عزيزتي الجزيرة:
يتفق العقلاء على ضرورة استغلال الثروات وكلما كانت الثروات غالية الثمن باقية الأثر كان الدافع للاستفادة منها أقوى، والتاريخ مسرح واسع لصراع الأمم والشعوب للسيطرة على منابع الثروات ومكامنها، بل تقاس كل أمة بمقدار ما تملك من ثروات، والثروة البشرية من أهم الثروات التي تسعى الأمم لحيازتها في الماضي والحاضر، اذ بها تستغل بقية الثروات وهي التي تحول دون ضياع الثروات المادية والمعنوية الاخرى ومن أهم ما نملكه الثروة البشرية من ثروات ضمنية: الثروة الفكرية اي (العقل),وها هو العالم يرصد الميزانيات الضخمة لصناعة العقل وحيازة هذه الثروة ورعايتها، بل يتجلى ذلك في تسابق الدول الصناعية الى شراء العقول والمواهب وربما يصل الحال في كثير من الاحيان الى سرقة العقل، واغتصاب التفكير, ان المادة الخام للعقل المفكر موجودة في جميع المجتمعات بمخلتف طبقاتها على تنوع المشارب الفكرية والنحل الإديلوجية، والمهم ليس وجود تلك العقول فحسب، بل المهم هو استغلالها وصناعة الإبداع فيها، وبقدر ما يكون استغلالها ثروة عظيمة فإن إهدارها خسارة اعظم, ولك ان تتأمل تلك الخسارة الكبيرة التي كاد يسببها ذلك المعلم الذي قام بطرد أديسون (مخترع المصباح الكهربائي) من قاعة الدراسة وقد حكم عليه بالفشل!,وانظر الآن كم ستكون خسارة العالم لو ان أديسون استسلم لذلك المعلم الذي بطرده لأديسون قد اهدر ثروة عقلية عظيمة حولت الليل الى نهار باختراع المصباح الكهربائي,
ان هذا المثال وغيره ليعلن للناس خطورة مصادرة المواهب وتجاهل القدرات وأهمية الثروات الفكرية, وياليت شعري كم من الأفكار الموءودة في مقابر التاريخ؟
واذا علم ما سبق فلا يخفى على المتأمل ان أفكار الأمم وعقائدها وتوجهاتها الفكرية تلعب دورا هاما في صناعة المفكرين او تجاهلهم، والعقيدة الإسلامية أخصب العقائد لزراعة الأفكار ورعايتها وتوجيهها والعقل العربي والإسلامي (كما هو مشاهد) من أفضل خامات التفكير قديما وحديثا, وليس تقدم غيرهم في الانفجار المعرفي الحديث دليلا على ان العقل العربي والإسلامي قاصر عن التفكير ولكن المشكلة في الاستغلال بل الاخطر من ذلك استغلال غيرنا لعقولنا وشراء ثرواتنا العقلية في سلسلة من الحوادث تعرف بهجرة العقل العربي وربما بسرقته والواقع لا يحتاج الى تفصيل.
فما هو دور المربين وغيرهم للحفاظ على العقول المهاجرة التي تتزاحم على مطار المغادرة؟, ومن هنا يبرز دور التوجيه والارشاد الطلابي والمخططين للنشاط اللاصفي في رعاية الموهوبين وتبني قدراتهم العقلية.
صالح أحمد الدقله