مؤشرات صادقة الا انني افضل ان ابسطها بمعايشات ومواقف اجتماعية فلو اخذنا الماضي القريب والنظر لمستوى التعليم فاننا سوف نلحظ نسبا عالية في الامية والجهل في المسلمات وكذلك معارضات للعلم وعدم الفهم الحقيقي له فمن منا لا يذكر المعارضات التي صدرت من الاباء والاجداد للتعليم على مختلف انواعه وخاصة تعليم المرأة والتي وصلت الى حد المواجهة في وقت معين لمنع تعليمها وفي المقابل اليوم نجد ان آباءنا واجدادنا يحاربون الجهل ويحرصون على العلم واهله وينبذون كل ما يعيق التعليم في طريق ابنائهم لا بل ان هؤلاء الاباء والاجداد انخرطوا في مرحلة من مراحل التنمية في المدارس المتعددة لمحو الامية وكافحوا في سبيل العلم والمعرفة وانا شخصيا اعرف معرفة شخصية عددا من الزملاء الذين اعتبرهم اساتذة لي في الحياة والذين كانوا في مرحلة عمرية اميين وقد تأخروا عن الانخراط في التعليم إلا أنهم لحقوا بالركب ووصل البعض منهم الى أعلى الدرجات العلمية والأوضاع الوظيفية العالية مما جعلهم فاعلين في تنمية مجتمعهم ورقيه,, أما الجانب الصحي فهذا الجانب يتضح فيه النقلة بشكل واضح كالجانب التعليمي فمن منا يستطيع ان ينسى ان الكثير من ابائنا وليس أجدادنا كانوا الى وقت قريب يسافرون لبعض الدول العربية للعلاج من أمراض سهلة أو لاجراء بعض العمليات البسيطة ولكن اليوم وصل الجانب الصحي من التقدم ما نضاهي به الكثير من الدول الى درجة اننا نستقبل الكثير من المرضى من بعض الدول وخاصة الدول العربية لاجراء بعض العمليات المعقدة في حين كان آباؤنا يسافرون لهذه الدول نفسها للعلاج من أمور صحية بسيطة جدا في الماضي القريب ومن الأدلة المبسطة كذلك بأننا يوجد لدينا جراحون سعوديون متميزون في مختلف التخصصات بل ومتمرسون في أعقد الجراحات كالقلب والعين والدماغ وكذا اشتهار العديد منهم على مستوى العالم,, وأما الجانب الصناعي والتكنولوجي فقد وصلنا فيه الى أعلى مستوى ممكن حيث تدار معظم أعمال الدوائر بالكمبيوتر ودخلت الصناعة لدينا في مختلف المجالات من عصائر وملبوسات ومستهلكات منزلية وأدوية ومعدات ونقليات كبيرة وغيرها واصبحنا نعايش التكنولوجيا في منازلنا قبل أعمالنا واستطعنا ان ننقل التكنولوجيا نقلا وأعيا بحيث ننقل المناسب لنا وما نستطيع ان نستثمره ونسخره لتقدم بلدنا وما سردته من تقدم في المجالات السابقة ينطبق على الجوانب الأمنية والعسكرية والمهنية والتقنية وكذلك المواصلات ووسائل الاتصال والاعلام، وهذه النهضة الشاملة كانت مراعية لعقيدتنا الاسلامية بل هي سائرة على نهجها القويم الذي هو المرتكز الأساسي لقيام هذه الدولة الفتية والرائدة في قلب صحراء الجزيرة العربية التي كانت قاحلة فتحولت بقدرة قادر الى روضة وساحات عمل ونشاط لا تعرف المستحيل, وختاما آمل من كل الأفراد والجهات الحكومية والأهلية بأن تعطي هذه المناسبة المئوية حقها من الاهتمام وان نجعلها مئوية على صدورنا وفي قلوبنا وعلى أفواهنا وأعمالنا وان نركز على ايضاح ذلك للنشء بمختلف الوسائل والطرق ومن أهمها التعليم الذي أتمنى من وزارة التعليم والرئاسة العامة لتعليم البنات ان تدرس بشكل علمي مناهج التربية الوطنية وتضع هذه المناهج لتخدم الأهداف الحقيقية بصورة فعالة بدلا مما هو قائم من مناهج عن التربية الوطنية والتي لا اعتقد بأنها أدت الدور المطلوب منها بل انني أراها مناهج ومقررات مجوفة لا تحمل من الوطنية إلا اسمها على أغلفة بعض الكتب الدراسية واعتقد بأنها في وضعها الراهن تؤدي دورا معاكسا لما وضعت له,, فكل مائة عام وألف عام ان شاء الله ووطننا الغالي في رخاء وتقدم وأمن وأمان,, وكم كنت اتمنى ان أملك من الموهبة الشعرية نبطية كانت أو عربية فصيحة لأنظم شعرا إلا ان ملكاتي قد خذلتني فأقنعت نفسي بأن الملكات تتعدد وتتنوع فكتبت هذه السطور المتواضعة وتركت الشعر لأهله من منطلق أهل مكة أدرى بشعابها,, والله من وراء القصد والهادي الى سواء السبيل.
عبدالله بن إبراهيم المطرودي
واشنطن